الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 18:02

من يبدأ حربًا متباينة الجبهات: استراتيجيات مختلفة المحاور قد تؤدي الى حرب شاملة

أمير مخول
نُشر: 05/08/24 07:17,  حُتلن: 14:47

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

من يبدأ حرباً متباينة الجبهات: استراتيجيات مختلفة المحاور قد تؤدي الى حرب شاملة متدحرجة، وقد توفر الاساس لاحتواء التصعيد.

تقدير موقف

بخلاف الجبهة الشمالية مع لبنان لا تتوفر لاسرائيل جبهات صراع حدودية، لا مع ايران ولا مع اليمن ولا العراق ولا غزة حيث لا شأن للحدود في الحرب عليها، فلا الحدود محور الحرب ولا الحدود ساحتها. الجبهة الشمالية التي قد تبدو حدودية لكن ومنذ تحولها الى جبهة اسناد لغزة او الانتقال الى استراتيجية وحدة الساحات، انتقلت الى تعريف الحرب المفتوحة حتى وإن كانت دون سقف الحرب الشاملة.

فما هي إذن استراتيجيات الاطراف:

غياب استراتيجية فلسطينية واحدة:

لا توجد استراتيجية فلسطينية واحدة موحدة،  لكن السائد هو وقف الحرب عن طريق صفقة التبادل ومنع فك مصير غزة عن مصير الضفة سعيا لدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران67. بينما استراتيجية حماس هي وقف الحرب على غزة والابقاء جوهريا على حالة الحرب مع اسرائيل مفتوحة وتوسيعها اقليميا من خلال وحدة الساحات وطوق النار حول اسرائيل. في المقابل، تقوم استرتيجية السلطة الفلسطينية المعتمَدة على اقامة دولة فلسطينية من خلال النضال الشعبي والدبلوماسي والقانون الدولي وغير العسكري.

استراتيجية ايران الابقاء على الصبر الاستراتيجي ودمجه بمحور وحدة الساحات

استراتيجية ايران هي المضي في بناء قدراتها الاقتصادية والعسكرية وتعزيز نظامها والمشروع النووي بالشكل المعنية به، وترسيخ منظومة حلفائها اقليميا ومعظمهم تنظيمات غير دولانية او شبه دولانية، كل ذلك لتكون بمنزلة دولة عظمى اقليمية غير مهدَّدة وذات نفوذ اقليمي ودولي. وضمن ذلك التعويض عن الضربة التي تلقتها حماس منذ اعلان اسرائيل الحرب وحتى اغتيال هنية في طهران وحتى الان.

غاية ايران الحالية هي في الاساس الردع من خلال الرد على اغتيال هنية في عاصمتها وذلك لتعزيز استراتيجيتها الاقليمية وتعزيز موقعها؛ من المتوقع ان تكون ضربة ايرانية قوية محسوبة، لان المواجهة ستكون مع اسرائيل ومع الجيش الامريكي وربما جيوش اخرى اوروبية. واذا كان السعي الايراني هو الانتقام من اغتيال هنية واستباحة سيادتها فذلك في نهاية الامر ممكن احتواؤه واستيعابه. ايران ليست معنية كما يبدو بالحرب، ومن المحتمل اذا كان القرار محصورا بها ان تلتزم كدولة بمبدأ الصبر الاستراتيجي الدفاعي في جوهره، والاستعاضة عن التوجه الهجومي المباشر بإلقائه على مسؤولية حلفائها في محور المقاومة والذين تمدهم بمقومات القدرات العسكرية الاساسية. لكنها قد تتورط في حرب كبيرة وهذا منوط باسرائيل ايضا.

استراتيجية حزب الله هي إعادة تصويب معادلة الردع بأدوات جديدة

غاية حزب الله الآنية هي استعادة وبناء معادلة الردع على اسس جديدة بعد استهداف اسرائيل للضاحية وتصفية  القائد العسكري فؤاد شكر، وضمان عدم الحاق الدمار الشامل بلبنان. وعليه فإن الاحتمالية هي السعي الى تسديد ضربة قوية لاسرائيل بمستوى تدفيع الثمن الرادع على الاستهداف المذكور. وكذلك لمنع اسرائيل من تحويل الغارة على الحديدة الى معيار في التعامل مع لبنان بما يعني، تصعيد في "عقيدة الضاحية" من العام 2006 في زرع الدمار الشامل، وللتنويه فإن نتنياهو وكل القادة الاسرائيليين يلوحون بأن مصير بيروت سيكون كمصير غزة. هذه الاستراتيجية من طرف حزب الله من المحتمل ان تبقي الامور دون سقف الحرب الشاملة، اذا توقفت عند استهداف مرافق استراتيجية دون المدنيين.

استراتيجية اسرائيل هي تفكيك وحدة الساحات وتسديد ضربة كبرى لقدرات ايران وبغطاء امريكي.

الاستراتيجية الاسرائيلية هي في طبيعتها هجومية عدوانية تسعى الى حرب استباقية إن استطاعت، وتعتبر ان حروبها الحالية وحصريا منذ السابع من اكتوبر 2023 تشكل خطرا وجوديا وفي حالة حرب وجودية، وتسعى الى: تفكيك وحدة الساحات وفصل الرابط بين وقف النار في اطار صفقة مع غزة عن التعاطي مع الجبهة الشمالية؛ والى توجيه الضربات الى كل جبهة على حدة باستهداف مقومات قوتها وتصفية قدراتها وقياداتها العسكرية والسياسية على السؤال، والسعي الى تسديد ضربة للمنشئات الاستراتيجية الايرانية بكونها "راس الاخطبوط"، اعداد جبهتها الداخلية للحرب؛ ويعني ذلك ارجاء البت في الصفقة اتباعا لمبدأ أن الضغط العسكري المكثف على حماس (على غزة) سيحسن شروط الصفقة؛ ضمان تفكيك القدرات العسكرية والسلطوية لحماس. اعتبار الحرب مع حزب الله هي الجبهة الاكثر جدية، والحرب الشاملة واقعة لا محالة فهل القرار هو التعجيل بها ام ارجائها الى ما بعد الصفقة ولو جزئيا والاستعداد الافضل لها لكونها ستقوم وفقا لتقديراتها باجتياح لبنان بريا، بعد الضربات الجوية ومن البحر، بينما الجبهة الداخلية في اسرائيل ستكون مستهدفة بكل جغرافيتها ناهيك عن المرافق الاستراتيجية في البر والبحر. اسرائيل معنية لو استطاعت بالقضاء على الاستراتيجية الايرانية القائمة على "الصبر الاستراتيجي"، وهي قائمة ايرانيا على استكمال ايران لبنيتها الاقتصادية والعسكرية والامن القومي بما يجعلها دولة

هل تبدأ استراتيجية اسرائيل بتفكيك وحدة الجبهات من "رأس الاخطبوط" ام خطوة بخطوة ولأمد طويل لا يمكن ان ينحصر بالخيار العسكري. وهل تكون على استعداد لدفع ثمن التهدئة المستدامة اقليميا بقيام دولة فلسطينية؟ لا تبدو قوى اسرائيلية حاكمة او تصبو الى الحكم قادرة على دفع هذا الصمن او معنية بدفعه من توفير باب الامن القومي طويل الامد

تفتقر اسرائيل الى اي افق سياسي، وهذه مسألة باتت في العقدين الاخيرين بنيوية اكثر منها سياسية حزبية فحسب، استراتيجية منع قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع تجعلها تعتمد استراتيجيات "ادارة الصراع" و "المعركة بين الحروب" و"تقليص الصراع" وكذلك الاستراتيجية الامريكية "التحالف الابراهامي" المستند الى التطبيع وحرف محورية الصراعات الاقليمية عن فلسطين. لكن اسرائيل ذاتها قد تقبل بحل سياسي نتيجة مفاوضات وجهود دبلوماسية مع لبنان، ويعود ذلك الى توازنات القوى ومعادلة الردع والثمن نتيجة للحل العسكري.

وفي حال حسم القرار الاسرائيلي فلن يكون من المستبعد الا تنتظر الردود، بل ان ان تقوم هي بحرب استباقية مكثفة.

للخلاصة:

امكانيات تدحرج الامور نحو حرب اقليمية شاملة تكون جبهتها المركزية بين اسرائيل وحزب الله، قائمة كما لم تكن يوما. الحالة القائمة على شفى حرب اقليمية والمؤسسة على القلق والترقب والتداعيات النفسية والعسكرية والاقتصادية، تحيط بمعظم الاطراف المذكورة، والتقدير انه لا يوجد طرف معني وقادر على خوض حرب اقليمية، سوى اسرائيل وفقط اذا ضمنت غطاء حربيا امريكيا فعليا سواء أكان ذلك بقرار امريكي مسبق ام بتوريط اسرائيلي مقصود للولايات المتحدة.

اختلاف طبيعة الاستهدافات بين الاطراف قد تتيح لكل طرف القبول بما حقق والعودة الى معادلة الردع المتبادل.

مقالات متعلقة