الفخ انكسر

رانية مرجية
نُشر: 15/09/25 09:15

الفصل الأول: القفص الشفاف

كان يظن أنّه يعيش حياة عادية: عمل، نوم، طعام، علاقات عابرة. لكن شيئًا في داخله كان يقول له إنّه سجين. ليس هناك أبواب حديدية ولا قيود مرئية، ومع ذلك كان يشعر أنّ أنفاسه محدودة، وأن الطرق كلها تؤدي إلى ذات النقطة.

كان الناس من حوله يضحكون، يتحدثون عن أحلامهم، يسافرون، يغامرون. أمّا هو فكان يبتسم ابتسامة باهتة، يخفي بها سؤالاً قاتلاً: لماذا أشعر أنني محاصر؟

الفصل الثاني: الأصوات

في الليل، حين يضع رأسه على الوسادة، تبدأ الأصوات. ليست أصواتًا خارجية، بل همسات داخلية:

“ابقَ هنا، لا تحاول… أي خطوة للخارج ستكلفك حياتك.”

“الناس لا يرحمون، والطرق مليئة بالفخاخ.”

“الحذر أمان، والأمان بقاء.”

كان يصدقها. يظنها حكمةً ورثها من تجارب لم يعشها أصلًا. ومع مرور السنوات، صار يردد هذه الجمل للآخرين، حتى بدا وكأنه السجّان لا السجين.

الفصل الثالث: الحلم

ذات ليلة، رأى حلمًا غريبًا. بابٌ من نور وسط العتمة، خلفه أصوات ضحكاتٍ وحريّة. اقترب، مدّ يده نحو المقبض، لكن فجأة انبعث صوتٌ من داخله، صارخًا:

“إياك! هنا الأمان، هناك الموت.”

ارتد مذعورًا، واستيقظ على صدى قلبه يقرع كطبول حرب. عندها أدرك أن السجن ليس حلمًا، بل حياة كاملة بُنيت داخل رأسه.

الفصل الرابع: الشرخ

في اليوم التالي، كان يسير في الشارع حين لمح طفلًا يركض وراء طائرة ورقية. سقط الطفل على الأرض، ثم نهض، يركض من جديد بلا دموع.

توقف الرجل مذهولًا. كأن الحياة كلها لخصتها تلك اللحظة: السقوط ليس هزيمة، بل بداية المغامرة.

شعر أن شيئًا انكسر في داخله، كأن الجدار الذي بناه عقله بدأ يتشقق.

الفصل الخامس: الانكسار العظيم

في المساء، جلس وحيدًا، يستمع إلى صمت الغرفة. فجأة، دوى داخله صوت تحطّم، لا يشبه أي شيء سمعه من قبل. كان كأن قضبانًا من زجاجٍ سقطت على الأرض وتبعثرت. شعر بريحٍ تدخل صدره، بحريةٍ لم يعرفها من قبل.

نهض وركض. لم يعرف إلى أين، ولم يسأل. المهم أنّه ركض. وكلما ركض أكثر، اتسع صدره أكثر.

الفصل السادس: المفاجأة

بعد أن تعب، التفت حوله ليرى ماذا تحطّم. لم يجد شيئًا. لا جدران، لا قضبان، لا فخاخ.

حينها اكتشف الحقيقة الصادمة: لم يكن هناك فخ خارجي أبدًا. لقد عاش حياته كلها في وهمٍ صنعه عقله. الفخ لم ينكسر، بل هو انكسر عن الفخ.

جلس على الأرض يضحك ويبكي في آن واحد:

“كنت أنا السجن… وكنت أنا السجّان… والآن صرت أنا الحرية.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة