الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 17:02

سيكولوجيّة الصّراع العربي الإسرائيلي

بقلم: رافع يحيى

رافع يحيى
نُشر: 09/06/22 09:17,  حُتلن: 15:54

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

العربي الجّيّد هو العربي الميّت. مقولة سياسيّة مقيتة تعشعش في عقل الكثيرين من اليهود الإسرائيليّين، سواء صرّحوا بذلك أم لم يصرّحوا. ويجب طرد اليهود لأنّهم محتلّون، هي فكرة لا تغيب عن بال الكثيرين من العرب.

هاتان الفكرتان تقودان الصّراع العربي الإسرائيلي منذ نشوبه في ثلاثينيّات القرن الماضي. وأدتا عبر عقود إلى سفك دماء كثيرة....


كيف تنظر المؤسّسة إلى العربي؟ مخادع، العصا هي الطريقة المثلى للتّحكّم به، يعاني من انفصام بالشّخصيّة، تحكمه التّرسّبات القبليّة والطّائفيّة، يعيش فكرًا ماضويًا، لا ينتقده ولا يفكّر حتّى في جدواه. يحبّ المظاهر، جبان، ثرثار، يعاني من عقدة النّقص، استهلاكي، معقّد تجاه المرأة، عصبيّ وعنيف، يعاني من عقدة النّرجسيّة والايجو.


من خلال هذه النّواقص حكمت المؤسّسة الأمنية العرب، لم تحاول حتّى أن تعالج هذه الظواهر، بل على العكس غذّتها وجذّرتها في نفوسهم، عبر منظومات إداريّة، أمنيّة، بعضها واضح للعيان، وبعضها خفيّ. لأنّ هذه الثّغرات وهي كثيرة، وتجسّد شخصيّة العربي، قرأتها المؤسّسات الإسرائيلية، كالأمنيّة والعسكريّة والسّياسيّة، قراءة جيّدة وعميقة ووظّفتها لمصلحتها ولضمان استمراريّة وجودها وسيطرتها.


على سبيل المثال، انتخابات المجالس والبلديات قوّت وعزّزت العائليّة، فهناك مراكز في اسرائيل تقرأ جيّدًا سيكولوجيّة العربي وتعرف كيف تؤثّر عليه وتقوده. وبالإضافة إلى ذلك فقد غرق العربي بالقروض والدّيون، وانشغل بها وابتعد عن القضايا السّياسيّة الهامّة، فتحوّل إلى كائن استهلاكي جشع، أراح السّلطة من الكدّ والتّعب للتّحكّم به. فمن كان عبدًا للدّولار، ليس بحاجة لأعداء.


من جهة اخرى يشكو الفلسطينيّون من التّطرّف السّياسي الحاد في شخصيّة الاسرائيلي، على مستوى السّلوك وعلى مستوى التّصريحات، على حد سواء. فحتّى المواطن البسيط لديه فيسبوك وتويتر وانستجرام، ويدرك جيّدًا، ماذا يصرّح السّاسة في اسرائيل. هناك افتقاد للّباقة لدى الكثيرين من القادة الاسرائيليّن تجاه الأقلّيّة، كانت هذه التّصريحات في البداية، تقتصر على شخصيّات بارزة كرفائيل ايتان، وكهانا وغيرهم من المتطرّفين. لكنّها اليوم هي ثقافة منتشرة، ولا تقتصر على بن جفير وحده، وتهدف هذه التّصريحات للحصول على صوت النّاخب الاسرائيلي اليميني المتطرّف. نعم لقد بات التّطرّف، بكلّ أشكاله هو من يقود الدّولة ويقرّر مصيرها، وممّا يزيد الطّين بلّة سلوك المستوطنين بشكل عام واستفزازهم لمشاعر العرب والفلسطينيين في كلّ مكان. واقتحامهم البشع للأقصى وللقدس الشرقيّة مؤخّرًا، خير مثال على سلوكهم البربريّ.


أضف إلى ما ذكر أعلاه، لا خطّة سلام، ولا مشروع سلام، فقط بناء مستوطنات، والاستيلاء على المزيد...
باختصار صورة مروّعة، وشكل من اشكال الاحتلال العسكري، امّا الفلسطينيّون فلا حول لهم ولا قوّة. هم الطّرف الأضعف في المعادلة. ليس لديهم أوراق ضاغطة، والكلّ لاه عنهم. وإن سمعوا تصريحًا من عسكريّ او سياسيّ ما حول التّحرير... يبنون قصورًا في الهواء، ويستيقظون في صبيحة اليوم التّالي، إمّا على نكبة جديدة أو على نكسة جديدة!
إنّ العربيّ، رغم كلّ عيوبه، وما يمرّ به من صدمات عميقة، مؤلمة، انسان يعشق الحياة، ويطمح بأن يعيش بهدوء وسلام وكرامة. المشكلة برأينا في الأغلبيّة الحاكمة، لم تفهم ذلك بتاتًا، وعقليّة التّفوّق العسكري والاستعلاء تعشعش في دماغها. هي عقليّة مواجهة وليست عقليّة تصالح! وأحيانًا نتساءل، هل هو الضّعف العربي للأسباب أعلاه؟ أم لأنّها عقليّة متجذّرة في الماكينة العسكريّة، الّتي تحبّ فرض السّيطرة والتّحكّم بالآخرين؟


هل هناك مخرج من هذا الجحيم؟! الجواب لا، رغم وجود علاقات عمل يوميّة بين العرب واليهود، وهي مستمرّة على قدم وساق. فالتّطرّف في ازدياد واضح في المجتمعين، ونحن نعزي ذلك إلى غياب مشروع سلام، واجتياح التّطرّف للمجتمع الإسرائيلي، وسيطرة شخصيّات سياسيّة على المشهد السّياسي، تظنّ أنّه بالخبز وحده يحيا الانسان!
هل غيّر محور المقاومة التّفكير لدى العرب؟ الجواب نعم. زادت أحلام العرب حلمًا، وربحوا ساعات نوم إضافيّة، فقد سلّموا ملفّ الصّراع بأكمله للمقاومة، واستراحوا!!


ما هو الحل؟ لا حل. والتّفاؤل في هذا المقام كذبة كبرى، سيستمرّ هذا الصّراع، سيمضي اللّاجئون في انتظار العودة، وسيستمرّ الاسرائيليّون بالسّيطرة.


كان من الممكن أن نرى ضوءًا في آخر هذا النّفق، لو كان هناك مؤشّرات من هنا أو هناك، ولكن...!!
لقد بتنا نعتقد انّ هذا الصّراع سيستمرّ، ولن توقفه إلّا قوى ميتافيزيقيّة، صراع قابيل وهابيل الأبديّ ماض في طريقه. حتّى ذلك الحين ستظلّ الأسطورة لامعة، برّاقة، بينما النّزيف البشريّ، لا يتوقّف! وأفضل ما نختم به هذه المقالة، مقطعًا ممّا نظمه محمود درويش في قصيدة "ستنتهي الحرب":


"سَتَنْتَهِي الحَرْبُ
وَيَتَصَافَحُ القَادَةُ
وَتَبْقَىَ تِلْكَ العَجُوزُ تَنْتَظِرُ وَلَدَهَا الشَهِيدَ
وَتِلْكَ الفَتَاةُ تَنْتَظِرُ زَوْجَهَا الحَبِيبَ
وَأوْلَائِكَ الأطْفَالُ يَنْتَظِرُونَ وَالِدَهُمُ البَطَلَ
لَا أعْلَمُ مَنْ بَاعَ الوَطَنْ
وَلَكِنَّنِي رَأيْتُ مَنْ دَفَعَ الثَمَنْ".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة