الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 01:01

من الأرض والثوب حتى الفلافل ثم ورق العنب/ بقلم: بكر أبوبكر

بكر أبوبكر
نُشر: 12/12/21 08:27,  حُتلن: 08:29

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

يسرقون تراثنا وملابسنا وأكلاتنا بلا خجل وعلى ظهر مسابقة ملكة جمال الكون؟  تضج وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الأمر، لنقول ومتى كان اللص أو القاتل له من الخجل مكان؟
غرّدت الأكاديمية الفلسطينية يارا هواري قائلة "يستضيف النظام الإسرائيلي هذا العام مسابقة ملكة جمال الكون، بعد انسحاب العديد من المتسابقات منها. لكن لا تزال متسابقات عديدات يشاركن بمَن فيهنّ من جنوب الكرة الأرضية، وتُظهر ملكة جمال الفلبين الاستيلاء الجسيم على الثقافة الفلسطينية". (ملكة جمال الفلبين المذكورة من ام فلسطينية وكان من أكبر أمانيها دخول فلسطين حيث يعذرها البعض في لبس الثوب فهي فلسطينية)
فهذه السرقة لتراثنا العربي الأصيل متأصلة بالسارقين المحتلين والارهابيين، وهو شأن المستعمرين والمحتلين عامة الذين افتكوا بلدان الآخرين وقتلوا الشعوب بلا أدنى قيم دينية حقيقية أو انسانية وجعلوا من أرض الأصلانيين وكأنها أرض المحتلين لها!
تمامًا كما كان من شأن فرنسا الاستعمارية حين احتلت الجزائرالعظيم وغيرها، وأولئك المتعصبين الذين قدموا الى أمريكا الجنة الموعودة التي وعدهم بها الرب باعتبارهم "شعب الله المختار"!؟ حسب التوراة! بفهمهم، وهي كانت تضم أكثر من 20 مليون من السكان الأصليين (الذين تبخروا لاحقًا كيف؟) (لمراجعة الأستاذ أحمد الدبش في كتبه).
فلسطين لم تشذ عن السرب في الانتهاك والاستعمار والسرقة لأرضها من قبل الاستعمار الغربي ثم بالتحالف مع الصهيونية لاحقًا، والتي تم تركيب قصة تناخية (توراتية) لتسند الرؤية الاستعمارية فيها، فلم يكتفوا مع الاحتلال من تغيير كافة الأسماء للجبال والهضاب والصحاري والخرب و...الخ (لمراجعة كتاب الإسرائيلي "ميرون بنفنستي" المعنون المشهد المقدس)، بل قاموا بتغيير الغطاء النباتي وفي مساحات أخرى والحيواني وصولًا لسرقة الطعام والملابس والموسيقى ...الخ.
وكيف لا يكون ذلك ومفكر إسرائيلي كبير ومؤرخ وعالم آثار وهو "إسرائيل فنكلستاين" يقف محتارًا حين يتحدث عن "الإسرائيليين" القدماء المندثرين في كتابة الشهير "التوراة مكشوفة على حقيفتها" للقول إن كانوا هم كذلك فهم بالضرورة جزء من الكنعانيين!؟ رافضًا غالب قصص التوراة الخرافية كالممالك والخروج والهيكل الخ.
صديقنا "أوري ديفيس" هو عضو المجلس الثوري لحركة فتح وأحد اليهود التقدميين الذين لهم باع طويل في دعم القضية الفلسطينية والاعتراف بفلسطين والشعب الفلسطيني طالبًا السعي لقبولهم في هذا البلد أي في فلسطين واضعًا قرار التقسيم أساسًا وليس الحل على قاعدة الدولة في حدود العام 1967 ولطالما نظّر لهذا الأمر طوال فترة مزاملته لي في عضوية المجلس الثوري للحركة.
بمعنى أن قبول "ديفس" بالحل ارتبط بالجذر السياسي أي منذ القرار الأممي لا غير، والى ذلك فهو مؤلف كتاب ""إسرائيل الأبارتهايدية" وجذورها في الصهيونية السياسية" الصادر بالعربية عن دار الشروق عام 2015 (وبالانجليزية منذ العام 2003م)، الذي فنّد فيه مقولات "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" الكاذبة (ص22)، ورفضه لفكرة ما سمي اعلان الاستقلال الصهيوني وقيام "دولة إسرائيل" على "أرض أسرائيل"! متعجبًا من قصة "أرض إسرائيل"! التي لم ترد في قرار التقسيم 181 أصلًا (ص100) وليسير في الكتاب موضحًا عن التطهير العرقي الذي مارسه الجيش الإسرائيلي عام 1948-1949 وهو ما كان أيضًا من المفكر التقدمي اليهودي-الإسرائيلي أيضًا "إيلان بابيه" في كتابه الشهير "التطهير العرقي" الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية عام 2007م.
يقول "أوري ديفس" ص144 من كتابه "ان المجتمع المدني الناطق بالعبرية المقيم حاليًا في فلسطين بالإضافة الى الجانب الرسمي في "إسرائيل" يعرفون الحقيقة"، فما هي الحقيقة؟ يقول: "هم يعرفون أن القصر في هرتسليا والشقة البسيطة في هوامش دولة "إسرائيل" في حدود خطوط الهدنة عام 1949 تقع على أراض منهوبة ومسلوبة، هجّر أصحابها وهم الشعب العربي الفلسطيني بالقوة منها".
من يسرق الأرض-ومازال- ويقتل شعبها بالتطهير العرقي ويركّب رواية خيالية-لا تصمد لا تاريخيًا ولاعلميًا ولا آثاريًا- لادعاء الامتلاك لها لا يضيره بتاتًا أن يستكمل عملية السرقة بالثوب والكوفية وورق العنب وبالفلافل والزعتر، والمقلوبة والكبة النية لاحقًا.
كتب الأديب والكاتب الفلسطيني والصديق خالد غنام كتاب "الفلافلوجيا-الفلافل والقضية الفلسطينية" الصادر عن درار فضاءات عام 2021م، دفاعًا عن الفلافل وعن القضية والتراث والتاريخ العربي الفلسطيني.
ويقول صديقنا الكاتب الجميل خالد غنام أبوعدنان عن كتابه: "قد يكون الكتاب مجرد بداية لمحاولة إرساء أركان علمية لحماية التراث العربي الفلسطيني من السرقة والتزوير، والحقيقة أن المتابع للإعلام “الإسرائيلي” يدرك أنهم يقومون بشكل مستمر بسرقات للتراث العربي الفلسطيني، ولعل أخطر تلك السرقات هو التنقيب عن الاثار في مناطق الضفة الغربية والقدس، وكتابة تاريخ تلك الآثار وفقًا لعلم الفلسطينولوجيا الذي يفسر العلوم من منظور صهيوني. كما أن الصهاينة يقوموا بطمس أي معلم يثبت أحقية الشعب العربي الفلسطيني بوطنه، وقد قاموا بسرقة أكثر من نصف مليون كتاب خلال حرب النكبة عام ١٩٤٨، وهي مخفية ولا يمكن الوصول لها، ومن جانب آخر يقوم الصهاينة بحملات إعلامية لاثبات أنهم وجودوا دلائل تاريخية تؤكد أن لهم حق في احتلال فلسطين، وهي كلها زائفة ولا تستند للحقائق العلمية المحايدة."
بل وأضاف لنا باتصال في 11/12/2021م قائلًا: "هناك ضرورة لتسجيل -كل مكونات تراثنا- ومنها الفلافل في اليونسكو والمنظمات الدولية ذات الصلة على أنه أكلة شعبية فلسطينية استنادًا لاكثر من 180 دليل علمي جاءت في كتابي الفلالفلوجيا...وسأعمل على انجاز كتاب خاص بالكوفية الفلسطينية"
كتب الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي رافضين السرقة والسّراق، فقالت كنموذج المدونة مايا رحال "سرقوا ونهبوا أرضنا وماءنا وثرواتنا وخيراتنا وهواءنا وغذاءنا، حتى تراثنا وثقافتنا الفلسطينية، وبكلّ وقاحة نسبوها إليهم".
وقال المدوّن حسن ساري "شذّاذ الآفاق الأفاقون القادمون من خرافة النصوص سرقوا الأرض والبيوت وحتى الأغاني الشعبية التراثية وصهينوها بألحان نشاز ويدبكون عليها في مهرجانات دولية وهم يرتدون الثياب التقليدية الفلسطينية للرجال والنساء بوصفها ثيابهم. حتى الكنافة والفلافل سرقوهما".
وفي سياق الوعي العالي والتضامن العالمي كانت حكومة جنوب أفريقيا قد سحبت دعمها لملكة جمال البلاد في مسابقة ملكة جمال الكون التي تقام في الأراضي المحتلة، رفضًا لمعاملة سلطات الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني.كما أثارت ملكة جمال اليونان جدلًا في بلادها، بعد قرارها عدم المشاركة في المسابقة تضامنًا مع الفلسطينيين.
أعود لصديقي "أوري ديفس" التقدمي اليهودي والعضو في قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح وكان يجاورني في جلسات المجلس الثوري في فلسطين، وحين سألته عن أهم الأكلات أو الحلوى في أحد أعياد اليهود في فلسطين قال: لا يوجد!؟ فتفاجأت، فتابع: إن لكل قومية منهم حلواها الخاصة! لذلك أقول: فلا بد أن يسرقوا كل شيء بعد الأرض، منطقي! فمن أين يأتون بالتراث والثقافة الجامعة وهم من أكثر من 100 بلد وقومية مختلفة لذا يسطون على ثراثنا العربي الكنعاني الفلسطيني العريق! وعلينا ألا نقف مكتوفي الأيدي بتاتًا. 

مقالات متعلقة