الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 17:02

على بُعدِ خبط العصا من العيد وفلسطين ما زالت تشرُّ دما

منجد صالح
نُشر: 09/04/24 10:19

في كلّ بقاع الارض تجري الايام بصورة طبيعية، مع تعاقب الليل والنهار، كذلك في العديد من دول العرب والمسلمين تسير عقارب الساعة بصورة منتظمة، يأتي رمضان ويسود رمضان، ثمّ يبدأ بالافول وينقضي ، يهل من بعده مباشرة ويطل عيد الفطر، يشعر الكبار والصغار بدوران هذا الزمن، ويتشهّى الكبار قبل الصغارمزيدا من الوجبات الجديدة المُبتكرة على موائد رمضان المُتلاحقة، والحلويات باشكالها وانواعها حاضرة على الموائد وخاصة القطايف.

وكلّما ذُكرت القطايف اجد نفسي ابتسم او حتى اضحك مستذكرا احد زملاء الدراسة ونحن في الصف الثاني الاعدادي، الذي اخترع "نهفة"، قصة عوقب عليها "بفلقة" على رجليه العاريتين من قبل مدير المدرسة وامام طلاب المدرسة جميعا في ساحتها الواسعة الفسيحة، ليكون عقابه حينها "عبرة لمن اعتبر"، والحكاية أن مدرّس اللغة العربية امرنا أن نكتب موضوع انشاء حول الصوم، هكذا ببساطة موضوع انشاء كان من الممكن ان يمرّ وينقضي كغيره من مواضيع الانشاء لولا "تأليف الطالب "علي ص."، في موضوع انشائه رديء الجودة، حيث كان المدعو من الطلبة العابثين المتفذلكين قليلي الاجتهاد والانتاج.

في صباح ذلك اليوم ظهر مدير المدرسة فجأة دون سابق انذار إلى صفّنا، وهذا الامر قليل الحدوث اللهم إلا لأمر جلل!!،

سأل المدير: "من "علي ص."؟؟،

فوقف علي واجاب: أنا علي ص.،

فاقترب منه المدير وعيناه تقدحان شررا وقرصه في اذنه بقوّة حتى اصبحت حمراء مثل الدم، وصرخ عليه قائلا: "اتفتري على النبي (ص) يا كلب؟؟؟!!!

لم نفهم شيئا مما يجري إلا بعد أن اخرجونا إلى ساحة المدرسة، "واكل علي ص." ضربا على اسفل قدميه العاريتين وهو مربوط بوضع القرفصاء على كرسي خشبي، المدير يضرب بالعصا وعلي ص. يصرخ ويبكي من الالم والمدير يُعاود الضرب ويصرخ: "اتكذب على النبي يا كلب!!؟؟

تبين أن كل ما في الامر أن هذا العلي "الغشيم"، استرسل في موضوع الانشاء حول الصوم وذكر..." وفي رمضان يُكثر الناس من اكل القطايف، وكما قال رسول الله (ص) في حديثه الشريف: "كُلوا قطايف بالسمن طايف!!!؟؟؟"

فهل طاف العرب والمسلمون في هذا الرمضان باكل الحلويات وكثرة الشحم واللحم بينما قطاع غزة يطوف بالدماء الحمراء القانية وبالجوع والعطش ورائحة الموت والغبار والبارود!!!؟؟؟
جاء شهر رمضان الفضيل وينقضي وبطون اطفال غزة ما زالت فارغة، عيونهم جاحظة وشفاههم مشقّقة، الدمار والخراب والركام في كل مكان، هي التضاريس السائدة في القطاع المقطوع عن العالم، وحتى عن اقرب اقربائه.

نيكارغوا تنتصر لغزّة وتقاضي ألمانيا في محكمة العدل الدولية على دعمها لاسرائيل في ابادتها الجماعية للشعب الفلسطيني، وامّة العرب والمسلمين في سبوت نيام، في القصور وفي الصالونات وفخامة الخيام!!!، ربما كانوا مُنشغلين في رمضان في تحضير فطور اليوم التالي وعدّ قطع لحم الخروف الدسمة على سدور المندي والمنسف،

"أليس من "التقشّف"أن يكون على مأدبة افطار الامير الليلة فقط عشرة خراف محشية فقط؟؟؟!!، وهل ستكفي مخلّفاتها لكل القطط في القصر وما حول القصر؟؟!!

وهل "طافت" حلوياتهم بالسمن البلدي؟؟!!

في احد الايام في غزّة تقريبا يقيم سكان حي مُدمر حفلا لرؤيتهم "حبة بندورة" بعد كل هذه الشهور!!!، الشعب الفلسطيني من رفح حتى جنين ما زال "يشرّ" دما وما زالت آلة القتل الاسرائيلية تبطش بالصغار قبل الكبار، العيد على مرمى حجر، على بعد ساعات قليلة، فهل حقّا هناك عيد عند الشعب الفلسطيني، وهل حقا كان رمضان رمضانا طبيعيا في ارض السلام، مولد عيسى بن مريم ومسرى ومعراج سيدنا محمد (ص)؟؟!!

الحلويات والقطايف تطوف بالسمن في ارض العرب والمسلمين، يلفّهم الصمت والسكون، واصوات الدعم تأتي من بعيد، من بوليفيا وكولمبيا والتشيلي والبرازيل ونيكاراغوا وجنوب افريقيا، "رُبّ اخٍ لك لم تلده أمّك"، والبعيد يُصبح قريبا والقريب يزداد بُعدا.

العيد يقترب ويُداهمنا بخطى حثيثة، ستغيب شمس رمضان وتبزغ شمس العيد، مع تمنّياتنا لشعبنا الصامد الصابر المرابط المكافح أن تبزغ عليه في هذا العيد شمس الامل والتفاؤل والامن والامان والسلام والثبات في ارض الآباء والاجداد، في هذه الارض المقدسة التي بارك الله فيها وحولها.

وكل عام وانتم بخير.

مقالات متعلقة