الحرية الدينية بين الحق الدستوري وسياسات الإقصاء

محمد دراوشة
نُشر: 20/11/25 11:25

الحرية الدينية هي حق أساسي لا يقبل المساومة، لكنها في الواقع الفلسطيني داخل إسرائيل ما زالت تواجه تحديات جدية، حيث تُمارس سياسات إقصاء وتمييز تستهدف المسلمين الفلسطينيين في حياتهم اليومية وفي مؤسسات التعليم والعمل. 

قضية الطالبة الفلسطينية حلا عودة في جامعة بار إيلان تكشف بوضوح هذا الواقع، إذ منعت الجامعة الطالبة من مواصلة دراستها في البكالوريوس بمجال البصريات بسبب ارتدائها النقاب، رغم أن حضورها الأكاديمي كان طبيعيًا ولم يُسجل ضدها أي خلل أو شكوى من أساتذة أو طلاب. بل على العكس، ألقت محاضرة أمام زملائها عن معنى النقاب بالنسبة لها، لاقت ترحيبًا وتصفيقًا حارًا، وأبدت استعدادًا كاملًا للتعريف بنفسها عند الحاجة، ما يثبت أن القرار لم يكن قائمًا على أي أساس واقعي وإنما على موقف متعصب ضد مظهرها الديني.

هذه الواقعة ليست مجرد خلاف فردي، بل هي انعكاس لسياسة أوسع تستهدف الفلسطينيين داخل إسرائيل، حيث يُنظر إلى مظاهر الهوية الدينية والقومية باعتبارها تهديدًا للهيمنة السائدة. منع طالبة من متابعة دراستها بسبب لباسها الديني يبعث برسالة خطيرة مفادها أن الفلسطيني المسلم غير مرحب به في المؤسسات الأكاديمية إلا إذا تخلّى عن جزء من هويته، وهو ما يعكس عقلية إقصائية تهدف إلى تهميش الحضور الفلسطيني وإضعافه عبر ضرب أحد أهم عناصر الهوية وهو الدين.

من الناحية القانونية، قرار الجامعة يشكل انتهاكًا مباشرًا لحقوق أساسية نصت عليها القوانين، مثل الحق في الكرامة الإنسانية والحرية الدينية والهوية الثقافية والمساواة في التعليم. القانون الإسرائيلي لا يمنح أي مؤسسة أكاديمية صلاحية لمنع طالب أو طالبة من متابعة دراستهم بسبب لباس ديني، ما يجعل قرار بار إيلان تجاوزًا صارخًا للصلاحيات وخرقًا لمبدأ المساواة الذي يُفترض أن يكون حجر الأساس في أي نظام ديمقراطي.

القضية تكشف أيضًا عن معركة أخلاقية يخوضها الفلسطينيون للدفاع عن حقهم في ممارسة دينهم بحرية داخل مؤسسات الدولة. احترام الدين هو احترام للإنسان، وأي محاولة لتقييد هذا الحق تمثل انتهاكًا للكرامة الإنسانية ولأسس العدالة، كما أنها تزرع مناخًا من الخوف والإقصاء وتدفع الفلسطينيين إلى الشعور بأنهم غرباء في وطنهم.

إن قضية حلا عودة ليست نزاعًا فرديًا، بل هي قضية شعب بأكمله يسعى للحفاظ على هويته الدينية والقومية في مواجهة سياسات الإقصاء. الدفاع عن حقها في ارتداء النقاب داخل الجامعة هو دفاع عن حق كل فلسطيني في ممارسة دينه بحرية دون خوف أو تمييز، والحرية الدينية للمسلمين الفلسطينيين يجب أن تكون خطًا أحمر، وأي محاولة لتقييدها هي اعتداء مباشر على الكرامة الإنسانية وعلى حق أساسي لا يقبل المساومة.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة