رشاد أبو شاور: لماذا أخلفت وعدك أيها الناصري المشاكس؟!
زياد شليوط – شفاعمرو - الجليل
لا شك أنه عندما تعرف أو تتعرف إلى شخص ما، وتتواصل معه لوقت ما، ويأتيك في وقت لاحق ما خبر وفاته فان درجة التأثر تكون أكبر من عادية، والحزن على فقدانه يفوق حزنك على شخص قريب اليك بالدم، وكيف اذا كان ذلك الشخص كاتب وأديب ومناضل بحجم رشاد أبو شاور.
لا أذكر بالضبط في أي سنة تعرفت إلى اسم الأديب الفلسطيني رشاد أبو شاور، لكن أذكر أن ذلك بدأ مع بدايات قراءاتي الأدبية، وعرفت أنه كاتب قصة ورواية من أصحاب الشأن في الأدب الفلسطيني، لكني لم أعثر في حينه على كتاب له، حيث كانت الظروف السياسية مختلفة ولم يكن بالإمكان تحقيق ما تبتغي.
وشاءت الصدف أن أزور في مطلع العام 2017، العاصمة الأردنية عمان،
وكان أحد أهدافي زيارة "دار الشروق للنشر"، حيث صدر لي عنها كتابي الأول "عبد الناصر بعيون فلسطينية". والتقيت هناك صاحب دار النشر الكاتب فتحي البس، وعندما هممت بالخروج إذ بشخصين يدخلان، فاستبقاني البس قائلا: لك حظك أن تلتقي بالكاتب رشاد أبو شاور! نظرت الى الشخص المقصود، وبعدما أنزل القبعة الصوفية عن رأسه، بانت ملامحه كما عرفتها من الصور، وتابع البس مؤكدا، وكأنه لمح دهشتي من المفاجأة التي لم أتوقعها: "هذا هو رشاد أبو شاور". وسارعت إلى تعريفه بنفسي. وهنا فوجئت ثانية، عندما رأيته يقوم من مكانه الذي لم يلبث أن جلس فيه، ويقترب مني ويعانقني بأبوة جليّة ويخاطبني: "أنت زياد؟ أنا أعرفك وأتابع مقالاتك". وأردف مثنيا على دعوتي للاحتفال بمئوية عبد الناصر مؤكدا دعمه للفكرة.
(وهنا أفتح قوسا لأوضح المقصود من عبارة أبو شاور، وهو أني نشرت حينها دعوة علنية من خلال مقال نشرته في عدة مواقع الكترونية، للاحتفاء بمئوية ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر، وهنا أغلق القوس).
ومن نافل القول إننا تبادلنا الحديث سريعا وخاصة عن الشخصية التي تجمع بيننا، وهو الزعيم عبد الناصر أمام "الفتحاوي" البس، وأهديت أبو شاور كتابي القصصي "الجميلة" وأهداني مجموعته القصصية "سفر العاشق"، وغادرت المكان ليس قبل الاتفاق على لقاء آخر.
وجاء اللقاء الثاني في أيلول 2022، حيث زرت عمان بصحبة عدد من أعضاء "الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48"، وكان لنا لقاء مع رابطة الكتاب الأردنيين، وهناك التقيت الكاتب الناصري رشاد أبو شاور، الذي قال لي وهو يعانقني: نحن الناصريون لا نموت! وفي اليوم التالي عدت والتقيت ثانية الكاتب أبو شاور في معرض الكتاب الدولي في عمان. وخلال اللقاء أخبرته بأني قرأت روايته "وداعا يا ذكرين" واستمتعت بقراءتها، وهنا أشار عليّ بقراءة الجزء المكمل لها وهي رواية "الحب وليالي البوم". وفعلا لم أتردد في الحصول على الرواية والمباشرة في قراءتها، رغم عادتي بالتمهل في قراءة الروايات خاصة كبيرة الحجم، لكن ما أن شرعت في قراءة الرواية حتى وجدتني أندمج فيها وأعيش أحداثها، وكأنها فيلم سينمائي أشاهده من خلال الوصف الدقيق الذي قدمه الكاتب للأمكنة والأحداث والشخصيات بكل حرفية ومهارة، إضافة إلى أني التقيت بشخصيات سبق وتعرفت إليها في رواية "وداعا يا زكرين"، وخاصة محمود (أبو رشاد) الذي يعتبر الشخصية المحورية في الرواية.
في لقائنا المذكور اتفقت مع الكاتب أبو شاور على أن يقدم كلمة في أمسية نعدّ لها في ذكرى رحيل الزعيم، وأقصد "لجنة احياء ذكرى القائد جمال عبد الناصر"، على أن تبث عبر تقنيات الحاسوب وما تفرع عنها، لكن هذا اللقاء الافتراضي لم يخرج إلى النور، لأن أبو شاور أخلف وعده دون سابق انذار، وجاءت وفاته يوم 28 أيلول من العام الماضي، أي ذات اليوم الذي رحل فيه الزعيم عبد الناصر في العام 1970. واذا كنت لم أفهم قول الكاتب رشاد أبو شاور لي قبل عامين من يوم وفاته "نحن الناصريون لا نموت!"، فاني أدرك اليوم أنه قصد أن الناصريين لا يموتون إلا في هذا اليوم. رحم الله أديبنا الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور، الباقي معنا وفي ذاكرتنا من خلال مواقفه وأدبه.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency