الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 15:02

مجتمعنا المخطوف لا يحرره جيش ولا شاباك ولا شرطة

الشيخ كامل ريان

الشيخ كامل ريان
نُشر: 19/10/21 14:34,  حُتلن: 17:48

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency


أعتقد أن المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل يقع في هذه المرحلة ضحية لكذب ومراوغة "الدولة العميقه" ولجهل وتجاهل "اتحاد النخب العربية العميقة"!.

موضوع العنف والجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني وصل إلى مرحلة، لا تصلح معها معظم المسميات التي يُدْفَع بها من مراوغة وخدعة، من قبل الدولة الإسرائيلية العميقة إلى "اتحاد النخب العربية العميقة"، وذلك لمعرفة ويقين هذه الدولة أن النخب العربية "العميقة" سوف تتلقّف "الطعم" الذي تلقي به لهم، وسوف يتشاجرون فيما بينهم كالعادة من حيث قبول أو عدم قبول هذه الوسائل التي تدفع بها في الآونة الأخيرة، مِن تدخّل للجيش أو المخابرات أو تفعيل الاعتقالات الإدارية لمحاربة الجريمة التي تفتك بمجتمعنا ليل نهار على امتداد عشرات السنين تحت سمع وبصر "الدولة اليهودية العميقة" و "النخب العربية العميقة"، حيث سينبري البعض لتبني مواقف قديمة من أجل أن يثبت عروبته وفلسطينيته وكنعانيته وإسلاميته ومسيحيته ومخترته... من أجل رفض هذه الأدوات، والتي حقًّا لا تُطعم جائعًا ولا تأمّن خائفًا، ورغم معرفة "الدولة العميقة" أن هذه الأدوات لم تعد صالحة ولا تستطيع أن تقتلع من خلالها مثل هذا الأخطبوط الشرس الذي شرّش وسيطر على امتداد عشرات السنين على مفاصل مهمة وحساسة جدًّا في المبنى الهيكلي للمجتمع العربي، حيث الدماء تسيل في شوارعنا وحاراتنا، والكثيرون الكثيرون يرقصون على أزيز الرصاص وهم في حالة من "الإكستازي الشعورية" التي تحوّلت إلى نغمات وسيمفونيات صوتية يومية مقلقة جدًّا ومزعجة جدًّا ومرعبة جدًّا لدرجة أننا بدأنا ننتظر سماعها حيث أصبحت جزءًا من واقعنا ومن حيّزنا، وأصبحنا نحن لا نستطيع النوم من غير سماعها ليلة بعد ليلة، نقارن بين نغمات أزيزها ورنّات فحيحها السام والقاتل لأطفالنا ولشيوخنا ولنسائنا.

و"الدولة العميقة" هي أيضًا رفضت أن تتنازل عن أخذ قسطها وحصتها من هذه "النغمات الإكستازية" التي تجبر سامعيها على الرقص الدموي على ما تبقى من أمن لهذا المجتمع "المخطوف". تلك الدولة المتمثلة بذلك الشرطي الذي لُقِّنَ طبيعة عمله من دوافع تعود فقط للدولة العميقة من حيث الرواية والإطار والمضمون والمبنى، والهوية القومية والوطنية والدينية والتاريخية، والتي هي الأخرى "سَكِرَتْ" حتى الثمالة! ولم تحرم نفسها من الرقص على نفس أزيز الرصاص الذي أخذ فلذات أكبادنا وقطف زهور جناننا وسلب منا الطفل والشيخ المسن والرجل والمرأة والطبيب والإمام والمحامي والمربي.

نعم "الدولة العميقة" في إسرائيل هي المسؤول الأول عن الـ 1615 جريمة قتل التي تم تصفية ضحاياها بيد باردة في مجتمعنا منذ عام 2000 لغاية الآن. وهذا لا يعفي أيًّا منا من المسؤولية الفردية ولا الجماعية ولا الحزبية، وخصوصًا أصحاب النفوذ من النخب في "القيادة العميقة" من "اتحاد النخب العربية العميقة" للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل.

