الإسلام دين رحمة لا كراهية

محمد دراوشه
نُشر: 22/08/25 00:26

الإسلام دين رحمة لا كراهية
بقلم: محمد دراوشه

في زمن تتصاعد فيه الأصوات التي توظف النصوص الدينية لتبرير العنف والإقصاء، يصبح من الضروري أن نعود إلى جوهر الإسلام، إلى النور الذي أرسله الله رحمة للعالمين: النبي محمد ﷺ.

لقد ظهرت عبر التاريخ فتاوى تكفيرية نسبت إلى بعض العلماء، تدعو إلى قتل جماعات بأكملها، وتحرض على الكراهية تجاه من يختلفون في العقيدة أو المذهب. هذه الفتاوى، وإن كانت قد كُتبت في سياقات سياسية واجتماعية مضطربة، لا يمكن أن تُعتبر مرجعية أخلاقية أو دينية في عصرنا، لأنها تتناقض مع المبادئ التي أرساها النبي ﷺ في تعامله مع الناس كافة.

أنا لست شيخًا ولا مفتياً في الدين، وما أنا إلا مسلم عادي يحب دينه وأمته، وترعرع على القيم الحقيقية لديننا الحنيف: الرحمة، العدل، والتسامح. هذا هو مفهومي للإسلام، وهذا هو إيماني، وهو ما يدفعني إلى الصلاة والصوم والسجود بين يدي الرحمن، لا خوفًا ولا عادة، بل حبًا وامتنانًا لهذا الدين الذي علّمني كيف أكون إنسانًا قبل أن أكون مسلمًا.

النبي محمد ﷺ: نموذج الرحمة والعدل

من يقرأ سيرة النبي ﷺ بصدق، يدرك أنه لم يكن يومًا داعيًا للكراهية أو القتل بسبب الاختلاف. بل كان يتعامل مع الجميع برحمة، حتى مع من آذوه وخالفوه. من أبرز مواقفه:

* في فتح مكة، عفا عن من طردوه وحاربوه، وقال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، في مشهد يجسد التسامح في أسمى صوره.
* في وثيقة المدينة، أسس لمجتمع متعايش يضمن حقوق اليهود والنصارى، ويؤكد على مبدأ المواطنة المشتركة.
* في تعامله مع المنافقين، لم يأمر بقتلهم رغم علمه بنفاقهم، بل قال: “لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه”، حرصًا على وحدة المجتمع وسلامته.
* في تعامله مع غير المسلمين، أوصى النبي ﷺ بأهل الذمة خيرًا، وقال: “من آذى ذميًا فقد آذاني”.


اقتباسات قرآنية تؤكد التسامح

القرآن الكريم مليء بالآيات التي تدعو إلى الرحمة، الحوار، واحترام الآخر، منها:

* “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” (الأنبياء: 107)
* “لا إكراه في الدين” (البقرة: 256)
* “لكم دينكم ولي دين” (الكافرون: 6)
* “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا، أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟” (يونس: 99)
* “ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم” (فصلت: 34)


هذه الآيات تؤكد أن الإيمان لا يُفرض بالقوة، وأن التعامل بالحسنى هو السبيل الحقيقي لنشر الرسالة.

الفتاوى التكفيرية تحت المجهر

بعض الفتاوى التي تدعو إلى قتل المخالفين أو تكفيرهم جماعيًا، لا تمثل الإسلام، بل تمثل اجتهادات بشرية في ظروف تاريخية معينة. وقد رفضها كثير من العلماء، مثل الإمام الغزالي الذي شدد على عدم تكفير الفرق الإسلامية، والشيخ محمد عبده الذي دعا إلى إصلاح الفكر الديني ونبذ التكفير.

الإسلام الحقيقي لا يبيح قتل إنسان لأنه يؤمن بشكل مختلف، بل يدعو إلى المحبة، والعدل، والرحمة. وكل خطاب يُقصي الآخر أو يُحل دمه، هو خروج عن هذه المبادئ، مهما كان مصدره.

دعوة للتفكر

في عالمنا اليوم، نحن بحاجة إلى أصوات تعيد للإسلام صورته النقية، وتواجه الفكر المتطرف بالحكمة والرحمة. علينا أن نقرأ النصوص في سياقها، وأن نستلهم من سيرة النبي ﷺ ما يعيننا على بناء مجتمعات متسامحة، عادلة، وآمنة.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة