الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 10:02

شرق أوسط جديد يعود للواجهة.. هل نحن أمام استراتيجية جديدة للمنطقة؟/بقلم: أحمد حازم

الإعلامي أحمد حازم
نُشر: 19/04/21 12:27,  حُتلن: 13:10

الإعلامي أحمد حازم:

لا شك أن القادة الإسرائيليين سياسيين كانوا أم عسكريين، لا يمكن أن يفوتوا فرصة الحديث عن إيران وبرنامجها النووي المثير للجدل

يبدو أن فكرة "شرق أوسط جديد" لا تزال تراود أفكار الإستراتيجيين في الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تريد بأي ثمن خلق شرق أوسط جديد يتانسب مع تطلعاتها المستقبلية. كما أن إسرائيل بقادتها السياسيين والعسكريين لم يأخذوا العبر من حرب عام 2006 عندما تلقوا صفعة موجعة من حزب الله. وقتها كانت وزيرة الخارجة الأمريكية كونزاليسا رايس تركز في كل تصريحاتها على اقتراب ظهور شرق أوسط جديد على خريطة العالم. لكن ما حصل هو تراجع كونزاليسا واختفاء هذه الفكرة.

لكن يبدو أن الجهود لا تزال تبذل من جانب إسرائيل، وهذه المرة ليست بمشاركة أمريكية بل بمشاركة اليونان ودولة الإمارات "الشقيقة" الجديدة لإسرائيل، والتي لمع اسمها أكثر بعد توقيعها على اتفاقية أطلقوا عليها "اتفاقية سلام" رغم عدم وجود حالة حرب سابقة أو حالية مع هذه الدولة الخليجية.
الدولة القبرصية التي يسمونها "جزيرة الشمس" استضافت في السادس عشر من الشهر الجاري اجتماعاً لكبار دبلوماسيين من إسرائيل والإمارات واليونان، و قيل أن المحادثات التي جرت خلاله تعكس "الوجه المتغيّر" للشرق الأوسط. هذا يعني الحديث عن شرق أوسط جديد.

في مؤتمر صحافي في مدينة بافوس القبرصية عرّف وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي الشراكة الجديدة بين دول المجتمعين بعبارة ملفتة للإنتباه وخطيرة استراتيجياً. فقد وصف الشراكة بأنها" استراتيجية جديدة تمتد من سواحل الخليج العربي إلى البحر المتوسط وأوروبا". كلام جدير بالإهتمام للمعنيين. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد أعلن أشكنازي الذي كان بجانبه أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زيد، "أن الاجتماع يشكل مؤشرا إلى الوجه المتغيّر للشرق الأوسط". أشكنازي لا يطمح فقط إلى تعاون سياسي بل إلى تعاون في كل المجالات ولا سيما في مجال الطاقة. فقد دعا إلى "شراكة استراتيجية في مجال الطاقة بين شرق المتوسط والخليج"، بعد اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات الذي وقّع العام الماضي.

ولا شك أن القادة الإسرائيليين سياسيين كانوا أم عسكريين، لا يمكن أن يفوتوا فرصة الحديث عن إيران وبرنامجها النووي المثير للجدل. فقد شدد أشكينازي على "أن إسرائيل ستفعل كل ما يتطلّبه الأمر لمنع هذا النظام الراديكالي والمعادي للسامية من امتلاك أسلحة نووية". طبعاً إسرائيل يحق لها امتلاك النووي وممنوع على غيرها في العالم العربي وفي المنطقة الحصول على قنبلة نووية، لأنها حسب رأي قادة إسرائيل تشكل خطراً كبيراً على دولة قانون القومية العنصري.

المستشار الإماراتي قرقاش تحدث عن العلاقات مع إسرائيل وكأنها قائمة منذ سنوات، ولا حالة عداء بين العرب وإسرائيل. وقد يكون ذلك صحيحاً (عمليا) من وجهة نظر الإمارات. قرقاش صرح في المؤتمر الصحفي: بأن "الروابط مع الدولة العبرية ترقى إلى مصاف نظرة استراتيجية بديلة ترمي إلى تعزيز الأمن الإقليمي". ولم يكن لدى قرقاش الجرأة الكافية للقول بصورة أوضح أن تكثيف علاقات الدول الخليجية مع إسرائيل يعني حمايتها من إيران، وهذا ما يفهم من كلامه بكل وضوح.
اللافت للإنتباه أنه في اليوم الثالث على عقد الإجتماع في قبرص وبالتحديد يوم أمس الأحد، تم التوقيع على "اتفاقية أمنية" مع اليونان، هي الأضخم بين البلدين، حسب تصريح لوزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس. وأوضحت مصادر عبرية، أن الصفقة الأمنية تتضمن إنشاء "شركة البيت للصناعات العسكرية والأمنية" و "مركز تدريبات دولي للطيران" لصالح سلاح الجو اليوناني سيعمل لمدة عشرين سنة، بتكلفة 1.65 مليار دولار.

الغريب في الأمر أن هذا النشاط العسكري الإسرائيلي اليوناني يأتي بعد صدور دراسة إسرائيلية عن تهديد القوة البحرية التركية لإسرائيل. فقد نشر مركز الأبحاث السياسية والاستراتيجية بجامعة حيفا، دراسة في شهر يناير/ كانون ثاني من العام الحالي تقول "أن القوة البحرية المتزايدة لتركيا تشكل تهديدًا محتملاً وتحديًا مستقبليًا لإسرائيل، وأنها ستوفر لتركيا قدرات هجومية غير مسبوقة في البحر الأسود وشرق البحر المتوسط".

وحسب وكالة "أناضول" التركية أبلغت تركيا في مارس/آذار الماضي اليونان وإسرائيل والاتحاد الأوروبي بضرورة الحصول على إذن من أنقرة بخصوص الأنشطة التي تمس جرفها القاري شرقي البحر المتوسط، وأرسلت مذكرات احتجاج إلى إسرائيل واليونان وقبرص على خلفية مرور المسار المفترض للكوابل البحرية في مشروع ربط شبكات الكهرباء بين هذه الدول الثلاث من الجرف القاري لتركيا شرقي المتوسط، بحسب ما ذكرت مصادر دبلوماسية تركية للأناضول. وكانت إسرائيل واليونان وقبرص قد وقعت في الثامن من شهر آذار/ مارس الماضي مذكرة تفاهم، لتنفيذ مشروع ربط شبكات الكهرباء للدول الثلاث، عبر كوابل بحرية، وذلك بدعم من الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن تركيا تراقب الوضع عن كثب في المنطقة، ولا سيما التحركات الإسرائيلية مع اليونان وقبرص وتضع كافة الخطوات لهذه الدول سياسية كانت أم عسكرية تحت المجهر.
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة