السيادة المفروضة وتراجع حلم الدولة الفلسطينية: واقع سياسي يتشكل بالقوة

محمد دراوشه
نُشر: 23/07/25 22:48,  حُتلن: 22:49

بقلم: محمد دراوشه

صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على قانون يرسّخ ما تعتبره “السيادة التاريخية” على الضفة الغربية وغور الأردن، وهي خطوة تثير قلقًا كبيرًا لدى الفلسطينيين والمجتمع الدولي على حد سواء. هذا القرار، الذي حظي بتأييد واسع من معظم الأحزاب الإسرائيلية بواقع 73 عضواً منهم اعضاء منافقين مما يسمى اليسار، يحمل دلالات عميقة تفيد بأن إسرائيل تمحو أي أفق او مستقبل سياسي للفلسطينيين قائم على فكرة الدولة المستقلة، وهو ما يقوض الأسس التي بنيت عليها اتفاقية أوسلو وما تلاها من اتفاقيات، وقرارات الأمم المتحدة.

من الناحية العملية، تُترجم هذه السيادة إلى سلسلة من الإجراءات الميدانية، أبرزها توسيع النشاط الاستيطاني، تقنين أوضاع المستوطنات غير المعترف بها سابقًا، وتكثيف مشاريع التهويد في مناطق استراتيجية كالقدس وغور الأردن. كما أن القرار يعزز سردية إنكار الحق الفلسطيني في تقرير المصير، ويمنح الغطاء السياسي لتجاهل المطالب الدولية بإنهاء الاحتلال.

وفي المقابل، تواجه القيادة الفلسطينية خيارات صعبة ومعقدة في ظل انسداد الأفق السياسي وتآكل الثقة بالعملية السلمية التي توقفت فعليًا منذ سنوات. يبرز في المشهد السياسي الفلسطيني جدل داخلي متزايد حول جدوى استمرار التنسيق الأمني والإداري مع إسرائيل، وهو تنسيق بات يُنظر إليه من قبل فئات واسعة من الشعب الفلسطيني على أنه عبء سياسي وأخلاقي، خصوصًا في ظل الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب. كما يُطرح سؤال جدي حول الإبقاء على الاتفاقيات السابقة، وفي مقدمتها اتفاقية أوسلو، دون مراجعة شاملة للنتائج والمآلات، خصوصًا بعد أن أصبحت هذه الاتفاقيات مجرد نصوص لا تُطبق إلا في ما يخدم الطرف الأقوى على الأرض.

في هذا السياق، تُطرح مبادرات متعددة داخل الأوساط السياسية والفكرية الفلسطينية تدعو إلى إنهاء المرحلة الانتقالية التي كان يفترض أن تقود إلى الدولة المستقلة، والانطلاق نحو رؤية جديدة تتجاوز التعويل على المفاوضات التقليدية، وتسعى إلى بناء أدوات سياسية واقتصادية واجتماعية أكثر استقلالًا. غير أن هذه الدعوات تواجه تحديًا في الموازنة بين السعي لتثبيت الحقوق الوطنية وبين الحفاظ على الخطاب السياسي ضمن الأطر المقبولة دوليًا، دون الانزلاق نحو مسارات قد تُفسّر كتحريض أو تبني لخيارات غير سلمية، وهو ما يستلزم قدرًا كبيرًا من الحنكة الدبلوماسية والتخطيط الواقعي الذي يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية والدولية.

التحرك على الساحة الدولية بات ضرورة، خاصة في ظل اتساع الهوة بين الخطاب الإسرائيلي والموقف العالمي من القضية الفلسطينية. يمكن للقيادة أن تستثمر في دعم المنظمات الحقوقية، واللجوء إلى أدوات القانون الدولي لتثبيت الحقوق الفلسطينية، مع التركيز على أدوات الدبلوماسية الشعبية والضغط عبر المجتمع المدني العالمي.

الواقع الفلسطيني الداخلي كذلك يتطلب إصلاحات جوهرية، من بينها إنهاء الانقسام بين الضفة وغزة، وبناء جبهة سياسية موحدة قادرة على إدارة المواجهة السياسية والدبلوماسية ضمن رؤية وطنية جامعة. وكل ذلك يرتبط بصمود الفلسطينيين على الأرض، حيث أصبح الحفاظ على الهوية والوجود في ظل التهديدات المتزايدة هو المعركة اليومية التي لا تخضع لأي حسابات سياسية مؤقتة.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة