بلادُ العُربِ أم بلاد الرعب والحروب أوطاني؟

أحمد حازم
نُشر: 25/07/25 11:43

لو يخرج الشاعر السوري الراحل المناضل فخري البارودي من قبره، ويرى ما يحدث في الوطن العربي من مآسي وخيانات وتنازلات وصفقات علانية وخلف الكواليس، لأعلن فوراُ للشعب العربي في كل مكان عن اعتذاره له، بسب القصيدة التي كتبها عن بلاد العرب وتبرأ منها.  وقد قال في مطلع قصيدته التي كتبها في منتصف أربعينيات القرن الماضي:

بلادُ العُربِ أوطاني منَالشّامِ لبغدانِ/ ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ.

فلا حدٌّ يباعدُنا ولا دينٌ يفرّقنا / لسان الضَّادِ يجمعُنا بغسَّانٍ وعدنانِ

قد يكون هذا الكلام صحيحاً أيام كتابة هذه القصيدة، وقتها لم تكن إسرائيل على الخارطة السياسية، ووقتها لم تعقد بلاد العرب اتفاقات ذل وعار، ولم تكن اتفاقات ابراهام، ولم تكن سلطة فلسطينية وتنسيق أمني. الشاعر البارودي مرتاح في قبره، لأنه لم ير ما يجري في بلاد يعرب من حروب أهلية أكلت الأخضر واليابس، هي حروب افتعلتها أيادي خارجية لمصالح ذاتية من أجل السيطرة السياسية، حروب قالوا لنا كذباً انها من أجل العدالة وحرية الشعوب، لكنها في الحقيقة عكس ذلك تماماً. هي حروب افتعلها الغرب لتقسيم ما بقي من الوطن العربي:

العراق تم تقسيمه رسمياً الى دولتين: دولة كردية ودولة عربية. وبذلك تم القضاء على النسيج الاجتماعي العراقي. وليبيا لم تعد ليبيا القذافي الذي عمل من يلده بلداً يضرب يه المثل في التطور الاقتصادي والاجتماعي. أما "اليمن السعيد" الذي تغنى به الراحل البارودي فلم يبق فيه سوى التعاسة ويشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم؛ حيث قُتل عشرات الآلاف، ويتعرض الملايين لخطر المجاعة.

والشام (دمشق) التي ذكرها الشاعر في قصيدته، لم تعد في الواقع تلك الشام العروبية التي عرفها الراحل.  فقد ظلت سنوت طويلة وبالتحديد حتى اسقاط بشار الأسد هي وغيرها من أرض سوريا جزءأً من بلاد فارس سياسياً. واليوم يحاول الغرب مع إسرائيل تفتيت سوريا وجعلها كيانات صغيرة.

أما عن مصر ونجد (السعودية) فاللسان يعجز عن التعبير عما وصلت إليه الحالة السياسية فيهما. وكم أنت محظوظ أيها الراحل لأن المنية وافتك قبل أن ترى مصر السادات ومبارك والسيسي، وسعودية محمد بن سلمان الذي أباح المحرمات في بلاد الحرمين. ولذلك كل ما يجري في بلاد يعرب بسبب قادتها يبعدنا ويفرقنا سياسة ودينياً ولم يعد حرف الضاد يجمعنا "بغسان وقحطان" سوى اسماً وليس فعلاً.

قصيدة "بلادُ العُربِ أوطاني" استبدلتها الشاعرة اليمنية آمنة ناجي الموشكي (وهي على حق) بقصيدة "بلاد الحرب أوطاني" تتناسب اسماً ومضموناً  مع ما يعيشه أهل "حرف الضاد" في بلادهم .  وتقول الشاعرة في مطلع القصيدة:"

بلاد الحرب أوطاني/ وأهل الفقر إخواني

ومن بؤسٍ إلى بؤسٍ/ أرى احوال خلاني

لكن الحدود التي قال عنها الشاعر الوطني الراحل  البارودي " لا تبعدنا" وانه كان مقتنعاً بـ " ولا دين يفرقنا وحرف الضاد يجمعنا" تأتي الشاعرة اليمنية لتصف له حقيقة بلاد يعرب في الوقت الراهن بقولها:

"حدود الشؤم تبعدنا/ ودِينٌ ماله ثاني

تناسينا أوامره/ بتهويلٍ وبهتانِ

وصار الضاد مجهولا/ غريبا بين الأوطاني

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة