الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 17:02

عزلة في عزلة/ بقلم: سعيد الشيخ

سعيد الشيخ
نُشر: 26/11/21 14:09,  حُتلن: 14:11

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

وباء خلف الأبواب والشبابيك

وباء في البر والبحر والأجواء

وباء في كلّ البلدان

وفي كلّ مكان

جائحة تدفع الكون

إلى غرفة

ما أضيق الكون

ما أوسع الغرفة

عزلة في عزلة

نضع أنفسنا/ تتجلى في الوحشة

ندنو من النافذة

فتردنا النسمة

يقولون:

أنّ الفيروس يطير مع النسيم

شخصياً، وفي عمق عزلتي

كنت أفكر وأسأل نفسي:

هل بقي حياة خارج الغرفة

هل ما زال الورد يتفتّح صباحاً

والقطارات تحمل المسافرين

هل ينام الفيروس في الليل

ليتسنى للناس الخروج

إلى حياة أُهملت في النهار

ظلالنا في البيوت تغيّرت

أشياء البيت التي آلفتنا

صارت تحتار بتقلباتنا

وتتوه عنا

في الأسواق صرنا نترك مكاناً للفراغ

والمقاهي أغلقت بوجوهنا

من سيعبئ الفراغ

من سيشغل الكراسي؟

هل يختارنا الفيروس

أم نحن نختاره

حين ننخرط في الزحام

ما عادت تعرف بعضها البعض

الأرحام

والمرء يتوجس من ظلّه

ضاقت البيوت بالموت

وتلك الجثث الملقاة بين النفايات

تعود لموتانا

ما أضيق الوقت

ونحن نتفحص بنظرة خاطفة

إنْ كانت وجوهنا بين الفضلات

وحيدون مع الروح

والكلّ يريد تأجيل موته

ليس من الواضح

أنّ شفاء في اللقاحات،

فهل نلجأ إلى الشعر والموسيقى

إلى الجنون والصراخ

وهل نعلّق في أعناقنا تميمة من السحر

كي ترد الفيروس عن صدورنا

ونحمي رئاتنا

نرتجّ مع اضطراب الحياة

تسكننا الهواجس والكوابيس

نتخبط...

ونلهث خلف نجاة

في وقت مضى

كانت الجنازات تحتشد بذوي القربى، الأصدقاء والجيران

أمّا في ظل الجائحة،

كم شخص؟

واحد.. اثنان

ربما هما من عمال البلدية أو بالإيجار

ماتت زنبقة حديقة البيت

هل كورونا

تُهلك النبات أيضاً؟

أم بتنا نتقاعس عن بث حياة

في وردة

أم في سعينا لحفظ أرواحنا

نسينا أنْ نسقي روح الحديقة؟

مسكونون بالخوف

ولكي يكون الحجْر متكاملا

توقف العشاق عن تبادل الورود النباتية

وسمحوا للبلاستيك أن يكون تعبيراً

للعواطف

لا قُبل بعد اليوم

كيف سنوقّع الحب

هل سنكتفي بالجلوس خلف النوافذ

ونراقب الحمام؟

الغرف التي كنّا نمضي بها

حياتنا السعيدة

باتت مغلقة على ذكرياتنا

حيث الوحدة ابتنت أعشاشها

لتوالد الكآبة

الحجْرُ

أنْ ندور حول أنفسنا

داخل غرفنا المغلقة

أو فوق السرير

نشتبك مع كائنات لا نراها

من أجل الهواء والاوكسجين

الوجوه ما عادت تُقرأ تحت الكمّامات

الكمّامات تحجب القسمات

صرنا وكأننا في حفلات تنكرية

نتنكر لأنفسنا

قبل أنْ نتنكر للآخرين

مرايانا تنكرنا

حين يكون الحزن صاحياً في الروح

وجوهنا مخطوفة وصفراء

من أثر الخوف

هل نأكل الفاكهة

أم مرّ عليها الفيروس

وهل لكي نطمئن

يجب غسلها في غسالة الثياب؟

رخويون بعد الرخاء

بين السياسة والمناخ

يجمعنا الكون في اناء واحد

نتجمد فيه أو نسيح

هل بتنا مجسدات بلاستيكية

بلا قلوب وبلا مشاعر؟

نعيش في نقصان

وما عاد شيء يكفينا

ونرضى بأي شيء لمجرد أن تبقى دماء الحياة

تتدفق في عروقنا

لقاحات.. لقاحات.. لقاحات

يتسابق المخترعون في ايجادها

ولكن السؤال يبقى يحوم في الفكر

أمن أجل الشفاء

أم لأجل زيادة رأس المال؟

قال العارفون وقرأنا وسمعنا

انّ كورونا تستهدف رئاتنا نحن البشر

ولكن ما بال الطير توقف عن النشيد

والشجر لم يعد يطرح الثمر؟

لماذا يخبو صوت القصيدة

هل أصيبت بنزلة برد

فأحيلت إلى الحظر

هل تشكلنا الجائحة

ام نحن نشكلها؟

تتلاشى الأجوبة

وتبقى الأسئلة كالزمهرير

كنا نعتقد ان الكون تخطى الهشاشة

ودخل في زمن ما بعد الحداثة

ولكن ها هو فيروس كورونا

فضيحة الكون

في الهشاشة

كيف الشفاء

والأفكار بلا يقين

والدواء بلا يقين

لماذا فقدنا اليقين؟

عدم اليقين

أن تدور بنا الدنيا

وتدور

هل نحن في النهايات

أم في بدايات خلق جديد

لكون جديد
 

مقالات متعلقة