للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
ذهب الكثيرون لتفسير سبب الحرب الروسية على أوكرنيا مذاهب عدة، فمنهم من أرجعها لأسباب صراع الهيمنة والسيطرة والتمدد الجيوسياسي الغربي أو الشرقي وما بينهما من نهم التوسع واظهار القوة والفكر الاستعماري الامبراطوري، وفي سياق معادلة القوة ومساحات النفوذ وتحقيق الأمن والرأسين أوأكثر في العالم.
ومنهم من افترض صحة الرواية الروسية أن الاجتياح الروسي جاء لحماية سكان الجمهوريتين المنفصلتين بسكانها الروس في أوكرانيا.
وتجد من المحللين من أرجع الحرب والأزمة أساسًا للمصالح الاقتصادية أو للاقتصاد السياسي ما نرى أثره بالتخوف الأمريكي الكبير نتيجة التوغل الروسي في أسواق أوربا عبر الغاز والنفط والمنتجات الروسية (والصينية) الأخرى ما هو بالحقيقة مزعج لأي عقلية غربية امبراطورية كما العقل الامريكي الاستعماري.
ومنهم من أرجعها لغنى الأرض الأُكرانية زراعيا وصناعيًا وموقع جغرافي، ما هو مثبت بالأرقام، وذهب البعض لاتهام الرئيس الروسي بأنه شخص عنصري حالم بارجاع الامبراطورية السوفيتية، أو القيصرية الروسية، والبعض اتهمه-في سياق الحرب الاعلامية بالحقيقة-بأنه قومي متطرف وأيضًا أنه حليف للكنيسة الأرثوذكسية الروسية الى الدرجة التي تم تصويره فيها أنه يتبع أثر الأمير فلاديمير الأول (978-1015م) أمير كييف الذي أدخل المسيحية للمنطقة، كما تم تبشيعه بتصويره وكأنه هتلر (قومياً) أو كأنه (أبوبكر البغدادي) بالتعصب الديني! وهو سياق الاعلام الغربي المهيمن والقدرة المسيطرة فيما وراء الشابكة على استخدامه.
في تحليلات أخرى أرجعت الأمر للابتعاد الأوربي وعلى رأسه الألماني عن الولايات المتحدة الأمريكية تجاريًا، ما سيقوّي النفوذ الروسي، لاسيما والتمدد الروسي اللطيف (والصيني أيضًا وهو المشار له بالمثل العامي: الكلام معك واسمعي يا جارة) في أوربا والعالم، وفي ظل مطالبات الرئيس الامريكي السابق "دونالد ترامب" (الصهيوني والمتدين المتشدد) لأوربا بحماية نفسها وبداية التفكير بالانسحاب الأمريكي للداخل.
التحليلات التي نظرت للأمر من الزاوية المصلحية الاقتصادية، تلك المصالح النهمة التي لا تشبع منها الطبقة الثرية والسياسية الحاكمة "البلوتوقراطية" كتبنا فيها مقالًا، ولا نختلف مع السائرين في هذا المذهب التحليلي كثيرًا.
أحد أبرز المحركات عبر التاريخ كان العامل الاقتصادي، والاجتماعي إضافة للسياسي والديني، والعاملان الأولان أساسًا هما اللذان دفعا البابا أوربان الثاني (1035-1099م) لأن يحرّض جموع الأوربيين الجوعى والفقراء الذين ارتفع رأسهم قليلًا في مواجهة طغيان الكنيسة آنذاك، والاقطاعيين الى الشرق العربي وفلسطين في حملاته الصليبية والتي أسماها حربه المقدسة قائلًا عليكم "تحرير الكنائس المسيحية في الشرق وفي الأرض المقدسة من الكفرة والوثنيين"!
في جميع الأحوال فإن العامل الاقتصادي حاليًا، والجيوسياسي، وليس بعيد عنه دورالنزق الشخصي، والمتآزر مع الإعلامي أصبح عاملا حاسمًا في كل الأزمات والحروب والتوسع العالمي للقوى الكبرى.
الى ذلك قال مستشار الأمن القومي الأمريكي الشهير "بريجنسكي" عام 1994م مطالبًا بلاده بتقوية أوكرانيا مقابل روسيا: "لا يمكن التأكيد على نحوٍ كاف أنه من دون أوكرانيا لن تعود روسيا امبراطورية، لكن مع أوكرانيا خاضعة لها، تتحول روسيا فورا الى امبراطورية".
الذين تطرقوا للنوايا الشرقية الروسية السلافية القومية على اعتبار التاريخ المشترك والدين بين السُلافيات روسيا وبيلاروسيا وأكرانيا حاول بعضهم تصوير الرئيس الروسي بالمهووس القومي والديني الامبراطوري، وكأن الولايات المتحدة الامريكية، ورؤساها، التي اعتدت وهاجمت وقتلت وشردت الملايين عبر السنوات ما بعد الحرب الأوربية (المسماة العالمية) الثانية التي انتهت عام 1945م مبرأة من الدم والمآسي والفكر الاستعماري التوسعي، أوكأن الهجوم الأمريكي-الصهيوني المتواصل لنهب منطقتنا العربية والاسلامية وفي كل مكان قابل للتساهل معه! أومما لا يجب الالتفات له؟
الحرب على أكرانيا (أوكرايينا) أو ضد أي بلد في العالم لا نقبله، ونحترم إرادة وصمود كل الشعوب في وجه أي استعمار أو احتلال أو هيمنة أو مظالم أو طغيان، فشعب فلسطين الواقع تحت الاحتلال والطغيان لوطنه فلسطين العربية الخاضع للاستعمار الصهيو-امريكي المتآزر مع الغرب الاستعماري منذ غرس خنجر الكيان الصهيوني في هذه البلاد (منذ القرن التاسع عشر بالدعوات الفرنسية والامريكية والانجليزية ذات الطبيعة المصلحية السياسية الاقتصادية، والغلو الديني الانجيلي الصهيوني) لا يقبل الظلم مطلقًا، وبما نؤمن بقول الحق سبحانه "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" (39)-الحج.
ولا تنفع دعوات أو شماعة الحرية وحقوق الانسان الباهتة في تبرير أي حدث عدواني، مادامت أمريكا الامبريالية تدوس برجليها دومًا وأسلحتها المختلفة على جثث الملايين عبر العالم في حربها الموسومة للمغفلين أنها ضد الإرهاب! أو ضد الأسلحة الكيماوية بالعراق! أو لنشر الديمقراطية! أو لغرض تثبيت حقوق الانسان! (أي انسان هو المقصود) في مهزلة ما بعدها مهزلة حيث تعيث الإدارة الامريكية "البلوتوقراطية" -المستفردة بالعالم- فسادًا وخراباً بالعالم دون رقيب أو حسيب وكذلك الأمر فيما يحصل من الدولة الوحيدة المقدسة والمحصنة في العالم أي "إسرائيل".
مهما كانت الأهداف الغربية من توسيع حلف الناتو-على حساب ما كان الاتحاد السوفيتي سابقًا- وإرغام أوربا على أخذ دورها المالي العسكري وعلى إجبار اسواقها الانسحاب من المبادلات التجارية مع روسيا (والعين مفتوحة أكثر على الصين القوة العالمية الصاعدة كالصاروخ) فإن السعي الأمريكي دون الالتفات للأسواق يكون غير مفهوم، فالأسواق في العالم وفق المنطق الأمريكي المهيمن يجب أن تظل مفتوحة للبضائع الغربية وعلى رأسها الامريكية تلك البضائع المهمة وغير المهمة في إطار منع التقدم الزراعي والصناعي والتقاني عن مختلف دول العالم بكل الطرق، وعلى رأسها أمة العرب المستهلِكة فقط، التي أدمنت الجهل الزراعي والصناعي والتقاني الموحد أي المتكامل عربيًا فباتت بلا قيمة ليس فقط بقضية فلسطين، وإنما بحضورها الباهت أوالعاجز كقوة موحدة بين الأمم، فالأمم المنبهرة بغيرها، والمستهلِكة لمنتجات غيرها الاقتصادية والفكرية والسياسية والثقافية، والخانعة لإرادة الغير، ليس لها الا الاستمرار بذلك إن لم تقم لتقف على رجليها معتمدة على التعليم والاقتصاد والفكر الحضاري الثقافي الناهض.
الحرب في أكرانيا مرفوضة. والعشرات من الحروب الظالمة قبلها بيد القوة المهيمنة الأمريكية أو غيرها، فلا نستبدل هيمنة بهيمنة أخرى بتاتًا.
والحرب الصهيونية "الروتينية لدى الصهاينة"! علينا مقاومتها هنا فيما يحصل في بلادنا فلسطين لكن للأسف بشكل لا يحرك العالم ولا دول "الحرية والديمقراطية" لتعترف بدولة فلسطين!؟ بينما تنامت مشاعر العنصرية للعيون الزرقاء فيما يحصل في الحرب على أوكرانيا!
الحرب والعدوان كما حصل مرارًا وتكرارا ضد كل فلسطين، وفي الانتفاضة الثانية مؤخرًا ثم في الحروب المتكررة بكافة الأسلحة على الضفة، وقطاع غزة من القصف ضد المدن والمخيمات والقرى والمواطنين ألا يمثل معاناة انسانية تستوجب رفع الصوت عاليًا وتحقيق العدالة بدءًا من الاعتراف بلا مواربة بحق تقرير المصير لشعب فلسطين المنكوب والمظلوم منذ اكثر من 70 عامًا حتى اليوم؟!
الحرب الدائرة حاليًا في أكرانيا، مهما كان التحليل لأسبابها ومآلاتها، لا تستدعي من العربي الفلسطيني أن يتخذ إلا موقف الرفض للاحتلال-أي احتلال- والرفض المطلق من أي دولة للاعتداء على دولة أخرى. فكما كان منا رفض الاحتلال الأمريكي أو الغربي أو الاقليمي للعراق وليبيا و سوريا ...الخ، والصومال وبنما...الخ، فإن الرفض ينسحب على كل التدخلات الامريكية العسكرية العدوانية في كل دول العالم التي خلفت ملايين القتلي دون أن يندى جبين الانسانية في أوربا للحظة واحدة.
وكما يقول الاعلامي الشهير باسم الجمل: "علينا ان لا نصفق لاي احتلال مهما كانت دوافعه لاننا نحن محتلون".
لمن يدين الحرب على أوكرانيا، وهي بالطبع مدانة، أن يدين-ويتحرك- كل ما سبقها وما سيلحقها من حروب أمريكية أو صهيونية لاتتوقف، وبأشكال مختلفة ضد أي شعب أو دولة بالعالم، و في منطقتنا العربية فلا يصبح الكيل بمكيالين هو سمة العقل الغربي الاستعماري، أو كل من يدور في فلكه، ومعه الإعلام المسيطر عليه كما ظهر في الأزمة الحالية من قبل أمريكا.