الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 10:01

الأسئلة المشروعة حول عملية الاغتيال في طهران

ساهر غزاوي 
نُشر: 08/08/24 20:08

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

من الطبيعي جدًا أن تُثار الأسئلة الكثيرة حول اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، خاصّة وأن هنية اغتيل مع حارسه الشخصي وسيم أبو شعبان بعد ساعات قليلة من مشاركته في مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الجديد مسعود بزشكيان. وخاصّة أيضًا أنه لم تظهر أي صور لآثار الهجوم على مسكن المحاربين القدامى في طهران حيث كان يقيم إسماعيل هنية مع حارسه الشخصي، سواء في وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية أو على قنوات التواصل الاجتماعي، مما يثير العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول عملية الاغتيال هذه. 
لست هنا في معرض الخوض في تفاصيل وتحليلات وفرضيات وسيناريوهات تفاصيل عملية اغتيال قائد حركة حماس في طهران. لكنني سأستبعد هنا احتمالية تواطؤ بعض الشخصيات القيادية الإيرانية مع هذا الاغتيال على أراضيها، مع التأكيد على أن وقوع هذه الاحتمالية وارد جدًا، بل في لعبة المصالح وفي قذارة عالم السياسة حين يفتقر للمبادئ والقيم الأخلاقية يصبح كل شيء ممكنًا ومباحًا. وكذلك بناء على ضبابية تفاصيل عملية الاغتيال التي تُطرح حولها العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام التي لا يوجد لها إجابات شافية ولا توضيحات كافية حتى الآن!! 
مع أن وحدة الاستخبارات الإيرانية في ما يسمى "فيلق القدس" الذراع الخارجية للحرس الثوري يستبعدون فرضية مسألة الاختراق الأمني في عملية اغتيال هنية وحارسه الشخصي، إلا أن هذا لا ينفي قطعًا وجود شبكة نفوذ استخبارات أجنبية داخل إيران وعاصمتها طهران لديها عناصر تتعاون معهم، لا سيّما وأن عملية الاغتيال تأتي ضمن قائمة طويلة من الاغتيالات لشخصيات إيرانية أو مرتبطة بإيران داخلها وخارجها. 
ولا ينفي قطعًا أن شكل هذه العملية يُظهر بوضوح الاختراق الأمني لإيران ولسيادتها، سواء جرى قصف مسكن المحاربين القدامى في طهران بقذيفة أو صاروخ من داخل إيران أو من خارجها، وبصرف النظر عن ما تقوله الاستخبارات الإيرانية أن "مساءلة الاختراق الأمني غير مطروحة على طاولة فرضيات عملية الاغتيال والتي ترى أن لهذه العملية أبعاد مختلفة"، على حد قولهم. وكل الروايات على تضاربها تكشف عن خلل أمني ملموس في الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية. هذا كله مع استبعاد احتمالية تواطؤ القيادية الإيرانية مع هذا الاغتيال على أراضيها، ومع عدم الاكتراث لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن إيران اعتقلت أكثر من 20 شخصًا بينهم ضباط كبار في الاستخبارات على خلفية اغتيال إسماعيل هنية وحارسه الشخصي!! 
عمليًا فإن مسالة الاختراق الأمني لإيران بصفتها قوة إقليمية ومؤثرة في المنطقة يكشف من جديد بالدرجة الأولى عن نقاط ضعف في النظام الأمني والاستخباراتي في إيران. وبالرغم من الروايات المختلفة عن الاختراق الأمني في إيران وفرضيات طريقة اغتيال إسماعيل هنية في طهران، فإن هذا "اللغز" لا يزال يحمل في خفاياه أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات وإيضاحات، والكثير من الناس في الداخل والخارج الإيراني في حيرة واندهاش من هذا الحادث المعقد. 
الجميع دون استثناء يحق لهم أن يطرحوا الأسئلة ويضعوا علامات الاستفهام حول عملية الاغتيال هذه، بل إنها أسئلة شرعية جدًا، لكن في الواقع نحن لا ننتظر ممن يُجادل في تفاصيل وتحليلات عملية اغتيال إسماعيل هنية وحارسه الشخصي في العاصمة الإيرانية طهران، وخاصة من أولئك المجادلون الذين يُقدمون أنفسهم على أنهم أصحاب التحليل الموضوعي الوحيد والمالكون الحصريون للحقيقة الناصعة المطلقة وأصحاب الامتياز الفريد في علم التحليل والتأويل وتفسير الظواهر والأحداث السياسية، محليًا واقليميًا ودوليًا. نعم لا ننتظر منهم شيئًا لأنَّ إيران هي مطالبة بالإجابة عن كافة التساؤلات وتوضيح علامات الاستفهام قبل غيرها لا سيّما وأنها فشلت في حماية قائد حليف في عاصمتها، مما يعد خرقًا أمنيًا خطيرًا ويثير تساؤلات أخرى بشأن سلامة كبار القادة الإيرانيين، وقدرة إسرائيل أو أمريكا على استهدافهم. بحيث أن عملية الاغتيال كشفت عن الوضع الأمني والاستخباراتي الإيراني وبثت رسالة مفادها أنه لا أحد آمن في هذه البلد. ولهذه العملية رسالة تحد واضحة لإيران ودخول المنطقة إلى مرحلة جديدة لن يكون فيها خطوط حمراء وكل شيء مستباح.
الذي لا يمكن إنكاره، وجود جزء كبير في الشارع العربي والإسلامي والفلسطيني أيضًا مواقفهم معارضة لإيران بناء على دورها تحديدًا في العراق وفي سورية، وبصفة إيران قوة إقليمية، تضع مصالحها أولًا وتناور بين دعمها للمقاومة الفلسطينية وتفاهماتها مع أميركا التي تتعارض مع مصلحة الشعوب العربية في المنطقة، مثلما لم تعارض إيران الحرب الأمريكية على العراق، بل كان هناك تفاهم على عدم التدخل، وحتى التواطؤ، بحجة الانتقام من شن العراق الحرب ضدّها عام 1981. كما لا يمكن إنكار أن معظم الأنظمة السلطوية العربية منقادة للأجندة الأميركية والمشروع الصهيوني في المنطقة. 
 

مقالات متعلقة