مَا تَبَقَّى بَعْدَ رَحِيلِ القَوَافِل

 خالد عيسى 
نُشر: 28/12/25 19:32

   مَا تَبَقَّى بَعْدَ رَحِيلِ القَوَافِل

لَمْ أَقُلْ وَدَاعًا؛
لِأَنَّ الوَدَاعَ حِيلَةُ الضُّعَفَاءِ
حِينَ يَعْجِزُونَ عَنْ تَسْمِيَةِ الفَقْدِ.
القَوَافِلُ لَا تَنْتَظِرُ أَحَدًا،
تَمْضِي كَمَا تَمْضِي الأَعْمَارُ،
تَتْرُكُ خَلْفَهَا
قُلُوبًا تَعَلَّمَتْ أَنْ تَمْشِيَ وَهِيَ تَنْزِفُ
دُونَ أَنْ تَلْتَفِتَ.
كُلُّ مَا فِي الأَمْرِ
أَنَّ الشَّوْقَ لَا يَعْرِفُ كَيْفَ يَتَأَخَّرُ،
يَلْحَقُ الرَّاحِلِينَ
كَظِلٍّ خُلِقَ مِنْ نَبْضٍ،
لَا مِنْ ضَوْءٍ.
نَحْنُ لَا نُجِيدُ الصُّرَاخَ،
نُتْقِنُ فَقَطْ
تَكْدِيسَ الذِّكْرَيَاتِ فِي الصَّدْرِ،
كَأَنَّهَا مُؤُونَةُ حِصَارٍ طَوِيلٍ.
الفِرَاقُ لَيْسَ حَادِثًا طَارِئًا؛
إِنَّهُ قَانُونٌ غَيْرُ مَكْتُوبٍ،
يُدَرَّسُ لَنَا مُنْذُ الطُّفُولَةِ:
كُلُّ مَنْ نُحِبُّ
مُرَشَّحٌ لِلْغِيَابِ.
نَخْدَعُ أَنْفُسَنَا بِالصَّبْرِ،
نُسَمِّيهِ حِكْمَةً،
وَنُسَمِّي الوَجَعَ نُضْجًا؛
كَيْ لَا نَعْتَرِفَ
أَنَّنَا نَتَكَسَّرُ بِبُطْءٍ.
العَالَمُ لَا يَكْتَرِثُ
لِقَلْبٍ يَتَعَلَّمُ كَيْفَ يَحْتَمِلُ،
وَلَا لِلَّذِينَ يَحْمِلُونَ أَخْلَاقَهُمْ
فِي زَمَنٍ يَتَّجِرُ بِالقَسْوَةِ.
الشَّدَائِدُ لَا تَأْتِي لِتَكْسِرَنَا،
بَلْ لِتَكْشِفَ:
أَيُّنَا هَشٌّ،
وَأَيُّنَا مَعْدِنٌ.
مَنْ لَمْ يُهَذِّبْ خَوْفَهُ
صَارَ عَبْدًا لَهُ،
وَمَنْ لَمْ يَتَعَلَّمِ الصَّمْتَ
فِي لَحْظَةِ القَرَارِ
خَانَتْهُ الكَلِمَاتُ.
الحِلْمُ لَيْسَ ضَعْفًا؛
إِنَّهُ أَعْلَى دَرَجَاتِ التَّمَرُّدِ:
أَنْ تَبْقَى إِنْسَانًا
فِي عَالَمٍ يُكَافِئُ القَسْوَةَ.
نَمْضِي،
وَلَا يَبْقَى مِنَّا
إِلَّا مَا زَرَعْنَاهُ فِي الآخَرِينَ،
وَلَا يَنْجُو مِنَ المَوْتِ
إِلَّا الذِّكْرُ
حِينَ يَكُونُ شَرِيفًا،
وَالفِعْلُ
حِينَ يَكُونُ صَادِقًا.
أَمَّا القَوَافِلُ،
فَسَتَمْضِي دَائِمًا؛
لَكِنَّ السُّؤَالَ الوَحِيدَ
الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسْأَلَ:
مَاذَا سَنَتْرُكُ نَحْنُ
حِينَ نَرْحَلُ؟

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة