الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 22:01

عِشْقُ الحَمائم - بقلم: أحمد الغرباوي

أحمد الغرباوي
نُشر: 15/10/21 10:05,  حُتلن: 19:24

ماهذا القَيْد الذى يدفعنى إلى ذاكَ المَمَرِّ النارى.. بَيْن مكتبى وحجرتها درب شجن، ووشوشات نوارس فجر.. حنينُ الأعْوَام السبع تلفّنى كطير جريح، يحاولُ الغناء؛ مكسور الجناح دون إنحناء.. مُحَمّلٌ بالهموم والبأس والأوْجَاع.. روح مُتعبة تُكابدُ تنامى الأمنيَات المستحيلة.. تقاوم تسَاقط ريش الفراشات الملونة بنسائم رقيقة لا تتجاوزنى.. ولكنها ترأف بى عندما ترانى أسقى الأرض العطشى، ولا أنعزل بأنينى.. وأطعم الجيْاع برماد حزنى.. وأحنّ على برودة الثكالى بتكسّرات الورق الأحمر فى نهايات عمرى..
تزحفُ النفس العليلة بدندات افتقاد، ولوعات فقد حُبّ.. هنا نِدف لحم وإنثيْال دمّ.. هنا تذبح أروع أطلال حُبّ.. وتتهّدّم بلامبالاة وجَبْر.. وتختنق أشواك الكَوْن الأزلى بحَلقى..
وتقرّر فتاتى أن تنتقلُ بمكتبها إلى حجرة أخرى.. وتنضمّ لفريق عمل آخر..
وتطلق رصاصات الرحمة على خيول الأمس؛ التى لم تهرم.. ولم يحن موعد مَوْتها بعد..
والقلب الجائع يتحسّس رائحتها.. ترانيمُ كعبها العالى أصفاد مقدّسة من حرير.. تطاير جيب جيزها؛ فرحة وبهجة وبشاشة نبض القلب بحاضرٍ؛ يُدمِنُ أَسْر هفهات رواحها ومجيئها..
فى متاهة الانتظار ما تبقى من عمر؛ يُمْكِنُ حلم الخَلاص يتحوّل إلى هلاك حتمى..
والأيام تتضفّر.. وتفرّ وحياتك وأنت تنتظر!
،،،،،
بشرايينى وأوردتى ؛ لا يزل يتمدّد الكثيرُ من خضوع الجوى.. ويتّسع المدى؛ بدموع نديّة يوقظ الفجر كل صباح.. وشرفتا العينين بوجهى؛ يهرب منهما قمر أوْحَدُ صادق حُبّ.. ويغادرنى الطفل البريء الذى ينتظر العيد والحلوىمنذ ألف ألف عام.. ويلهو بطين مواسم المطر..
ويتسرّب الماء إلى الجذور، وأكاد أموت وأصوات تصلنى.. وأتشبث بعينين.. بين جفنيهما آثار من شغف ليالٍ قمريّة.. وبَضّ أرجوحات مَهْد..
• (أين الشاى أبو لبن..!) .. (لا تنسى موعدنا الجمعة) .. (ح نتعشى برّه ونصيع شويّة حلوين) ..
• (وإمراة تسحب جينزها ألى أعلى دون حياء، وهى تخرج من الحمام) .. (واخرى تضرب زميلتها عل كتفها بفجاجة.. وتجرى؛ لتلحق بزميلتها.. تحتضنها وتداعبها أمام عيون الدهشة، وحضور الاستغراب، ورمىّ حجارات الاستنكار) .. ( يابنت الـ .....)..
وأسلاك شائكة تذبح دجاجة الشهيّة.. وتتحوّل لُقمة العيش إلى ذرات رماد.. ويكادُ يحترقُ معبد العمل..
وعنوة يشدّك الحنين.. تفرّ إلى الدور الثالث.. وتسّاند على سور السلم الحديدى.. وتواجه السطح المعدنى السماوى الجميل.. حيث رقصات الحمام؛ تحت دفء أشعة الشمس..
وفى ملعب روحك؛ تتداعى صورة حمامتين عاشقتين.. عن طريق الموبايل.. ترسل صورتهما لها صباحات أيام العمل، قُبيْل أن ترتدى ملابسها وتستعد للنزول.. والقطّ الصغير الذى يداعب قدميك؛ وأنت تحتسى قهوة الصباح؛ تضع له كوب اللبن، قبل توافد العمال والموظفين.. وغيرها من حالة الجو الممطر فى الشتاء.. وإجراءات الأمن، حتى لا تحضر بالسيارة، وتصبح الركنة مشكلة.. و...
وغَيْرها اشباء صغيرة تحملُ معانى كبيرة..
ولإمراة لم يعد يعرفها؛ يرتفع صوت نشاذ أسفل السلم الذى يعتلى قمّة درجاته..
• (وإيه يعنى لمّا يهزّر معاها المدير باليدّ.. وياخدها فى حضنه كمان.. عادى...)
• (يابنتى ماأنا رِجعت معه وحدنا من مأمورية فى بورسعيد بالسيارة....)
• (كلها مصالح.. سيبك إنتّ.. الكوتشى وشنطة الرياضة؛ تاللى وصل لمكتبك من المخزن تمام..)
• ( يا بنتى؛ بخمسة آلاف جنيه تجيبى أكبر روبوت على هيئة أجمل رجل وبلاها حُبّ.. وبلانيلة رجّالة......)
لم يتحرك ساكنا..
رجفة طقس.. رَعَشات مُسْرفة من دموع تغطّى وقار مَىّ عين.. جَوّ قاتل وبرق خاطف..
وبمنهى يسر وعادية؛ إمرأة تدقّ مسامير حارقة.. وتثقب أشرعة فرخٍ صغير؛ سقط بالقارب غصبًا.. ولا يزل بتعلّم الطيران.. وراحت بالرمل تفرك بين جفنيه؛ وكأنها تلقى ببلورات السُّكر أو الملح فى الماء؛ وهو ..
هو لا يزل يتطلّع للصارى وللربّ يناجى..!
وفجاة يتوقف الحمام العاشق عن اللهو.. ويتحوّل السطح المعدنى إلى صحراء جافّة..
رغم أنه لم ينتصف النهار؛ ترحلُ الشمس بعيداً.. ويغشى البصر جُثث الحمائم!
.......
(إهداء..
إلى إمرأة عرفت الحياة أكثر من رجل.. وعندما خَبَرت الحُبَّ؛ كانت تتحوّل إلى جثّة.. و
ولم تعرف مَعْنى المَوْت..!
أ.غ)

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة