الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

محمد نفّاع - المربي/ بقلم: فيصل طه

فيصل طه
نُشر: 21/01/22 09:58,  حُتلن: 16:39

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

يقصّ روايته بنعومة نسائم الوطن وخشونة جروح الأمل. لم يتردد للحظة بتلبية نداء المدارس، ولقاء الطلبة، يندفع طوعا وبرغبة خالصة والتزام فائق للمواعيد، يأتي الى رحاب المؤسسات التعليمية والتربوية، يصغي للأجيال الصاعدة باحترام، يحاور بانسجام ويتفاعل باهتمام، وبهذا اعطى نموذجا صادقا لكاتب، لأديب محلي يقترب من الطلاب بمودة، ويمدّهم بثقافة وطنية وانسانية عميقة، وبأمل ثائر لحياة افضل. توجد للكاتب محمد نفاع قصة مقررة ضمن المنهاج الدراسي الرسمي، قصة مختار السموعي. وبهدف تحويل التعليم الى تعلّم ذي معنى، بادرت مدرستنا، مدرسة الجليل الثانوية في الناصرة باجراء لقاء أدبي ثقافي على بساط أرض قرية السموعي المهجرة، لقاء جمع الطلاب مباشر مع الكاتب لمناقشة القصة والتفاعل مع احداثها، وملامسة جوانبها وابعادها المختلفة. هذا الدمج بين الكاتب والمكان والقصة والطلاب، هو نموذج للتعليم المؤثِّر، والذي يحمل في شكله ومضمونه شبكة من المعاني المتعددة والمتفاعلة والمؤثرة تعليمبا، تربويا، ثقافيا، وطنيا، قِيَميَّا وانسانيا. كان الكاتب نفاع يأتينا برغبة جامحة منتظرا حضور الطلاب الى قرية السموعي، وكان بحبه العامر وبقلبه الدافيء يقصّ روايته بنعومة نسائم الوطن، وخشونة جروح الأمل، ودويِّ أنين النكبة، نكبة الانسان والبلد، نكبة فلسطين الوطن، أدهش الطالبات والطلاب والهيئة التدريسية المشاركين بهذا اللقاء بثراء ثقافته ومعرفته وبأدق تفاصيل طبيعة بلادنا فلسطين، مثل اسماء النباتات على انواعها: علت، دردار، قرصعنّة، فيجن، زعتر، الملعة، اللهيون، تنتول، خبيزة، شومر، برقوق، الاقحوان، النرجس، بقدونس مرقدوش، السنديان، الشبرق، الخزامى، البطم، المل، الخروب، الزعرور، الزوفا، القندول، الشيح، التين، الزيتون، الريحان، وغيرها، وذكر اسماء بعض الطيور الشائعة في المنطقة، كالشحرور، الدوري، التركمان، عصفور الحُمّر، السُمّن، الوروار، الزريقي، الحمام، الحجل وغيرها، وأثرى حديثه باسماء بعض البلدات العربية المُهَجَّرة في شمال البلاد، مثل، الغابسية، كويكات، عمقا، المنشية، طربخيا، الكابري، البصَّة، قديتا، دلاتا، طيطيا، برعم، المالكية، كفرعنان، فرّاضي، عين الزيتون، وادي عامود، ، جدّين، دير القاسي، وغيرها . تُعتبر روايات نفاع وذاته كلا واحدا، كان هذا الكل بكُلّيته يتسلل وشوشة الى أذهان الحاضرين المحيطين به، ينساب مُغَرًِدا كالعصافير الضاحكة لايقاظ الفجر من غفوته، يلامس اوراق النباتات وازهارها بندى الصباح، ويداعبها بنعومة ريش اليمام. حضور الكاتب محمد نفاع هو ربط جدلي بين الارض والانسان والرواية، هو حالة مفعمة بالانتماء والأمل، يحلِّق بها، ويطير فرحا الى الآفاق ويحطّ برفق على سفح وطن يعشق نداه، يحضن صداه، يغفو على وسادة ناعمة، تصحو أحلامه وتستقر في حضن سحابة عائدة الى أديمها، ثم تعلوه صحوة صارخة، قهقهة ساخرة، متحدية آملة، ويلسعه صمت لاذع دامع من هَوْل اليباب، ثم تتلوه عذوبة الحديث، وسلاسة الكلام عن دقائق الحياة والسيرة الفلسطينية، لتغمر المشاركين في هذا اللقاء التفاعلي مشاعر متناغمة، متداخلة، متماوجة، تفوح نسيما عطرا يجلي العيون وينعش الأفئدة، ويتدحرج صدى الكلام من علياء مخيلته ودواخل كينونته، ليتدفق ينبوعا، بل ينابيع عذبة من الأقاصيص والروايات والأحاديث الحيَّة النابتة من اصولها الراسخة في التاريخ، والممتدة عبره الى آفاق المستقبل، يمازح الملتفين حوله بفكاهة ذكية تشوبها ليونة مثقلة المعاني تنبعث كنسمات ربيعية باردة، دافئة، تفوح فرحا يلامس طبيعة المكان بكل تفاصيله، ثم تجده يُتوِّج نهاية قصته برقصة فَرِحَة يُحرِّك بها الطلبة والمعلمات والمعلمين بحراك متماوج تتداخل في ذبذباته الاهازيج الطربة المأخوذة من تراث الأهل وأفراحهم، مؤكدا ثقته بهذا الجيل الصاعد، الذي سيحمي السنديان "والجرمق الأشوس المطل على الكون بوقار"، ثم يغادرنا المُعلِّم الملهم محمد نفاع في المساء ليعود" دغشة الصبح" بشغف وأكثر استعدادا الى اللقاء، لقاء جديد مع ابنائه الطلبة، لدرس جديد، لحضور جديد، لقاء في افق الطريق.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة