التربية والتعليم… ضمانة مستقبل مجتمعنا

د. غزال أبو
نُشر: 27/08/25 23:26,  حُتلن: 23:27

التربية والتعليم… ضمانة مستقبل مجتمعنا

بقلم: د. غزال أبو ريا

لا أمن بلا تربية، ولا مستقبل بلا تعليم. من هنا تنبع مسؤوليتنا الجماعية مع بداية عام دراسي جديد، حيث نطمح أن يكون عامًا مليئًا بالتميز والنجاح لطلابنا، لمعلمينا، ولأهالينا.

من تجربة معلم

لقد عشت سنوات طويلة في حقل التربية والتعليم، حيث عملت في ثانوية الحكمة في سخنين. ومن خلال هذه التجربة الغنية أدركت أن التعليم ليس مجرد وظيفة، بل هو رسالة إنسانية عميقة. ما زلت أستحضر لحظات الشكر والامتنان من طلابي، وأقول دومًا: “لي أبناء في كل مجتمعي”. هذه التجربة رسخت لدي قناعة راسخة أن المدرسة ليست فقط لنقل المعرفة، بل هي حجر الأساس لبناء إنسان مسؤول ومجتمع آمن.

المدرسة: بين التعليم والتربية

المدرسة لا تقتصر على تمرير المادة التعليمية أو إكساب الطلاب مهارات أكاديمية، بل وظيفتها الأهم هي تحضير الطالب للحياة الاجتماعية. فطالب اليوم هو مواطن الغد.
مجتمعنا العربي يواجه تحديات جسيمة، وعلى رأسها العنف بأشكاله المختلفة: الأسري، المجتمعي، وحتى عبر شبكات التواصل. هذا الخطر يهدد كياننا، ويفرض على المدرسة أن تقوم بدورها التربوي والأخلاقي إلى جانب الأكاديمي. لكن المدرسة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى شراكة حقيقية مع الأهل، السلطات المحلية، والمؤسسات المجتمعية لبناء رؤية شاملة لمواجهة العنف.

من الأقوال إلى الأفعال

كثيرًا ما نتحدث عن “الاستثمار في التربية والتعليم” باعتباره غايتنا، لكن التحدي الحقيقي هو أن نترجم هذه الأقوال إلى خطوات عملية ملموسة تعكس التزامنا، لا أن تبقى مجرد شعارات.

الإدارات والمعلمون: تقدير ومسؤولية

إلى إدارات المدارس: نعرف كم أن عملكم شاق ومعقد، فبوركتم على جهودكم. لكن من المهم أن تظلوا يقظين لتهيئة مناخ تربوي مريح، وأن تبنوا طواقم تدريسية فعّالة، وتتحرروا قدر المستطاع من المركزية المفرطة.
أما معلمونا، فهم عماد العملية التربوية. والمطلوب اليوم تبنّي أساليب تعليم حديثة بعيدًا عن التلقين، وتحويل التعليم إلى شراكة حقيقية مع الطلاب والأهالي.

دور لجان الآباء

لجان الآباء المدرسية هي حلقة وصل أساسية بين المدرسة والبيت. حين تكون فاعلة، فإنها تعزز الثقة والتعاون، وتتيح مشاركة الأهالي في القرارات التربوية التي تمس أبناءهم بشكل مباشر. وجود لجان قوية وشفافة يخلق بيئة تعليمية أكثر دعمًا للطالب، ويحوّل العملية التعليمية إلى شراكة ثلاثية الأبعاد: طالب، مدرسة، وأهل.

دور السلطات المحلية والتقييم

جزء مهم من ميزانيات السلطات المحلية يخصص للتربية والتعليم، وهذا أمر إيجابي. لكن الملاحظ غياب منظومة تقييم فعّالة لقياس الإنجازات. التقييم (Evaluation) أداة أساسية لأي تطوير. لذلك، من المهم إقامة لجنة توجيه تربوية بجانب السلطة المحلية تضم ممثلين عن المجتمع، بحيث تكمل عمل مدراء المدارس وتدعمه.

أهمية المشاركة المجتمعية

إشراك الجمهور في قضايا التربية والتعليم ليس رفاهية، بل ضرورة. غياب هذه المشاركة يعمّق الفجوة بين الناس ومؤسساتهم، ويضعف الانتماء والمسؤولية المشتركة. التجارب أثبتت أن المشاريع المبنية على المشاركة تحظى بقبول أوسع ونجاح أكبر من تلك التي تُدار بقرارات فوقية.

ختامًا: التربية والوساطة

التربية والتعليم هما أمن مجتمعنا وضمانة مستقبله. ومن هذا المنطلق، أعمل اليوم عبر المركز القطري للوساطة في السلم الأهلي وتسوية النزاعات على تعزيز ثقافة الحوار، الإصلاح، وبناء الثقة بين الأفراد والمؤسسات. فكما في التعليم، كذلك في الوساطة: الغاية هي إنسان متوازن ومجتمع متماسك.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة