للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
فيما يبدوا أن انتخابات الرئاسة الليبية لن ترى النور في وقتها المحدد، أو ربما تحتاج لمعجزة، نظرا لضبابية المشهد، وبقاء ليبيا حبيسة الصراعات والتجاذبات الداخلية والخارجية، التي زادت من ضعف مؤسسات الدولة الليبية المقسمة في الأصل، بالرغم أن هذه الاخيرة حاولت أن تستنجد بالغرب مؤخرا، للتشديد على ضرورة اجراء الانتخابات في وقتها المحدد وفرض عقوبات على من يعرقل المسار الانتخابي، ولكن ما نراه على أرض الواقع يؤكد أن المسألة أبعد من أن تحل في مؤتمر إقليمي، لأن منطق الميليشيا والنفوذ والأجندة، هو من يفرض نفسه.
أصدرت محكمة عسكرية في مدينة مصراتة حكما بالإعدام ضد اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وذلك بعد أيام من قبول ترشحه لانتخابات الرئاسة، فيما أعلنت لجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف طرابلس، قبول الطعن ضد المرشح الرئاسي، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، أما بالنسبة لنجل القذافي فقد أبعد من السباق بحجة ارتكابه لجرائم حرب، وبالرغم من سعي طاقم محاميه الى التقدم الى محكمة الاستئناف بمحافظة سبها، لتقديم طعن بخصوص هذا الاستبعاد، الا أن قوات مسلحة تابعة اللواء المتقاعد، خليفة حفتر حسب وسائل اعلام محلية، قد قطعت الطريق بقوة السلاح، وعرقلت المحكمة في البت في الطعن الانتخابي المقدم والذي كان من المقترض أن يصدر يوم الاثنين، بهذا يصبح الفرسان الثلاثة، متكافئين في التعقيدات بالرغم من ان قرار محكمة مصراتة ضد حفتر يبدوا مجرد تمثيلية مسرحية لن تزيده و أنصاره الا إصرارا على النجاح، أمام الأرانب الانتخابية التي تبقت .
يمتلك القذافي رصيدا شعبيا مبنيا على حسرة الليبيين وخيبتهم عن فشل ثورتهم ودخولهم النفق المظلم، بالإضافة الى رصيد أبيه الذي لا تزال بعض القبائل الليبية تكن له الولاء، لاستفادتها من امتيازات ابان فترة حكمه، بينما يرى البعض أن عودة القذافي الى الحكم تعني العودة الى الملكية المقنعة بشعارات جماهرية، والى منهج حكم بعثي، لا يتسامح مع خصومه، ويقضي على أي صوت يغرد خارج السرب، حتى وان استدعى ذلك دفع الملايين من الدولارات لمتابعة المعارضة في الخارج وتصفيتها، كما تحمل نسبة كبيرة من الليبيين فترة حكم آل القذافي مسؤولية مآلات الوضع السياسي الحالي الذي تأسس بفعل الفراغ الذي حكم به معمر ليبيا طيلة 4 عقود، بالإضافة الى غياب تام لاقتصاد و للبنى التحتية في بلد ثري يفترض ان يكون على شاكلة شعوب دول الخليج، ولهذا لا ينبغي أن يعود سيف الإسلام الى الحكم لأن أول خطوة سيفكر فيها وهي إعادة نصب المشانق والانتقام لأبيه شر انتقام.
ان تغير طريقة لبس سيف الإسلام من الشاب الذي كان يرتدي البدلة السوداء ويمزج العربية بالإنجليزية في خطاباته الى شيخ يحاكي طريقة أبيه في ارتداء اللباس التقليدي تفسر على انها تقمص لشخصية القائد الراسخة في عقول الليبيين والتي لن ربما لن تمحى لعقود، لقد أسس القذافي لنظام حكم قابل للاستمرارية والتوارث لمدة قرون، لولا موجة الربيع العربي التي حركت الشارع الليبي.
أما بالنسبة للدبيبة فلقد حاول هذا الأخير أن يلعب ورقة رابحة قبل الترشح، بأن أطلق منظومة الزواج، ووزع من خلالها بعضا من الملايين من الدينارات على حساب الخزينة العمومية أملا في كسب الكثير من الشعبية التي ربما ستدعم حظوظه الانتخابية، لكن البعض من الليبيين يرون في الدبيبة موظفا إداريا تابعا لجهات أجنبية، لم يحقق أي فارق في المعادلة الليبية، ولم يستطع هو وفريقه الحكومي ان يحققوا التغيير الاقتصادي المنشود.
يبقى حفتر الجنرال الذي يملك الحظوظ الأوفر لرئاسة ليبيا، ليس لأنه يمتلك شعبية واسعة ولكن لأن ليبيا لن تحكم بمنطق الديمقراطية بل بمنطق القوة والسلاح والحلفاء الأجانب ومدى رضى الغرب عن الاجندة التي يقدمها هذا المرشح، بالإضافة على رضى الجار المصري على هاته الشخصية التي نسقت كما كان مطلوبا منها لحماية الأمن القومي المصري، كما ترى مصر ان وجود نظام حكم عسكري في ليبيا هو الأنسب لضمان عدم تفككها، والوحيد القادر على حكم القبائل وتجريدها من السلاح الذي قد يشكل خطرا كبيرا على المنطقة برمتها، أما بالنسبة للجزائر فالوضع مختلف نوعا ما، نظرا لأن حفتر يكن مشاعر الكراهية للجزائر الداعمة لحكومة طرابلس على حسابه وهذا ما جعله يهدد باحتياج جنوبها سابقا، لكن الجزائر قد ردت على تصريحات حفتر باستعراض عسكري ضخم قرب الحدود مع ليبيا، أوصل له رسالة واضحة بان الجزائر قادرة على الرد العنيف الذي يستطيع كبح تهوره ومعرفة حجمه أمامها، أما بالنسبة لدول الناتو فهي ترى ان وجود حفتر لا يقلق بقدر ما يخدمها اذ انها ستولي له المهمة للإشراف على حماية السواحل الأوروبية من خطر التهديدات الإرهابية قد تقترفها ميليشيا متهورة، وخطر تحول ليبيا الى ميناء لتهريب البشر والمتطرفين الى أوروبا، لهذا فان التعامل مع رجل عسكري احسن بكثير من التعامل مع رجل سياسي .
وبين هذا وذاك، تغيب المؤشرات التي تدل على اجراء الانتخابات في وقتها وتحضر أخرى تؤكد تأجيلها، وهذا ما لم يستبعده رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، يبقى المواطن الليبي حبيس الصراعات بين شرق البلاد وغربها، في بلد لم تسمح له ثرواته النفطية وموقعه الجغرافي، بأن يبني اقتصادا قويا وأن يحقق مستوى معيشي محترم لمواطنيه، يضمن لهم العيش الكريم ويغنيهم من التنقل الى دول عربية وأجنبية، للإجراء عملية جراحية بسيطة نظرا لغياب المرافق الصحية، ويضمن لهم توفر الكهرباء صيفا من دون انقطاعات متكررة، ويسهل تنقلهم بين محافظة وأخرى دون الخوف من الوقوع في كمين مرتزقة وقطاع طرق .