الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 16:02

علماء من جامعة بار ايلان يكتشفون ثورة علمية في مجال علاج أمراض ضمور العضلات

كل العرب
نُشر: 15/05/24 14:57

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

في دراسة مبتكرة، نجح باحثون من جامعة بار إيلان وبالتعاون مع مستشفى تل هاشومير- شيبا- من تطوير طريقة جديدة متعددة الاستخدامات لنمذجة وتشخيص الأمراض البشرية من خلال ديدان الأرض الخيطية او ما يعرف ب- سي اليجانس (C. elegans).

ضمور العضلات أو ما يعرف بمرض الدوشين (Duchenne Muscular Dystrophy) , هو نوع من أنواع الأمراض المعنية بضعف العضلات وفقدان الكتلة العضلية بشكل تدريجي. في أغلب الحالات فان مسبب المرض الرئيسي هو طفرة جينية او خلل في تسلسل الأحماض النووية في جين يسمى ديستروفين (Dystrophin) الذي يتواجد على كروموزوم X, فغالبا ما يصيب الذكور والاناث هن الحاملات للمرض.

في مرض ضمور العضلات، فإن مثل هذه الطفرة او الخلل الجيني قد تعيق من إنتاج البروتينات اللازمة لبناء عضلة سليمة مما يؤدي الى تلاشي الكتلة العضلية بشكل تدريجي ومستمر، كعضلات هيكل الجسم المسؤولة عن الحركة وحتى عضلات المعدة والقلب. ويبدأ بالظهور في جيل الطفولة المبكرة ويؤدي إلى فقدان القدرة على المشي في العقد الثاني من العمر، في غالبية الحالات، إلى الوفاة المبكرة في العقد الثاني او الثالث من الحياة. وبحسب معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية، فان واحد من بين كل 4000-3500 ذكر يشخص بمرض ضمور العضلات الدوشين.

بالرغم من وجود طرق للكشف عن أمراض ضمور العضلات في مرحلة الحمل لدى النساء، فان نتيجة سليمة للفحص لا تُلغي بشكل مطلق خطر أن يكون الجنين مصابا بالمرض. وذلك بسبب احتمالية وجود طفرة جينية إضافية لم يتم الكشف عنها بالفحص. إضافة الى ذلك، فان قسم كبير من الحالات لا يرثون المرض من الأم، بل يكتسبوه نتيجة حدوث طفرة عشوائية لدى الجنين بمراحل الحمل المختلفة.

ان المحدودية في إيجاد حل نهائي للمرض او علاج يعرقل من تفاقم المرض بسرعة، يكمن في صعوبة تسخير خزعات وعينات من المريض للمساهمة في الأبحاث المخبرية، ناهيك عن قلة المعرفة في مسببات المرض واختلافه من مريض لآخر.  لذلك، فان معظم الأبحاث المخبرية تبحث في وظائف الجين ديستروفين (Dystrophin) والطفرات التي تحدث عليه.

وفقا لذلك "تكمن هناك حاجة ماسة الى تطوير سبل جديدة للكشف عن مرض ضمور العضلات الدوشين (Duchenne Muscular Dystrophy) وتطوير طريقة لفهم المرض وعلاجه بشكل شخصي بما يلائم كل مريض على حدا", يوضح رويد ناصر شلش. طالب الدكتوراه في علم الجينات الذي قاد البحث تحت اشراف بروفيسور سيفان كورنبليت, في كلية علوم الأحياء، في جامعة بار ايلان. د. شلش شارك في العديد من ورشات العمل والمؤتمرات المحلية والدولية المرموقة في الولايات المتحدة وأوروبا، وقدم بحثه للمجتمع العلمي والعالمي ويعمل اليوم كمحاضر مساعد في كلية علوم الأحياء، جامعة بار-ايلان.

" في مشروع بحث ضخم قمنا بالتعاون مع مختبر بروفيسور حايا برودي، في كلية علوم الأحياء، في جامعة بار-ايلان، والدكتور أمير دوري، أخصائي أمراض ضمور العضلات في مستشفى تل هاشومير- شيبا, وقمنا باستخلاص فقاعات جزيئية من دم مريض الدوشين, والتي تعرف علميا ب(extracellular vesicles- Exosomes) مسؤولة عن تواصل الخلايا فيما بينها, أي لغة الخلايا في الجسم. وقمنا بحقنها بديدان السي اليجانس في المختبر لاختبار تأثيرها على النسيج العضلي في الديدان.

بشكل ملحوظ، أظهرت تجاربنا المخبرية ان الفقاعات المستخلصة من دم المريض (extracellular vesicles) تأثر سلبا على النسيج العضلي في الديدان (العضلات الهيكلية، الأمعاء، الفم والخ..)، تفقده وظائفه الحيوية وتهدم مبناه الجزيئي. هذه النتيجة مطابقة لنتائج التحاليل السريرية لمرضى الدوشين المتطلع عليها وتطرح إمكانية تطوير نماذج بحث للأمراض في حالات معينة عن طريق استخدام العوامل المنتشرة في دم المريض فقط من دون الحاجة لإحداث طفرة جينية في الجين المسؤول.

“بالتناقض مع الطرق الجينية التقليدية التي تعتمد على العامل الجيني للمرض، عن طريق احداث طفرة او تغيير في جين معين لبحث المرض واستكشافه في نماذج مخبرية مختلفة، كالفئران، الأسماك، الذبابة، الخميرة أو البكتيريا، الخ.. فإننا نستغل الفقاعات الجزيئية (لغة تواصل الخلايا) المفرزة الى دم المريض للحصول على نموذج للمرض بدون الحاجة لتغييرات في الجين نفسه. إضافة الى ذلك، فهو ينقل المرض بمسبباته المختلفة وبشكل مطابق للمريض أي نموذج مخصص للمريض المحدد. يفتح بذلك إمكانية لإيجاد علاج ملائم للمريض بشكل شخصي", يوضح د. رويد ناصر شلش.

"كانت فكرة أخذ فقاعات الخلايا الخارجية لمرضى ضمور العضلات وزرعها في الديدان فكرة مجنونة، وقد فوجئنا بالنتائج"، تقول البروفيسورة كورنبليت والبروفيسورة برودي.

 "عندما زرعنا الفقاعات ورأينا أن الديدان قد طوّرت المرض نفسه وبدأت بفقدان النسيج العضلي، فهمنا أن لدينا طريقة جديدة لنمذجة وتشخيص الأمراض دون الحاجة لتغيير في الجين المسبب للمرض. فقاعات الخلايا الخارجية هي فقاعات تفرزها الخلايا في الدورة الدموية وتحتوي على مجموعة واسعة من الجزيئات التي تمثل محتوى الخلية (مادة نووية، بروتينات، وجزيئات الخ..). تحتفظ فقاعات الخلايا بمحتواها وتسمح بنقله بين أعضاء مختلفة، بالرغم من اختلاف الجنس (كائنات مختلفة) كما في حالة نقل الفقاعات من الإنسان إلى الديدان.  “ان اختيار ديدان الأرض الخيطية سي اليجانس يعود إلى حجمها الصغير والمجهري (وبالتالي لا حاجة لاستخدام كميات كبيرة من الفقاعات) بالإضافة إلى التشابه الجيني والبيولوجي الكبير بين البشر والديدان الخيطية، اذ أن لكليهما عدد جينات مشابه وما يقارب ال80% من البروتينات في جسم الانسان تتواجد ذاتها في ديدان ال سي اليجانس مما يُمكننا من استكشاف عمليات تطورية محفوظة بين الكائنات، ناهيك عن جهازها الهضمي والتناسلي والعصبي والأنسجة العضلية الي تجعل من الديدان نموذج بحث رائع للإجابة على أسئلتنا المعقدة! أبحاث بيولوجية سابقة تمت على ديدان ال سي الجانس حازت على ثلاث جوائز نوبل في الفيزيولوجيا والطب ". يضيف د. شلش.

هذا العمل ركز على مرض ضمور العضلات الوراثي - الدوشين. أثبتت نتائج البحث أن النموذج الذي تم تطويره مناسب لتشخيص دقيق للمرض وأيضًا لفحص سريع لفاعلية العلاجات المختلفة اذ يوفر علاج ملائم للمريض بشكل شخصي. من المهم التأكيد على أنه يمكن تجربة استخدام هذا النهج الابتكاري لنمذجة وتشخيص أمراض أخرى غير وراثية وأمراض وراثية متعددة العوامل. هذا الاكتشاف يجسد نقلة نوعية في مجال تشخيص الأمراض اذ يسمح بنمذجة المرض بشكل شخصي من مريض معين إلى دودة في المختبر من دون احداث طفرة جينية! "بهذه الطريقة، نحصل على نموذج يجسد المرض ونستفيد منه لإجراء بحث عميق لفهمه من الناحية الفيزيولوجية والجينية وتحديد المسارات جزيئية مشاركة في المرض"، يؤكد الباحثون.

أحدث هذا البحث ضجة في المجتمع العلمي والطبي اذ طرح تساؤلات عديده حول تمكن العلماء من نقل المرض من كائن حي لأخر من خلال الفقاعات الجزيئية! فقاعات كهذه نتعرض لها يوميا، اذ تتواجد في جميع الكائنات الحية، نباتا وحيوانا، ونتناولها من خلال طعامنا، كشرب الحليب، وحتى في عمليات التبرع بالدم! فتطرح تساؤلات عديده. كيف من يمكن لهذه الفقاعات أن تأثر علينا بصورة او بأخرى؟ وكيف تعمل؟ هل التعرض لمثل هذه الفقاعات قد ينقل لنا أمراضا او حتى عوامل مضرة من كائن حي لأخر؟ أسئلة مفتوحة قد يتمكن العلم من الاجابة عليها في المستقبل القريب.

هذا البحث هو نتيجة تعاون بين مختبر البروفيسورة سيفان كورنبليت ومختبر البروفيسورة حايا برودي في كلية علوم الأحياء، جامعة بار إيلان، والدكتور أمير دوري، أخصائي أمراض ضمورالعضلات في مستشفى تل هاشومير- شيبا بتمويل من وزارة العلوم والتكنولوجيا. وهو بحث مشترك لطالب الدكتوراة رويد ناصر شلش وطالبة الدكتوراة كرال كوهن مع زميلة البحث، الدكتورة مور ليفي-فربر. وقد تم نشره في المجلة العلمية "Disease Models & Mechanisms- 2024".

مقالات متعلقة