هي نفس الدولة التي تقترح اقتراحات ما أنزل الله بها من سلطان لنفس "النخب العربية العميقة" التي ما زالت "تدبك الميجانا" و"على دلعونا" والدماء تسيل والجراح تنزف وكأنها مصدّقة لنفسها بأنها تملك القوة والخيار والمصداقية والشرعية الأخلاقية والقيمية لتقول نعم أو لا أمام مشهد مرعب من القتل!، وإذا ما قالت "لا" تكون بذلك قد أعطت غطاءً جديدًا للكمّ الهائل من الضحايا العرب الذين سيلحقون إخوانهم لاحقًا لوجود السلاح وعدم فكفكة دوافع القتل ونوازعه وحوافزه.
ومن ثم تخرج "الدولة العميقة" لتقول لأصحاب الـ "لا": أنتم من رفضتم! وأنتم من منعتمونا من القيام بواجبنا! وأنتم من أحبطتم مشروعنا بالقضاء على هذا الأخطبوط!، متناسية أن هذا الوليد قد نشأ في بيتها وترعرع في حضنها وتغذّى من لبنها واستنشق هواءها وأوى إلى سكنها، ليقفز من دفيئته تلك فيتمرد على أهله ويبدأ نقمته الأولى بأهله البيولوجيين، لأنهم اللقمة الدموية السائغة تحت مظلة "الدولة العميقة" وكنف "اتحاد النخب العربية العميقة". وإلى جانب هذه النخب، نعم، هنالك نمط آخر من القيادات العربية التي "سَكِرت" هي الأخرى بوعودات "الدولة العميقة" وتشتري هذه الوعودات وكأنها منزّلة من السماء، بينما هي كالسراب يحسبه الظمآن ماءً.

أنا على يقين أن "الدولة العميقة" اقترحت الجيش كأحد الحلول، لا لتزجّ بالجيش إلى القرى والمدن العربية، فهي تدرك أنه من المستحيل ان تُدخل الجيش إلى القرى والمدن العربية، لأن في هذه القرى كميات هائلة من السلاح وأعدادًا غير قليلة من الشباب العربي الذي فقد الانتماء، لا لدولة ولا لقانون ولا لدين ولا لعقيدة، ولا حتى لنخوة أبي جهل!، وهذه المجموعة مُنقادة لهواها ولهوى مشغّليها من عصابات الإجرام الذين هم أكثر عددًا وعدّة وتنظيمًا من مجموع أفراد الشرطة الذين يخدمون في المجتمع العربي، وأكثر منهم دهاءً وأعمق تنظيمًا وأوفر مالًا وأكثر ردعًا وتخويفًا وترهيبًا وإرهابًا.

وهي نفس الدولة العميقة التي اقترحت "الشاباك" ليدخل إلى القرى والمدن العربية، وهي تعرف تمام المعرفة أن الشاباك لم يخرج يومًا واحدًا من الحيز العام للمجتمع العربي طالما هناك صراع قائم بين الشعب الفلسطيني ودولة إسرائيل، وهي لن تتردد باستعمال هذه الوسيلة إذا ما شعرت أن هنالك دوافع أمنية لتحرّكِ فردٍ أو مجموعة بما يتعارض مع منظومة "الدولة العميقة". وأعتقد أن الدولة العميقة استعملت هذه الآلية، بل لم تتوقف يومًا واحدًا عن استعمالها. والقانون بكل "فخامته ودستوريته وتحضّره" يخضع لها إن كانت هنالك تفسيرات أو حتى تهيؤات أمنية من شأنها أن تمس بالـ "بقرة المقدسة". ولكن الدولة العميقة اقترحته هنا أيضًا لعلمها أننا سنلهث من جديد وراء الأسماء فنجترّ عروبتنا وكنعانيتنا من جديد! وسنحمل سيف "أبي زيد الهلالي"! وننسى ونتناسى الدماء التي تسيل، وسنغرق من جديد في جدل حول هذا التدخل أو عدمه، ومن ثم يأتي فرمان النخب العربية العميقة بتلك "اللا"، والتي سيتخطّفها خبث طير الدولة العميقة، لنتحمّل نحن مرة أخرى المسؤولية بـ "لاءاتنا" الوطنية الكنعانية، فنخسر فوق خسران الخاسرين خسارة جديدة. وفي جميع الحالات، "الدولة العميقة" هي صاحبة القرار، وشرطتها القومية تنفذ تلك السياسات الخطيرة، والتي أحد إفرازاتها من خلال القراءات والمطالعة في أدبيّاتهم أنها هي أيضًا تعيش سُنّة التدافع الكونية، والتي من أهم مراحلها هو انقلاب السحر على الساحر.

أمّا أكثر ما يزيد النفس مرارة فيجعلك مشدوهّا بين البكاء والضحك فيما تراه من تجاذب ما بين الدولة العميقة والنخب العربية العميقة هو اقتراح الأولى بتفعيل ما يسمى "بالاعتقال الإداري" ضد المجرمين الذين قد عزموا أن يقتلوا أبناء جلدتهم بذكاء ودهاء وخرق لكل قواعد اللعبة القانونية، مما يبقيهم قانونيًا أبرياء بسبب عدم وجود أدلة ضدهم، الأمر الذي دفع ببعض جهات إنفاذ وتطبيق القانون أن يطالبوا بما يسمى "الاعتقال الإداري"، لينبري في هذه اللحظات الجسام أصحاب الصوت من النخب العميقة برفض المسّ بحقوق هؤلاء المجرمين القتلة الذين لا يرقبون في الله ولا في شعبنا وأبنائنا إلًّا ولا ذمّة! ويقولون إن مثل هذا القرار مرفوض لأن من شأنه أن يكسر زجاجًا تعبنا على سبكه عشرات السنين لننال جميعًا الحرية والكرامة، وأولنا القتلة البررة!. والجميع يعلم ويدرك أن صلاحيات "الدولة العميقة" تكون مطلقة حينما تشعر أن تحرّكَ هذه العصابات أو الأفراد سيكون في الاتجاه الأمني وبما يمسّ بأمن دولة إسرائيل. وهنا أيضًا يغيب القانون ويتراجع الدستور وتكون الكلمة العليا أنّ أمن الدولة فوق كل شيء وقبل كل شيء، حتى وإن كان الأمر شبهة أو ظنًّا أو تحسّبًا. وهنا أيضًا تقدّم هذه النخب العربية العميقة هدية قيمة للدولة العميقة التي لن تتردد في أن تقول: "أنتم من رفضتم أن تعطونا الأدوات للوصول لهذه الفئات! وأنتم تتحملون المسؤولية كاملة! فنحن أتينا بالمال والعتاد، وأنتم الذين أوصدتم الأبواب أمامنا!". وهنا أيضًا تعود القيادة العميقة والعقيمة بخفي حنين!. ولا تنسوا أن الجرح النازف لم يتوقف، والدالة في تصاعد مستمر، والفوضى سيدة الموقف، وقابلية الانتقام والثأر وأخذ الخاوة متوفرة عند الجاهل والعارف والسويّ والشاذ، ناهيك عن الفلتان الاجتماعي والمجتمعي والأسري الذي يمر في تسارع مقلق بل ومرعب! وصوت الرصاص لم يتوقف، والراقصون على الجراح يسرحون ويمرحون! كل ذلك والقيادات العميقة في تفكير وتفكّر ومناهضة لأي شيء يأتي من شأنه أن يخدش "عروبتنا" أو "كنعانيتنا" أو "ثوابتنا" وفق تفسيراتهم وتفصيلاتهم.

ما أردت قوله في هذا المقال: إن الدولة العميقة تدرك أنها عاجزة عن الحل، وأن هذه الفقاقيع فقط لجسّ نبض جاهليتنا: هل استفقنا من هذه الجاهلية أم ما زلنا نرقد تحت ظلالها؟. وهي تبحث عن كل الوسائل لتحميل الضحية مسؤولية الجريمة. والقيادة العربية العميقة ما زالت متوهمة أن العصا السحرية ما زالت في يد الدولة العميقة، ولا تريد أن تسمع كلمة واحدة عن دوافع ما حصل، وتريد حلًّا فقط من الدولة العميقة التي لغاية الآن لا تملك أدوات الحل الذي هو أقل كلفة لها من ناحية عدة وعتاد وقوى بشرية.

أما رأيي الشخصي: فأنا أعرف تمام المعرفة أن سياسة الدولة العميقة هي المسيطرة، ولا بد من أدوات سياسة قوية جدًّا تفرض عليها التحرّك، وذلك بموازاة عمل دؤوب ومتواصل وحازم وصادق وواعٍ لضرورة إعادة بناء مجتمعنا من جديد على قيمه وعاداته وإرثه وتراثه وموروثه الحضاري والإنساني والديني والتاريخي. نعم الحل بأيدينا وفقط بأيدينا، وليس بيد الدولة ولا الشرطة ولا المخابرات ولا الجيش، وخصوصًا إذا ما كانت هذه المؤسسات تحمل العدائية لنا ولشعبنا ولروايتنا التاريخية، وهي تحمل وما زالت تحمل. وعليه، لا أتوقع ممن يحمل هذه العدائية أن يخاطر بنفسه أمام مجموعة قد خطفت مجتمعها بالحديد والنار وأزيز الرصاص.
كل ما في الأمر أننا بحاجة إلى قيادة جريئة قادرة محافظة قوية تحرّر مجتمعنا من خاطفيه الذين هم من أبنائنا وإخواننا الذين كفروا بكل القيم الإنسانية والدينية، وتقف أمام الدولة العميقة بكل وضوح وشفافية وعنفوان لتتحرر هي أيضًا من الأفكار المسمومة الملوثة بالعنصرية تارة وبالفاشية تارة أخرى، وتدعوهم إلى كلمة سواء بيننا وبينهم.

مقالات متعلقة