الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 02:02

د. علاء عثامنة: خلافا للمعلومات المغلوطة، الموت الدماغي هو موت نهائي ولم يعد أحد بعده الى الحياة

كل العرب
نُشر: 09/02/22 14:04,  حُتلن: 18:30

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

هناك الكثير من المعلومات غير الدقيقة المتداولة بين الناس، مثل: "شخص استفاق من موت دماغيّ"، دون التحقّق من مصداقية هذا الخبر؛ فقد يكون هذا الشخص في غيبوبة مثلا واستفاق منها.

يشير علم الطب أنّ الموت الدماغيّ هو موت تامّ وكامل، لا عودة، ولا رجعة بعده. حول هذا الموضوع، وعن تأثير ذلك على القرارات الطبية مثل اقرار الوفاة أو السماح بإمكانية التبرع بالأعضاء تحدثنا مع د. علاء عثامنة، عضو لجنة إقرار الموت الدماغيّ في المركز الطبيّ رابين، مستشفى بيلينسون.

د. علاء عثامنة، عضو لجنة إقرار الموت الدماغيّ في المركز الطبيّ رابين، مستشفى بيلينسون

ما هو الموت الدماغيّ وما أسبابه؟


يُعتبر الدماغ المحرّك الرئيسيّ للجسم، ويتكوّن من عدّة أقسام، لكلّ منها وظيفة (المخ، المُخيخ، وجذع المخ). تتواجد في جذع المخّ مراكز التحكّم الأساسيّة المطلوبة لحياة الانسان، مثل الوعي والادراك، التنفس العفويّ اللاإراديّ، ومركز التحكّم في نبضات القلب وضغط الدم. عند إصابة جذع المخّ بأذيّة ما، تتوقّف وظيفته الحيويّة كليّا، وهذا ما يُطلق عليه "بالموت الدماغي" أو "موت جذع المخّ"، إذ يتوقف الانسان عن التنفّس، وينقطع التحكّم في نبضات القلب وضغط الدم، ممّا يُؤدّي إلى توقّف خفقان القلب وموته.
من أسباب الموت الدماغيّ إصابة الرأس بضربة، مثل سقوط من مُرتفَع، نزيف دماغي كثيف، انقطاع التروية الدموية والاوكسجين لمدة طويلة الناجم عن انسداد في الأوعية الدموية الرئيسيّة في المخ، أو نتيجة لقصور القلب عن ضخ الدمّ إلى المخ ّبسبب سكتة قلبية.

هل هناك حالات تَقَرّر فيها الموتُ الدماغيّ ثم استفاق الشخص ؟


- كلا. لم يستفق أيّ إنسان بعد أن تمّ الإقرار بموته دماغيّا. أحيانا يتمّ الخلط بين مفهوم الموت الدماغيّ، ومفاهيم أخرى، مثل فقدان الوعي- الغيبوبة ( ,Coma )، أو الحالة الانباتيّة (vegetative state, צמח). في كلتا الحالتين يكون جذع المخّ سليما، ويقوم بوظائفه الحيويّة؛ فالشخص يتنفّس، وقلبه نابض. وهذا يتنافى مع تعريف الموت الدماغيّ أو موت جذع المخّ. وهنا لا بدّ من التوجّه لمجتمعنا، الذي هو على قدر كبير من الوعي، أن يتحقّق من المعلومات المنقولة له، وأن يغربلها عن طريق استشارة أهل العلم، فهناك الكثير من المعلومات غير الدقيقة المتداولة بين الناس، مثل: "شخص استفاق من موت دماغيّ"، دون التحقّق من مصداقية هذا الخبر؛ فقد يكون هذا الشخص في غيبوبة مثلا واستفاق منها. وهنا لا بدّ من أن اشدّد على أنّ الموت الدماغيّ هو موت تامّ وكامل، لا عودة، ولا رجعة بعده.

الجسم يموت عندما يموت الدماغ، فيتوقّف عن التنفّس، ويتوقّف القلب عن النبض. فما الحاجة بإقرار الموت الدماغيّ؟
رغم الفقدان التامّ لنشاط الدماغ، فإنّ استعمال أجهزة التنفّس الاصطناعيّ والأدوية المحفّزة للقلب يتيح بشكل مؤقّت المحافظة على التنفّس وعلى نبض القلب (ساعات إلى أيام). عند إقرار الموت الدماغيّ، فإنّ المريض يُعتبَر متوفّيًا قانونيّا ، وهو عبارة عن "جثة نابضة" بفضل الوسائل الاصطناعية الداعمة لأعضاء جسمه.

بعض الناس يخشَون أن يُقِرّ الاطبّاء بالموت الدماغيّ من أجل التبرّع بأعضائهم، ما رأيك؟


إقرار الموت الدماغيّ هو آليّة مركّبة، وليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض؛ ففي إسرائيل، هناك قانون الذي سُنّ عام 2008، ويُدعى قانون الموت الدماغيّ-التنفسيّ، والذي ينصّ على المبادئ والإجراءات الرئيسيّة المطلوبة لإقرار الموت الدماغيّ. من أجل تشخيص الموت الدماغيّ، ومن ثمّ إقراره، يُشكّل المستشفى لجنة من أطبّاء مؤهّلين في إقرار الموت الدماغيّ، الذين تمّ تأهيلهم ومنحهم الشهادة في إقرار الموت الدماغيّ، من قِبَل لجنة خاصّة، التي تمّ تعينها من قبل مدير عام وزارة الصحة، وفق ما ينصّ عليه القانون. هذه اللّجنة مكوّنة من أطباء، رجال دين، ومندوبين من مجال آداب المهنة وأخلاقياتها، ومجالي الفلسفة والقضاء.
ينصّ القانون على أنه يتوجب على الأطباء المؤهّلين في إقرار الموت الدماغيّ أن تتوفّر لديهم الشروط التالية:
● أطباء مختصون في المجالات المفصّلة بالقانون، منها: طبّ الاعصاب، الطبّ الباطنيّ، طبّ العناية المركّزة.
● أطبّاء ليس لديهم أي علاقة مباشرة في علاج المريض، الذي على وشك إقرار موت دماغه.
● أطبّاء ليس لديهم أيّ صلة في زراعة الأعضاء (منعا لتضارب المصالح أثناء إقرار الوفاة).

تتشكّل اللجنة من طبيبين اثنين، اللذين يشرعان بدورهما في القيام بالتشخيص السريريّ، الذي يُجرى وفق معايير موحّدة ودقيقة، ووفق فحص آليّ بحسب ما أقرّه قانون الموت الدماغيّ التنفسيّ، وتعليمات منشور مدير عام وزارة الصحة، رقم 27/09 بتاريخ 25.05.2009 حول إقرار الموت الدماغيّ.


كيف تتم عمليّة تشخيص موت الدماغ، ومن ثمّ تأكيده وإقراره؟


أولا، يتمّ إجراء فحص آليّ، وهو فحص تصويريّ للأوعية الدمويّة، لكشف جريان الدمّ إلى المخّ، مثل جهاز SPECT أو جهاز Transcranial Doppler. في حالة موت الدماغ، هذه الاجهزة تشير إلى انعدام حيويّة الدماغ، بسبب انقطاع جريان الدمّ إليه، ومن ثمّ يباشر فريق الأطباء (المكوّن من طبيبين) بأجراء اختبارات سريريّة، منها اختبار استجابات وانعكاسات محدّدة، للتأكّد من عدم وجود أيّة علامات للحياة، حتّى لو كانت علامات خافتة. إن وُجِدَت هذه العلامات، فإنّ اللّجنة تتوقّف عن إكمال الفحوصات، ولا يتمّ الإقرار عن الموت الدماغيّ. أمّا إذا لم يتمّ وجود أيّ علامة للحياة، ففي هذه الحالة، تُقِرّ اللجنة الموت الدماغيّ، ويُسجّل موعد الوفاة، وفقا لوقت إقرار الموت الدماغيّ.
بعد الإقرار عن الموت الدماغيّ، يتوجّه الطبيب إلى عائلة المتوفّى لإخبارهم بوفاة عزيزهم، مع الإشارة إلى أنّ هناك فرصة متاحة لإنقاذ أناس آخرين عبر التبرع لهم بأعضاء المُتوفّى. في حالة عدم موافقتهم على التبرّع، يتمّ رفع جهاز التنفّس الاصطناعيّ.
ما هي الاعضاء والانسجة يمكن التبرّع فيها؟
يمكن التبرع بالقلب، الرئتين، الكبد، البنكرياس، الكِلى، القرنيّات، وأعضاء أخرى.

هل تُؤدّي عمليّة استئصال الأعضاء إلى تغيير شكل الجثّة؟
إنّ عمليّة استئصال الأعضاء، لا تؤثّر على شكل الجثّة، ولا يمكن ملاحظة أي تغيير عليها كما ولا تؤثر على اجراءات ومراسيم الجنازة. 

مقالات متعلقة