بين بيوت "كفر برعم" المهجّرة وتحت أجواء القدّاس في كنيستها العامرة: الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين في لقاء ثقافيّ حميم وجولة سياحة وطنيّة فلسطينيّة
المبادرة والزّيارة:
كانت الزّيارة في ساعات ما قبل الظّهر، يوم السّبت الفائت والموافق للعشرين من أيلول (20/9/2025)، بُعيْد ذكرى هدم القرية ليلتيْ 16 و 17 أيلول، من العام 1953، أي بعد الاحتلال الّذي تمّ يوم 13 تشرين الثّاني، 1948 بخمس سنوات. وبعد فكرة قديمة ومبادرة جليلة من الأديب والشّاعر المربّي جريس مخّول، ابن قرية "كفر برعم"، وتعاونه مع الأمين العامّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين، د. محمّد هيبي، وبعض أعضاء الاتّحاد، وتعاون أهالي القرية المهجّرين في بلادنا والمنافي في خارج الوطن. وقد التقى وفد الأدباء بعد القدّاس بشخصيّات القرية الاعتباريّة ورموزها، وبهذه الزّيارة تحوّلت الفكرة إلى عالم الواقع والتّنفيذ، فقد وصل بعضٌ من أعضاء الاتّحاد القطريّ ومن أصدقائه إلى ثرى "كفر برعم"، وما إن وطئت أقدامهم تلك الرّبوع الجبليّة حتّى أحسّوا بآثار النّكبة، وفي الوقت نفسه أحسّوا بقدرة الأهالي على البقاء والصّمود، وفي زيارة مميّزة وفريدة من نوعها إلى القرية المهجّرة، للتّعرّف إلى أهلها وظروفهم وإلى معالمها العامرة كالكنيسة والمقبرة، وعلى بعض من آثارها الدّارسة والباقية كالمدرسة وبيوتها المدمّرة وأشجارها من الرّمّان والصّبر والعنب الّتي حاولت السّلطة ومؤسّساتها تغييبها بأشجار من غابات وأحراش جديدة وغريبة. ويا لسخرية الأقدار حيث يكون الدّمار شاهدًا على العمار، والموت شاهدًا على الحياة، والأموات يعطون للأحياء القدرة على الصّمود والاستمرار!
القدّاس واللّقاء:
وقد شارك بعض الأعضاء في قدّاس السّبت الّذي حوّله "البراعمة" تقليدًا دينيًّا يمارسونه كلّ يوم سبت في كنيسة "السّيّدة" العامرة في القرية، بخدمة الأب سليم يوسف سوسان، راعي الكنيسة المسيحيّة المارونيّة في "كفر برعم"، وما زال القدّاس يشهد بترانيمه وصلواته على الوجود الفلسطينيّ في شمال البلاد، والواقع على حافّة الحدود مع الجنوب اللّبنانيّ، والمطلّ على كثير من القرى اللّبنانيّة، مثل "يارون" و"كفر كلا" و"مرج عيون". وقد شارك في استقبال الضّيوف الأب سوسان نفسه، وهو من الشّخصيّات المرموقة بين أهالي "كفر برعم"، وهو ابن المناضل راعي كنيسة "السّيّدة" الأب المرحوم يوسف سوسان، الّذي كان من أوائل المناضلين ضدّ العصابات الصّهيونيّة الّتي جاءت لاحتلال القرية وطرد سكّانها في عمليّة "حيرام" العسكريّة المدعومة من الانتداب البريطانيّ. وشارك كذلك من أوائل المناضلين السّيّد طعمة مغزل وشقيقه إلياس مغزل؛ والسّيّد طعمة اليوم هو من كبار معمّري "كفر برعم، كما شارك الشّاعر والزّجّال إبراهيم عيسى، وشربل سعيد دكور، وأبوه المرحوم سعيد من مؤسّسي حركة "العودة - أبناء كفر برعم التّقدّميّون، الّتي تطالب بعودة "البراعمة" وتنفيذ قرار محكمة العدل العليا، الّذي ما زال حبرًا على ورق التّمييز والعنصريّة والاحتلال، وتنادي بضرورة الحفاظ على الانتماء العربيّ والفلسطينيّ. أمّا المربّي شربل نفسه فمنخرط بهذا النّضال وفي العمل السّياسيّ، وهو اليوم عضو بلديّة حيفا عن حزب "التّجمّع". ولا ننسى مشاركة بعض الأسر البرعميّة، وأبرز المستقبلين المرشد السّياحيّ، رياض غنطوس، ابن "كفر برعم" وعضو اتّحادنا الأديب الشّاعر جريس مخّول.
وقد شارك من أعضاء الاتّحاد في الجولة السّياحيّة: الأمين العامّ د. محمّد هيبي، رئيس لجنة المراقبة، الكاتب عبد الخالق أسدي، وعضو اللّجنة، الشّاعرة أسماء نعامنة، النّاطق الرّسميّ، الشّاعر علي هيبي، أعضاء الإدارة: الأديب د. محمّد حبيب الله، الأديب د. جميل حبيب الله، والشّاعر نظمات خمايسي، الكاتبة زينة الفاهوم، الشّاعر يحيى عطا الله، الإعلاميّ علي تيتي وأعضاء الاتّحاد: الباحث أ.د. خالد سنداوي، الكاتبة نهاد إبزاخ والأديبة فردوس مصالحة. ومن أصدقاء الاتّحاد حضرت السّيّدة مها تيتي من "البعنة"، وعائلة عمّوري من "شفاعمرو"، وعائلة مصالحة من دبّورية، وعائلة حمّود من كابول، كما شارك المربّي توفيق خالدي من المكر.
وبعد أن قدّم الأب سوسان لمحة عن الأوضاع السّياسيّة والاجتماعيّة الّتي تهيمن في منطقتنا وفي مجتمعنا، تطرّق إلى لمحة عن تاريخ الكنيسة والدّير الّذي يعود بناؤه إلى القرن الخامس الميلاديّ، ومن ثمّ دار نقاش وطرحت أسئلة عن تاريخ القرية وسكّانها الّذين كان عددهم سنة 1948 ما ينيف عن 1100 نسمة. وقد استعرضت أثناء النّقاش بعض القضايا الّتي ربطت أحداث الماضي بالأحداث الحاضرة. وقد اختتمت هذه الفقرة بزجليّة للزّجال عوني سبيت، ابن "إقرث" المهجّرة، جارة "كفر برعم" وشريكتها في ألم النّكبة وأمل العودة، غنّاها الشّاعر علي هيبي.
جولة سياحة وطنيّة:
قادها المرشد السّياحيّ السّيّد رياض غنطوس، ابن "كفر برعم"، وزيادة على المعلومات القيّمة فقد ضمّخ هذه المعلومات بعطر الوطن وشذا النّاس الّذي ران على التّلال والجبال، وامتزجت نسائمه بصوت التّاريخ وملحمة الصّمود؛ فمن المدرسة الّتي ما زالت قائمة، وقد ضمّت صفّيْن، ومن الكنيسة بجلالها وحسن موقعها إلى الطّرقات القرويّة وبقايا البيوت والحجارة الّتي تشهد على أنّه ما زالت الحياة تدبّ في روح "البراعمة"، رغم طول المدى والاغتراب. وقد تحدّث غنطوس عن عمليّات التّرميم للكنيسة والمدرسة القديمة والسّاحة، وقد كانت أعمالًا ذاتيّة من الأهالي كلّما هدمت السّلطة، "هم يهدمون ونحن نعمّر". وقد كانت المقبرة القديمة هي الفقرة السّياحيّة الأخيرة، وهناك شهدنا أنّها لا تبدو مقبرة، بل جعلها الأهالي حديقة جميلة بفعل الأفكار المؤمنة والأيادي البرعميّة البيضاء الّتي حمَت الوجود، وهي مصمّمة على حماية هذا الوجود والاستمرار والحقّ في التّطوّر.
مأدبة غداء وندوة أدبيّة:
وبعد مأدبة الغداء في رحاب ما بين ساحة الكنيسة والمدرسة انتقل الجمع إلى خارج المكان حيث انعقدت ندوة أدبيّة وقراءات شعريّة، قام معظم الكتّاب والشّعراء بإلقاء كلمات وقصائد غزليّة ووطنيّة، وقد أجمع الجميع على شكر المضيفين "البراعمة" الكرام عل حسن الاستقبال وكرم الضّيافة، وشكر كلّ من أسهم وشارك في إنجاح هذا اليوم البديع بكلّ فقراته وتفاصيله... لقد كانت وجوه المشاركين تنضح بالبشر والفرح، فقد تمتّعوا واستفادوا ونهلوا من المعلومات الكثير الوافر. وقد اقترح الشّاعر علي هيبي بعد مؤتمر الاتّحاد التنظيميّ الثّاني، والمزمع عقده في السّادس من كانون الأوّل هذا العام، أن يتحوّل هذا النّشاط التّثقيفيّ والسّياحي والوطنيّ إلى تقليد دوريّ ثابت من نشاطات الاتّحاد وفعّاليّاته منذ بداية العام القادم.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency