من الأزمة إلى الفرصة: كيف يمكن لمشروع "أكاديمية صف" أن يغيّر وجه التعليم في مجتمعنا
من الأزمة إلى الفرصة: كيف يمكن لمشروع "أكاديمية صف" أن يغيّر وجه التعليم في مجتمعنا
في عام 2016، أطلقت وزارة التربية والتعليم الخطة التجريبية "أكاديمية صف"– وهو النموذج الذي أصبح اليوم واسع الانتشار – بهدف دمج الطلاب الجامعيين في كليات التربية داخل المدارس أثناء فترة دراستهم، بحيث يكتسبون خبرة عملية مبكرة في التدريس.
يرتكز هذا المشروع على نموذجين عالميين معروفين في إعداد المعلمين:
الأول هو النموذج التنموي المهني المدرسي (PDS – Professional Development School)،
والثاني هو التدريس التعاوني (Co-Teaching)،
اللذان يهدفان إلى ربط المعرفة الأكاديمية التي يكتسبها الطالب في الكلية بالممارسة الفعلية داخل الصف.
يُرافق الطالبَ معلمٌ مهني ذو خبرة من المدرسة، يتولى إرشاده وتوجيهه، بالإضافة إلى مرشد بيداغوجي من الكلية يقوم بمشاهدته وتوجيهه، ويواصل معه الجانب الأكاديمي المتعلق بأساليب التدريس.
الأهداف الرئيسية للمشروع
دمج النظرية بالتطبيق: ربط المعرفة الأكاديمية بالممارسة الصفية الفعلية.
تطوير مهارات التدريس: تمكين الطلاب من اكتساب خبرة عملية في إدارة الصف، وتخطيط الدروس، والتفاعل مع الطلاب.
تعزيز جودة إعداد المعلمين: رفع مستوى المعلمين الجدد من خلال تجربة ميدانية طويلة ومرافقة مهنية.
تعميق الشراكة بين الكليات والمدارس: بناء تعاون فعّال بين مؤسسات التعليم العالي والمدارس لتطوير العملية التعليمية.
أهم تأثيرات المشروع
تطوير الكفاءات المهنية: إذ يحدد المشروع المهارات الأساسية التي يجب أن يمتلكها المعلم، مثل إدارة الصف، استخدام التكنولوجيا، والتقييم التربوي، ما يوجّه برامج الإعداد نحو هذه الكفاءات.
تعزيز الهوية التربوية: من خلال التركيز على قيم مثل الشمولية، التنوع، والابتكار، الأمر الذي يساعد المعلم المستقبلي على تبنّي رؤية تعليمية واضحة ومتماسكة.
البعد الاجتماعي والثقافي: كون المشروع يهيّئ المعلم ليكون وسيطًا ثقافيًا قادرًا على التعامل مع التنوع داخل المجتمع المدرسي.
الحاجة المتزايدة للمشروع في ظل الأزمة الحالية
في ظل الظروف الراهنة، تتزايد الحاجة إلى جيل جديد من المعلمين المتمكّنين، خاصة في ظل التراجع الواضح في إقبال الطلاب على مهنة التعليم.
ومع ما يعيشه مجتمعنا العربي من أزمات اجتماعية وأخلاقية، وما تشهده مدارسنا من انفلات وتفشٍ للعنف، تصبح الحاجة إلى مشروع كهذا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
ومن خلال تجربتي كمرشد بيداغوجي مشارك في هذا المشروع، أؤكد أن المدارس يجب ألا تتردد في الانضمام إليه إذا أرادت فعلاً إحداث تأثير إيجابي على مستقبل التعليم وإنشاء جيل من المعلمين الأكفاء. إن مشاركة المدارس ليست مجرد خيار، بل هي استثمار حقيقي في مستقبل أبنائنا ومجتمعنا.
دور المجتمع في دعم المهنة
من جهة أخرى، يجب على المجتمع أن يشجع أبناءه وبناته على الإقبال على مهنة التعليم، فهي قبل أن تكون وظيفة، "هي رسالة إنسانية وحضارية". التعليم ليس عملًا عاديًا، بل هو بناء للأجيال وصناعة للمستقبل.
لكن الدعوات وحدها لا تكفي. علينا أن نوفّر فرص عمل حقيقية للمعلمين الجدد الأكفاء، ونضمن لهم بيئة عمل محترمة ومكانة اجتماعية تليق بدورهم. فكيف نطلب من شبابنا الالتحاق بمهنة التعليم ونحن لا نضمن لهم الأمان الوظيفي والتقدير الذي يستحقونه؟
مستقبل أبنائنا في أيدينا
إن نجاح مشروع "أكاديمية صف" يتطلب شراكة حقيقية بين الكليات، المدارس، المجتمع، ووزارة التربية والتعليم.
فهذا المشروع ليس مجرد برنامج تدريبي، بل هو استراتيجية وطنية لإنقاذ التعليم من الأزمات التي يعاني منها.
فلنتحمّل جميعًا مسؤولياتنا:
- المدارس عبر المشاركة الفاعلة،
- المجتمع عبر تشجيع الشباب،
- والمسؤولون عبر توفير فرص العمل اللازمة.
لأن مستقبل أبنائنا ومجتمعنا يبدأ من هنا: من (الصف الدراسي)، حيث يُصنع المعلم الذي سيصنع الأجيال القادمة.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency