هدم البيوت… جرح مفتوح في جسد المجتمع العربي

بقلم: محمد دراوشه
نُشر: 31/07/25 18:01

هدم البيوت… جرح مفتوح في جسد المجتمع العربي

بقلم: محمد دراوشه

لم يعد مشهد الجرافات وهي تقتحم بلداتنا العربية مشهدًا استثنائيًا. أصبح الهدم واقعًا مريرًا يتكرر على مرأى من أطفال يُسلب منهم المأوى، وآباء عاجزين عن حماية بيوتهم، وأمهات يتجرعن مرارة الظلم. هذه المأساة لا تمثّل فقط أزمة قانونية أو تنظيمية، بل هي تعبير صارخ عن غياب العدالة، وتكريس لسياسات تمييزية تضرب جذور المجتمع العربي في العمق.

اليوم، شهدت قرية الزرازير في منطقة الجليل حادثة هدم جديدة، حيث اقتحمت قوات كبيرة من وحدة “يوآف” والوحدات الخاصة منزلًا حديث البناء لعائلة من أبناء القرية، وقامت بهدمه دون إنذار مسبق، وبطريقة همجية أثارت غضب الأهالي. هذا الحدث ليس استثناءً، بل جزء من تصعيد واضح في وتيرة عمليات الهدم التي تستهدف البلدات العربية، تحت ذريعة “البناء غير المرخّص”، رغم غياب التخطيط الحضري العادل وحرمان السكان من فرص الترخيص.

لا تقتصر الكارثة على القرى البدوية كالزرازير، بل تشمل الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة. المواطن العربي يواجه أزمة سكن خانقة تتفاقم بفعل سياسات الهدم، وتجميد التخطيط، وغياب البدائل. أرقام مقلقة تشير إلى أن آلاف البيوت مهددة، وأن آلاف العائلات تعيش تحت طائلة القلق المستمر، دون ضمان للحق الأساسي في السكن الكريم.

أمام هذه المأساة، لا يمكن للقيادات العربية أن تبقى صامتة أو مترددة. قضية السكن باتت من أولويات المجتمع العربي، ويجب أن تُترجم إلى فعل برلماني، بلدي وشعبي حقيقي. إن تبني هذه القضية كملف مركزي في خطاب وممارسة القيادات هو خطوة حاسمة نحو إنصاف الناس واسترداد حقوقهم.

يجب أن تتحول معاناة المواطنين إلى رؤية تنظيمية واضحة وشاملة تشمل:

* الضغط لإلغاء قانون كامينتس المجحف: الذي يُستخدم لتسريع أوامر الهدم وفرض الغرامات على البناء غير المرخّص، دون توفير حلول بديلة، ويجب إلغاؤه بشكل كامل.
* فرض التخطيط الحضري العادل للبلدات العربية: عبر إعداد خرائط هيكلية واقعية تتناسب مع النمو السكاني وتوفّر مناطق سكنية ومرافق عامة ومساحات تجارية وصناعية.
* منع الهدم حتى إتاحة الترخيص القانوني: لا يمكن معاقبة المواطنين على غياب الترخيص في ظل تقصير السلطات، ويجب تعليق أوامر الهدم لحين تنظيم التخطيط بشكل منصف.
* تبني سياسات إسكانية تدعم الاستقرار لا القمع: تشمل دعم البناء، تمويل عقاري ميسّر، ومشاريع سكن جماعية لشباب المجتمع العربي.
* فتح قنوات تنسيق مباشرة بين المواطنين والجهات التخطيطية: عبر إنشاء لجان شعبية محلية تُشرك السكان في صياغة مستقبلهم العمراني، وتمنحهم صوتًا في التخطيط.
* تحريك الرأي العام المحلي والدولي: من خلال تسليط الضوء على ازدواجية المعايير وكشف السياسات التمييزية عبر الإعلام والمؤسسات الحقوقية.

الحياد في هذه القضية لم يعد ممكنًا، والتخاذل بات خيانة لوجع الناس. لم تعد هذه معاناة فردية تخص بيتًا بعينه، بل تحوّلت إلى مأساة جماعية تهزّ وجدان كل من يؤمن بحق الإنسان في مأوى كريم فوق أرضه. كل بيت يُهدم هو صفعة على وجه العدالة، وكل بيت يُصان هو انتصار لكرامة لا تُساوم.

على القيادات العربية – برلمانية كانت أم بلدية أم شعبية – أن تدرك أن قضية السكن لم تعد هامشية، بل أصبحت من أولويات المجتمع العربي، وتستحق أن تُوضع في مقدمة الأجندات السياسية والاجتماعية. هذا الملف يجب أن يُفتح على مصراعيه، وأن يُواجه بثبات لا بمهادنة، وبمواقف جريئة لا ببيانات خجولة.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة