المعروف أن العاصمة اللبنانية بيروت هي ام الصحافة الحرة، والصحافة اللبنانية هي مدرسة مميزة في الاعلام العربي لا ينافسها أحد في حرية الرأي والكلمة في المنطقة العربية، وأنا خريج هذه المدرسة، التي كنت أحد تلاميذها وتعلمت فيها كيفية الممارسة الصحفية الحرة بعيداً عن النفاق والتدليس وقول كلمة الحق بدون تردد ورفض الضغوط مهما كانت. والصحافة هي رسالة ومبدأ ويجب التعامل معها على هذا الأساس. هكذا تعلمت وهكذا أنا.
الصحافة هي "السلطة الرابعة" كما وصفها المفكر الأيرلندي إدموند بورك في البرلمان البريطاني، حيث قال إن هناك ثلاث سلطات تجتمع في البرلمان (التشريعية، التنفيذية، والقضائية)، ولكن "السلطة الرابعة"، ربما الأهم هي الصحافة . المفكر إدموند بورك قال العبارة لأول مرة، وذلك في سياق وصف أهمية الصحافة مقابل السلطات الثلاث التقليدية في البرلمان.
الصحافة "الحقيقية" في مجتمعنا العربي نوعان:
الصحافة الحزبية الملتزمة، الصحافة الحرة فوق الحزبية، ومؤخرا وفي عصر الانترنت انتشرت عندنا "دكاكين" إخبارية أطلقت على نفسها مواقع إخبارية غالبيتها لا علاقة لها بالإعلام وهي تجارية بالدرجة الأولى. المعروف عن الصحافة الحرة، هي الصحافة التي لا تخضع لضغوط والتي تهتم بالقارئ قبل مصلحة السياسي. فهل صحافتانا "الحرة" هي كذلك؟ أم أنها تفعل عكس صفتها لأسباب مادية؟
تدربت في كبرى الصحف اللبنانية (الوطنية) يومية وأسبوعية وتعلمت الكثير في تلك الفترة ونشأت وكبرت مهنيا على تلك المبادئ الصحفية التي أفتقدها الى حد كبير في إعلامنا العربي مع اعترافي طبعا بوجود صحافة ملتزمة تحترم نفسها، لكن عددها أقل من عدد أصابع اليد.
قانون الطوارئ الذي صدر بعد السابع من أكتوير، كان الهدف منه كم أفواه الصحفيين العرب عن إبداء الرأي الحر، وهو في الحقيقة ضربة للديمقراطية التي تتغنى بها إسرائيل والتي تعتبر نفسها انها الدولة الوحيدة الديمقراطية (؟!) في المنطقة. لكن يوجد عندنا في الاعلام العربي حالة موسمية تشبه قانون الطوارئ وهي صناعة عربية وليست رسمية نشهدها مع اقتراب موسم الانتخابات. هذه الحالة اسمها " موسم الدعايات الانتخابية". فهناك أصحاب مؤسسات إعلامية بعتذرون عن نشر مقالات انتقادية أو تحليلية بدون تجريح عن أحزاب أو شخصيات حزبية خلال تلك الحالة، لكي يضمنوا إعلانات انتخابية.
أنا أتفهم الوضع المالي الصعب لبعض المؤسسات، لكن هذا لا يعني التنازل عن المبدأ. والسياسي أو الحزب هو الذي بحاجة للصحافة وبدونها هو لا شيء إعلامياً، ولو عرف أصحاب تلك المؤسسات بالفعل أن الصحافة هي السلطة الرابعة الحقيقية لكان لهم موقفا آخر. سامحهم الله.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency