الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 14:02

الكلباني كنموذج للتمييع وإسقاط الهيبة الدينية/ بقلم: ساهر غزاوي

ساهر غزاوي
نُشر: 22/07/22 07:45,  حُتلن: 13:54

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

من يقرأ ويدرس السيرة النبوية جيدًا، يجد أن محاولات تفريغ الإسلام من مضمون دعوته ورسالته بدأت مع بدء الإسلام في أرض الحجاز وفي مكة المكرمة تحديدًا، فعندما تعارض الإسلام مع مصالح قريش الدنيوية وجاهليتهم واستكبارهم واستبدادهم، حاولت قريش تفريغ الإسلام من مضمونه وعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم المال والجاه والسلطان، مقابل تخليه عن مضمون دعوته ورسالته، إلا أن الجواب كان معروفًا من النبي عليه الصلاة والسلام ورفض عروضهم وإغراءاتهم الدنيوية الزائلة.
لن نبتعد كثيرًا ما زلنا قد تحدثنا عن أرض الحجاز ومهبط الوحي وأرض الحرمين الشريفين وأطهر مكان على وجه الأرض يحج إليه الملايين من المسلمين من شتى بلاد العالم، فإن هذه البلاد التي تسمى اليوم (المملكة العربية السعودية) أصبحت مثارًا للجدل على نطاق واسع في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي، وأصبحت تُثار حولها الكثير من التساؤلات نتيجة التحولات والتغيرات السريعة التي تشهدها أرض الحجاز وخاصة ما تشهده من "الانفتاح المتوحش" وحرية بلا ضوابط وبلا قيود وحتى أصبح كل شيء بات ممكنا، هذا فضلًا عن "تعامي" السلطات السعودية (تنسيق رسمي مسبق) عن مسألة تسلل يهود إسرائيليين إلى الأماكن المقدسة التي يُحرم دينيا على غير المسلمين دخولها والتواجد فيها، وهذا كله غير منفصل أبدًا عن الأمر السعودي الملكي بتكليف الشيخ محمد العيسى الناشط بالترويج للتطبيع مع إسرائيل والذي يرى فيه الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أفيخاي ادرعي "الإسلام الحقيقي" كما غرد على صفحته بموقع تويتر!!
وما زلنا قد تحدثنا أيضًا عن محاولات تفريغ مضمون الإسلام من دعوته ورسالته الحقيقية، فإن الشيخ عادل الكلباني، إمام المسجد الحرام السابق والحافظ لكتاب الله، أحد العناوين والشخصيات الدينية المعروفة في بلاد الحجاز ومن الشخصيات الدينية الأكثر ما يُثار حولها الشكوك بسبب التصرفات التي تهدف لإسقاط الهيبة الدينية والتي دائمًا ما تثير الجدل الواسع، وتثير الشكوك حول أبعاد هذه التصرفات والرسائل التي يريدون إيصالها وتمريرها للمجتمع المسلم في بلاد الحجاز كونهم الأذرع الدينية للبلاط الملكي السعودي.. فماذا يعني أن يظهر الشيخ الكلباني بمظهر "مودرن" وهو على متن دراجة نارية بملابس (بنطلون جينز)، وقميص ممتلئ بالشارات؟! وقبلها ظهر الشيخ عادل الكلباني الحافظ لكتاب الله بلحيته الحمراء وزيه الوقور وهو يشارك في افتتاح بطولة "البلوت" وهي ولعبة من ألعاب القمار تنتشر في الخليج العربي بشكل كبير!! ثم يقوم بدور "الكومبارس" في عمل دعائي ويظهر بأحد الإعلانات الترويجية للعبة افتراضية شهيرة باسم "فيلد كومبات" تستضيفها إحدى مناطق موسم الرياض وذلك إلى جانب نجوم غناء وفن ورياضة آخرين، وظهر الكلباني أيضًا في إعلان ترويجي لموسم الرياض، حيث ظهر وهو يرتدي ملابس من العصور الوسطى، ويحمل شعلة نارية، في مشهد شبهه بعض المتابعين بشخصيات ظهرت بمسلسل "صراع العروش"!!
من المهم الإشارة إليه، أنني في هذا المقام لا أناقش الأحكام الشرعية في مسائل الحلال والحرام وفي ما يجوز وما لا يجوز شرعًا ودينًا، فهذا الأمر أتركه لأهل العلم والاختصاص في هذا المجال، غير أن ما أريد تسليط الضوء عليه هنا، هو استخدام الإعلام للنجوم من الدعاة والقدوات حتى يستهلكوا طاقة وأفكار الشباب في أفكار وأنشطة هامشية من خلال تعمد افتعال الضجات والحفلات الإعلامية الصاخبة لترسيخ مفاهيم وأفكار تؤثر على العقل الباطن حتى يألفها ويعتاد عليها الإنسان من خلال التأكيد والتكرار على هذه التصرفات الهجينة لتسويق أهداف أبعد وإن بدت مستترة، لكنها غير بعيدة عن محاولات تفريغ مبادئ الإسلام ودعوته من مضمونه وجوهره.
فمن أجل توجيه الأنظار لقضية معينة، لا بد من إحداث أزمة أو حدث يأخذ العقل بكامله ويقذفه في متاهات تلك الأزمة والحدث، وتستخدم لهذه وسيلة النجوم من الدعاة القدوات البارزين والتي كان الشيخ عادل الكلباني لهذه الوسيلة أحد أبرز أدواتها لإسقاط الهيبة الدينية من أعين الناس. وفي هذا السياق أنقل اقتباسًا من تغريدة لأحد أهل الحجاز الغاضبين من تصرفات الكلباني إذ قال: "حينما ترى مثل هذه الصور لمثل مدعي الدين والاسلام، وان كان إماما لبيت الله الحرام، فإنّك تُدرك أنّ حجم ما تم انفاقه لتشويه هذا الدين مهول، ما بين عملٍ لتمييع شخوص وآخر لزيادة مساحة التطرف، فإنّ الكلباني هو نموذج لمدرسة أرادت لرجل الدين الحديث أن يكون بشكل متدين ومحتوى فارغ ليخدم أسياده، فأضحى عبدا لهم مقابل فتات من الدنيا.. أهذا يؤم الناس وعشرات العلماء في السجون؟"
ختاما، فإنه ليس بمحض الصدفة أن يستهدف الإعلام النجوم من الدعاة البارزين والقدوات الدينية ويستخدمهم لتأدية الأدوار المشبوهة التي تثير الجدل والشكوك حولهم وتحرق أوراقهم وتزعزع الثقة بهم وتسقط هيبتهم الشخصية الاعتبارية الدينية من أعين الناس، فإن لهذا الاستهداف والاستخدام الأثر الواضح في تغييب القدوات الحقيقية واستبدالها بقدوات ساقطة منحرفة حتى يتسنى إبعاد الناس عن مقوّمات الحضارة من أخلاق وعبادات ومعاملات وعن مضمون وجوهر الإسلام الذي يتعارض مع المصالح الدنيوية لعناوين الجاهلية والاستكبار والاستبداد كما تعارض الإسلام منذ بدئه مع مصالح قريش الدنيوية وجاهليتهم واستكبارهم واستبدادهم.
 

مقالات متعلقة