الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 10:02

المعلم بين مطرقة الأسلوب التقليدي وسندان الأسلوب الحديث-الأستاذ احمد محاجنه

الأستاذ احمد محاجنه
نُشر: 21/11/21 23:29

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

سلسة مقالات: " التعليم نحو الافضل "

الأستاذ احمد محاجنه – مختص  بالتقويم البديل, البدجوجيا التربوية والتنمية البشرية ومستشار تنظيمي

ان الناظر اليوم لدور المعلم في أيامنا هذه يشاهد انه حصلت قفزة نوعية في بلورة كفايات المعلم على جوانب عدة منها المعرفي الرقمية والمعرفية التربوية والمعرفة التنظيمية والتي تلعب دورا كبيرا في بلورة شخصية طالب المستقبل في مجالات معرفية تمتاز بالنوعية والابداع وان هذه القفزة رغم وجود الموارد والميزانيات الضخمة الا اننا نشاهد امتيازات بين منطقة ومنطقة في وسطنا العربي رغم وجود شخصيات ذات تأثير كبير على رفع جودة المؤسسات التعليمية في بلداننا والتي تحاول بشتى الوسائل اقتناص الميزانيات والبرامج التعليمية من الوزارات المختلفة لما فيه  تطور في مركبات شخصية طالب المستقبل واخص بالذكر مديري اقسام المعارف ومديري المدارس.

إن الاستثمار في مجال التربية هو أكثر الاستثمارات عائداً، بعد أن تبوأت (صناعة البشر) قمة الهرم بصفتها أهم صناعات عصر المعلومات على الإطلاق، حيث إن أوزان الأمم والشعوب لا تقاس باتساع أرضها وعدد سكانها، ولكن بقدر ما يتوافر لديها من إبداع واقتدار في تطوير عناصر البيئة والكون وتوظيفهما للارتقاء بالحياة وحل مشكلاتها. لقد أدرك الجميع أن مصير الأمم هو رهن بإبداعات أبنائها، وأن التربية هي التي يعول عليها في صناعة المستقبل حيث تستطيع أن تنتج أفراداً قادرين على مواجهة التحديات المتوقعة في العصر القادم

ان سر المستقبل وتحديه هو في إنتاج المعرفة “لأن من ينتج المعرفة ينتج جيلاً يعتبر امتداداً لأمته مستقبلاً، فالطلب سيكون على من يملك القدرة على التعامل مع التقنية والمعلوماتية، ويواكبها ويلحق بمستجداتها المتلاحقة والسريعة “.

إن المعلم وما يبذله من جهد متواصل وما يسعى إليه من تنمية مهنية مستمرة لصقل كفاياته وتطويرها يدعم جهود تطوير التعليم ووسائل إصلاحه، ويسهم بذلك في تحقيق تنمية شاملة تستند إلى الواقع وتستشرف المستقبل، وتحقق طموحات الوطن والمواطن في عالم أصبحت فيه المعرفة هي القوة الحقيقية، وأصبح التعليم هو الوسيلة الفاعلة لتحقيق التنمية والتقدم للفرد والمجتمع معا.

والموضوع الذي ينبغي أن يطرح للبحث اليوم، ونحن نرى هذا التقدم التقني الهائل، هو ما الذي يمكن للمجتمعات الإنسانية أن تفعله في مواجهته؟ ومن هنا تأتي هذه المقال كمحاولة جادة للوقوف على الجوانب المتعددة لموضوع يهم جميع عناصر العملية التعليمية، في عصر يوصف بأنه عصر تقنية المعلومات، حيث تنوعت فيه سبل المعرفة وتعددت مصادرها، كذلك تحاول الدراسة بيان دور المعلم من هذا الواقع، ومدى قدرته على التعامل مع أدواته المتطورة، ومواكبته لمتغيراته المتسارعة بشكل يضمن الوصول إلى تحقيق الأهداف التربوية المتوقعة في هذا المجال.

يحتل المعلم موقعاً متميزاً بين العناصر الفاعلة والمؤثرة في بناء شخصية الطالب وإعداده للمستقبل، ويؤكد الباحثون أن المعلمين سيكونون العامل المجددّ لنوعية التعليم في السنوات المقبلة من القرن الحادي والعشرين، كما يؤكدون بأن التقنية سوف تزيد ولن تقلل من الحاجة إلى معلمين جيدين وأساليب تدريسية بارعة، وأننا بحاجة إلى زيادة استثماراتنا في الموارد البشرية وفي التنمية المهنية للتربويين، وأن هناك حاجة إلى استقطاب نمط جديد من المعلمين إذا ما أردنا إصلاح النظام التربوي مستقبلاً

إن معلمي المستقبل بحاجة إلى أن يكونوا نموذجاً للمهارة في استخدام التقنيات الحديثة وتصميم البرامج التعليمية، وإن برامج التنمية المهنية للمعلمين في أثناء الخدمة وخارجها ينبغي أن تعد المعلمين لأدوار ومتطلبات تعليمية جديدة.

والتقنيات التربوية الحديثة ليست بديلا عن المعلم، ولكنها أدوات في يده يستثمرها لتفعيل دوره وتعميق أثر التعليم واستنهاض قدرات طلابه، ومساعدتهم على تنمية طاقاتهم إلى أقصى مدى ممكن، حيث أنها لم تقلص من دور المعلم، بل دعمته وجعلت منه دوراً متميزاً يستلزم توافر مهارات وكفايات متطورة، لتتوافق مع مجتمع المعلومات وحاجات الطلاب، بوضع التعليم في مسارات جديدة تنأى بوظيفة المعلم عن الأدوار التقليدية

وسنحاول في السطور القادمة أن نسلط الضوء على الأدوار الجديدة للمعلم المعاصر في ظل تقنيات التعليم، ولكن قبل ذلك كان لزاماً علينا أن نستعيد دور المعلم التقليدي في محاولة للمقارنة بينهما، ليتبين إلى أي مدى استطاعت تقنيات التعليم أن تغير من أدوار المعلم.

المعلم في دوره التقليدي

لقد أكدت المدرسة القديمة بأساليبها وممارساتها التعليمية على أن المعلم هو المصدر الأول للمعرفة، وبهذا أهملت دور المتعلم كلياً وجعلته سلبياً يتلقى ما يملى عليه دون إعمال العقل والفكر فيه، وقد كان المعلم ذاته يرى أن وظيفته الأساسية في الغالب هي: نقل المعلومات إلى أذهان المتعلمين، مع التقيد التام بما نص عليه المنهج من موضوعات، والاهتمام بإتقان المادة الدراسية جعل المعلم في الغالب يحدد لتلاميذه ما يستذكرونه في الكتاب المقرر أولاً بأول، كما جعله يحدد لهم أيضاً مقدار العناية التي يوجهونها إلى كل جزء يستذكرونه.

وكان مدرسون كثيرون يدرّبون تلاميذهم على أنواع أسئلة الاختبارات، وطريقة الإجابة عنها، مما قلّل من اعتماد التلاميذ على أنفسهم، وجعل كثيرين منهم لا يقبلون على معالجة أي أمر من الأمور إلا إذا أخذوا عنه تعليمات مفصّلة، “فضعفت ثقتهم بأنفسهم وساعد هذا أيضاً على شعور التلاميذ أن إتقان المادة الدراسية والنجاح في الامتحان هو الهدف الأسمى للمدرسة 

وصار المعلمون يتنافسون في استخدام الوسائل التي تساعد المتعلمين على إتقان ما حدد لهم في المنهج من حقائق ومعلومات، ومن بين هذه الوسائل تلخيص المواد الدراسية، وضغطها في كتيبات لتكون خلاصة سهلة التناول مما أضعف من التعلم الذاتي لديهم! ومعنى هذا حرمان التلاميذ من التدريب على التنظيم وربط الأفكار والمعلومات بعضها ببعض، وحرمانهم أيضاً من التدريب على النقد البنّاء.

الأدوار الجديدة للمعلم في ظل تقنيات التعليم

لقد مر مفهوم تقنيات التعليم بعدة مراحل حتى عصرنا هذا، إلى أن تبلور هذا المفهوم وفق أسس ثابتة، ولعل أحد أبرز أسباب ظهور التقنيات التعليمية وانتشارها في التعليم يكمن في السعي من أجل تحسين التعليم، وهي في أوسع معانيها تشمل التخطيط والإعداد والتطوير والتنفيذ وتقويما كاملا للعملية التعليمية من مختلف جوانبها، من خلال وسائل تقنية متنوعة، تعمل جميعها وبشكل منسجم مع العناصر البشرية لتحقيق أهداف التعليم. وبناءً على ما سبق فإن هذا المفهوم لتقنيات التعليم يشمل الأبعاد الثلاثة التالية:

العمليات الإجرائية: عبارة عن مجموع الخطوات التي تقوم وفق نظام مبني على أساس من العلاقات المتبادلة بين عمليات التخطيط والإعداد والتطوير والتنفيذ وتقويم كامل للعملية التعليمية من مختلف جوانبها.

الوسائل التقنية: بجانبيها الأجهزة والبرمجيات.

العناصر البشرية: حيث يشكل كل من المعلم والمتعلم طرفي العملية التعليمية، وفي تقنيات التعليم ينظر إليهما من خلال نظريات الاتصال التي تقترح وجود عنصري الاتصال الأساسيين وهما المرسل (المصدر) والمستقبل.

وإذا نظرنا إلى تقنيات التعليم على أنها: “طريقة في التفكير، فضلاً عن أنها منهج في العمل وأسلوب في حل المشكلات يعتمد على إتباع مخطط منهجي وأسلوب منظم لتحقيق الأهداف، حيث يتكون هذا المخطط المتكامل من عناصر كثيرة تتداخل وتتفاعل معاً بقصد تحقيق أهداف تربوية محددة.

وإذا نظرنا إلى تقنيات التعليم على أنها: “برنامج للعمل والممارسة اختيرت مكوناته ورتبت ترتيباً محدداً في ضوء منظومة معرفية سلوكية تتمتع بدرجة مقبولة من الصدق العلمي” تأكد لنا أن التقنيات التربوية أثّرت بشكلٍ كبير على التعليم والوسائل المتّبعة القَديمة وحلّت مَحَلّها وسائل تكنولوجية حديثة ساعَدَت الطلاب في الوصول إلى المعلومة بكلّ يسر و سهولة، وأخذت المؤسسات التعليميّة تتسابق على توفير وسائل تعليم فَعّالة لمساعَدَة الطالب على التعلّم وتوفّر لَه القدرة على الإبداع والتَمَيّز في ظل التغيرات المتسارعة في جميع مناحي الحياة، ومنها العملية التعليمية

ويعتمد التعليم على وسائل التكنولوجيا الحديثة كأجهزة الحاسوب واللوحات والهواتف الذكية، فوسائل التعليم تتوافر للأفراد في كل مكان بغض النظر عن الوقت كالفيديوهات التي يقوم المعلمون بتسجيلها ومن ثم يقوم الطلاب بمشاهدتها في أوقات فراغهم، أو البرامج التي تعرض على التلفزيونات والتي تبث المواد التعليمية أو المراسلات عن طريق الإنترنت كوسائل التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر واليوتيوب أو البريد الإلكتروني.

 

مقالات متعلقة