الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 21:02

مجموعة الأكاذيب

بقلم: الكاتب والأديب محمّد علي طه

محمّد علي طه
نُشر: 31/05/22 12:52,  حُتلن: 15:52

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

على الرّغم من اعجاب هؤلاء المدرّسين، رحمهم الله، الّذين درّسوني مادة التّاريخ في المراحل الدراسيّة بالامبراطور الفرنسيّ نابليون بونابرت (1769-1821) الّذي اغتال مبادئ الثّورة الفرنسيّة وخاض حروبًا كثيرة واحتلّ بلدانًا عديدة وارتكب جرائم لا تحصى الى أن هُزِمَ في معركة واترلو (1815) ونُفِيَ الى جزيرة القدّيسة هيلانا حيث فارق الحياة ذليلًا، فقد رأيت فيه طاغيةً مغامرًا أدّت مغامراته الى مقتل مئات الآلاف من الفرنسيّين والعرب والايطاليّين والرّوس وغيرهم، وكلّما سمعت أو قرأت اسمه تذّكرت مجازره البشعة في بلادنا، في غزّة ويافا وجنين قبل وبعد فشله الكبير على أسوار عكّا، وتذّكرت أيضًا كيف استطاع مجاهدٌ عربيٌّ فلسطينيٌّ شجاع من آل شبيطة أن يقتل قائده الكبير في أثناء انسحابه من عكّا عائدًا الى مصر مرتكبًا المجازر في المدن والبلدات العربيّة، ولا بدّ من أن أتذكّر أنّ عائلة روتشيلد هي الّتي موّلت هذه الحملة العسكريّة للطاغية الفرنسيّ من أجل إقامة وطن قوميّ لليهود في فلسطين، وهذا قبل المؤتمر الصّهيونيّ الأوّل بزعامة هرتسل وقبل 160 عامًا تقريبًا على إقامة إسرائيل.


اذا كان الكثيرون من النّاس في العالم يتداولون قول نابليون المشهور "علينا أن نحذف كلمة مستحيل من القاموس" فإنّي أعجب بقوله "التّاريخ مجموعة من الأكاذيب المتّفق عليها" فمنذ مطلع شبابي وقبل أن أقرأ ما قاله هذا الطّاغيّة بدأت أشكّ في صدق وموضوعيّة العديد من النّصوص التّاريخيّة ولعلّ هذا الشّكّ يعود الى ما قرأته في تلك الأيّام للمفكّرين الكبيرين ديكارت وطه حسين، وحاولت مرارًا تطبيق هذا الشّكّ على نصوصٍ تاريخيّة قديمة أو حديثة كنت أقرأها مثلًا على ما كتبه المؤرّخون العباسيّون عن الخلفاء الأموييّن وتشويه سمعتهم الأخلاقيّة وما كتبه مؤرّخو الشّيعة عن السّنة أو بالعكس.


وجدت فيما قرأته مجموعة من الأكاذيب الكبرى في كتب التّاريخ الاسرائيليّة فيما يتعلّق بتاريخ فلسطين على مرّ العصور وكذلك عن حروب إسرائيل منذ العام 1948 حتّى اليوم.
ورد في قصّتي "جسر على النّهر الحزين" الّتي كتبتها بعد حرب حزيران 1967 وقبل أن أقرأ ما قاله نابليون أنّ "التّاريخ شهادة زور يكتبها المنتصر" وينشرها ويعيدها مرارًا حتّى يصدّقها النّاس ويصدّقها المنتصر نفسه.
لو اطّلعنا على موادّ التّاريخ الّتي يدرسها الطلّاب اليهود في المدارس الاسرائيليّة لوجدنا الكذب والتّزوير ومحو الآخر أيّ العربيّ محوًا كاملًا.


كتب الصّحافيّ ألوف بن، رئيس تحرير جريدة "هآرتس" في العدد الصّادر بتاريخ 27 أيّار الجاري (2022) أنّ الطّالب اليهوديّ الإسرائيليّ لا يدرس في هذه المناهج "عن الإسلام وتطوّره وانتشاره كما لا يدرس عن السّنة والشّيعة" وطبعًا لا يدرس عن الخلفاء الرّاشدين والدّولة الأمويّة والدّولة العباسيّة والامبراطوريّة العثمانيّة بل هناك "محو لتاريخ البلاد، ففي هذا المنهاج يظهر الفلسطينيّون فجأة في نهاية الانتداب البريطانيّ عربًا قساة عدوانيّين متمرّدين ضدّ الهجرة اليهوديّة الى البلاد، ولا شيء في كتب التّاريخ عن تطور المجتمع الفلسطينيّ ولا كلمة عن الحكم الاسلاميّ للبلاد أي عن فترة تمتدّ 1300 عام، ولا شيء عن حياة النّاس في يافا وعكّا (وطبعًا عن حياة النّاس في القدس واللّد والرّملة وطبريا وصفد وبيسان- م.طه) ولا شيء عن خراب مئات القرى في النّكبة" ويضيف ألوف بن "الفترة الوحيدة الّتي تذكرها كتب التّاريخ المدرسيّة منذ هوردوس حتّى هرتسل في سبع حصص دراسيّة أسبوعيّة هي الحروب الصّليبيّة وإقامة مملكة القدس المسيحيّة ولا تذكر من هم النّاس الّذين كانوا هنا قبل الصّليبيّين وبعد هزيمتهم" ويؤكّد ألوف بن أنّ هذه أمورٌ ممنوعٌ دراستها مخافة أن تثير عند التّلاميذ أسئلة عن صدق الرّواية الصّهيونيّة وتثير حبّ الاستطلاع لمعرفة الرّواية الفلسطينيّة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة