الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 05 / يوليو 12:02

ترامب الظاهرة/ بقلم: ناديا البلبيسي

كل العرب
نُشر: 25/02/16 08:06,  حُتلن: 08:07

ناديا البلبيسي في مقالها:

في رأي الكثيرين وخلال عهد إدارة الرئيس أوباما فقدت الولايات المتحدة دورها القيادي عدا عن هذا فإن كثيرين يرون الرئيس أوباما رئيسا ضعيفا لا يهابه الجمهوريون في الكونغرس

ترامب رجل يمثل القوة حتى وإن لم يكن يمتلك السياسات فالأمريكي العادي على الأقل داخل الحزب الجمهوري يراه مضادا للرئيس أوباما و يعول عليه كثيرا في إعادة الهيبة لأمريكا ومكانتها كدولة عظمى

عامل آخر بشعبية ترامب أنه يعيش حياة الترف بفنادقه الفاخرة وطائرته الخاصة وزوجته عارضة الأزياء الجميلة مالانيا وأولاده ذوي الشعر الأشقر فهو يمثل تابلو من الجمال والثروة والنجاح كما هي صور المسلسلات التلفزيونية

عندما انتخب الرئيس أوباما في خريف عام 2008 كان أحد أسباب انتخابه من قبل الأمريكيين هو أنه طرح نفسه كبديل لسياسات الرئيس بوش التي أدت إلى غزو العراق وتراجع الاقتصاد والاعتماد على القوة العسكرية لتحقيق مآرب سياسية توسعية.

ما حدث لاحقا وخلال 8 سنوات من حكم الرئيس أوباما هي أحداث جمة هزت الشرق الأوسط وربما أعادت رسم خريطته، فالإدارة لم تتعامل بشكل حازم وقيادي مع تداعيات أحداث الربيع العربي من موقفها المتأرجح في مصر تجاه كل من الإخوان والعسكر، الى قيادتها الخلفية لحلف الناتو والذي أرغمها إلى التدخل العسكري في ليبيا من قبل بريطانيا وفرنسا إلى التراجع عن معاقبة النظام السوري عندما استخدم أسلحة كيمياوية ضد المدنيين رغم خطوط الرئيس الحمراء، فقد رأى البعض أن العجز الأمريكي في التعامل مع الأزمة السورية والتلكؤ والتردد أدى الى خلق فراغ ملأته لاحقا تنظيمات إرهابية من داعش الى النصرة ولاحقا مليشيات حزب الله وإيران وأخيرا روسيا التي رمت بثقلها العسكري الأمر الذي عقد الوضع و أدى الى استمرار نزيف الدم السوري والذي بحسب الأمم المتحدة تسبب في أكبر كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين.

في رأي الكثيرين وخلال عهد إدارة الرئيس أوباما فقدت الولايات المتحدة دورها القيادي عدا عن هذا فإن كثيرين يرون الرئيس أوباما رئيسا ضعيفا لا يهابه الجمهوريون في الكونغرس والذين يعطلون معظم قراراته.

من هنا تأتي شعبية ترامب فهو رجل يمثل القوة حتى وإن لم يكن يمتلك السياسات، فالأمريكي العادي على الأقل داخل الحزب الجمهوري يراه مضادا للرئيس أوباما و يعول عليه كثيرا في إعادة الهيبة لأمريكا ومكانتها كدولة عظمى كما يطرح ترامب.

ترامب أيضا ليس سياسيا فهو يهاجم السياسيين في كل مناسبة ويفخر أنه لا يتلقى أي تبرعات من جماعات الضغط أو اللوبي وهذا عامل جذاب للناخب الذي مل من السياسيين التقليديين و"كذبهم"، وهو يرى أن عدم الخبرة في السياسة هو شيء محبب فيكيفهم أن ترامب هو ملياردير جمع ثروة هائلة بحنكته ومهاراته في عقد الصفقات وبهذا يمكن أن يكون أفضل شخص مؤهل لحل مشاكلهم الاقتصادية.

عامل آخر بشعبية ترامب أنه يعيش حياة الترف بفنادقه الفاخرة وطائرته الخاصة وزوجته عارضة الأزياء الجميلة مالانيا وأولاده ذوي الشعر الأشقر، فهو يمثل تابلو من الجمال والثروة والنجاح كما هي صور المسلسلات التلفزيونية، وبالتالي ينظر إليه الأمريكي الذي ينتمي للطبقة العاملة على أنه عالم من الفنتازيا وربما إذا وصل للبيت الأبيض يستطيع أن يحول حياتهم الى حياة مشابهة لحياته. تفكير يعكس السذاجة لكنه يحمل آمالا وأحلاما جميلة.

ترامب أيضا يتحدث بلغة نابية لا يهتم بالكياسة السياسية التي يراها الناخب نفس معطر وسط غرف السياسيين الخانقة والذين لا يجرؤون على البوح علنا بأفكار يؤمنون بها. ترامب عكسهم تماما حتى إنه أصبح يلقب بالتفلون لأن لا شيء يلصق عليه، وكلما زاد هجوما على سياسات أوباما كلما زادت شعبيته فهو مثلا يريد محو داعش من على الخريطة ويريد قتلهم وقتل عائلاتهم بينما تصريحات الإدارة هي إضعاف التنظيم ومن ثم القضاء عليه.

ترامب يريد بناء حائط على طول حدود المكسيك لمنع دخول المهاجرين غير الشرعيين بينما الإدارة تتعامل مع الهجرة عبر قوانين الإصلاح، وإعطاء الجنسيه للأشخاص الذين يدفعون الضرائب ويبرهنون أنهم مواطنون صالحون.

ترامب يريد أن يقف أمام الصين ويفرض تعرفة جمركية على بضائعها ويسخر من البيت الأبيض الذي يصفه بالغبي في عقد صفقات تضر بالطبقة العاملة من الأمريكيين.

ترامب يريد أن يعاقب الشركات الأمريكية التي تنقل مصانعها إلى الخارج وهذا أيضا يرفع من شعبيته أمام الطبقة العاملة التي تضررت كثيرا بالتطور التكنولوجي وفقدان وظائف تقليدية في مناجم الفحم ومصانع الفولاذ، ترامب يعد بجعل أمريكا دولة عظمى والناخب الجمهوري معجب برسالته، لكن الاختبار الأهم هو هل سينجح ترامب في كسب تأييد الناخب المستقل وما يسمى بديمقراطية ريغن ليفوز بالجائزة الكبرى وهي البيت الأبيض؟

نقلًا عن العربية

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة