الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / نوفمبر 12:01

أسرى أم رهائن: صعوبة الحل وقرب إقامة الدولة الفلسطينية

خالد خليفة
نُشر: 14/11/24 11:06,  حُتلن: 13:36

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

أثارت سلسلة التسريبات الأخيرة من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هزةً سياسية على الساحة الإسرائيلية، ورغم صعود شعبية نتنياهو من خلال سياساته التدميرية والاغتيالات المتصاعدة للمدنيين بدون أي تفرقة في غزة وجنوب لبنان، تبقى قضية الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين بأيدي حركة حماس في قطاع غزة، معضلة أمام الشارع والمجتمع الإسرائيلي.
وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى وجود نحو 101 أسيرًا أو رهينة بيد حماس، دون تأكيد ما إذا كانوا أحياءً أو أمواتًا، وتذكّر وسائل الإعلام هذه يومياً الجمهور بهذا الرقم، وبأن هؤلاء الأسرى يقبعون في عذاب نتيجة ظروف الحرب القاسية التي شنتها إسرائيل منذ عام وأكثر ولم تقم بإيقافها على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي هو مَن تسبّب في هذا الوضع في القطاع. وتنشط عائلات الأسرى أسبوعياً في تنظيم مظاهرات تبدأ من قلب تل أبيب، وتنتهي في مقر إقامة رئيس الوزراء في كيساريا، مستقطبةً الآلاف من المشاركين، في ظل تغطية إعلامية مكثفة، حتى أن الإدارة الأمريكية تُعنى بملف الأسرى الإسرائيليين بشكل متواصل وغير مُتناهٍ وكأنهم أسرى امريكيون، متجاهلة الضحايا الفلسطينيين وهم يعدون بعشارات الالاف، الامر الذي يشكل مكسبًا دعائيًا لإسرائيل حاليًا، لكنه في نفس الوقت غير مؤثر كثيراً على الرأي العام الدولي، كما بدا في مناوشات الأسبوع الماضي في أمستردام.
أما الحكومةُ الحالية بقيادة نتنياهو، فيُقال إنها غير معنية وآبهة بعقد صفقة تهدئة مع حماس قد تؤدي إلى إطلاق سراح 5000 أو 6000 أسير فلسطيني، بل تفضل تبادلًا محدودًا يسترجع ما بين 600 و800 أسير فلسطيني تحدد الحكومة هُويتهم، مقابل الاسرى الإسرائيليين وعلى هذا النحو، تريد الحكومة الإسرائيلية مواصلة احتجاز الأسرى الفلسطينيين، بينما تريد تحرير أسراها المحتجزين لدى حماس.
ويبدو أن عائلات الأسرى الإسرائيليين تدرك عدم اهتمام نتنياهو الحقيقي بعقد صفقة تؤدي إلى وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى. وقد ظهر دعم بعض القيادات العسكرية والإعلامية لإبرام صفقةٍ كهذه من أجل إنهاء القتل اليومي للجنود الإسرائيليين، مما تسبب في توترات بين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت، الذي أقاله من منصبه وعيّن يسرائيل كاتس بدلاً منه.
ورغم الدمار الكبير في غزة الذي أدى إلى مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، وتحويل القطاع إلى منطقة غير قابلة للحياة، لا تزال سياسة القصف اليومي الإسرائيلي مستمرة وبدون هوادة، وفي المقابل، تعبر بعض عائلات الأسرى الإسرائيليين عن قلقها من بأن سياسة القصف هذه قد تؤدي إلى مقتل الأسرى المحتجزين المتبقين أيضًا، ومع ذلك يبدو أن نتنياهو غير مكترث بحياة هؤلاء المحتجزين الإسرائيليين، في ظل هدفه لتحقيق النصر المطلق والكبير على حماس في غزة.
وكشفت التسريبات، التي أوردها الصحفي ميخائيل شيمش من القناة الحادية عشرة، عن أن أحد مستشاري نتنياهو، إيلي فالشتاين، سرّب معلومات للصحافة الأجنبية تفيد بأن الجيش كان لديه رسائل تشير إلى نية يحيى السنوار تهريب الأسرى الإسرائيليين إلى مصر، إلا أن هذا الادعاء تبيّن عدم صحته بعد مقتل السنوار في مواجهة عسكرية مباشرة مع جنود الجيش الإسرائيلي، حيث تبيّن وبشكل واضح للعيان بانه لم يكن بالقرب منه أي محتجز او اسير إسرائيلي.

ويوحي الوضع الراهن بأن نتنياهو غير معني بصفقة تبادل الأسرى، فيما تدرك بعض الأطراف في المؤسسة العسكرية ذلك وتنتقده علنًا وبقوة. هذا وقد احبط نتنياهو أيضا كافة المفاوضات المتعلقة بتبادل الاسرى بين إسرائيل وحماس منذ الثالث من يوليو/ تموز الماضي والذي تمثل بمبادرة بايدن والتي هي أصلا مبادرة إسرائيلية، الا ان نتنياهو احبطها فقط بعد ثلاثة أسابيع، عندما قام باحتلال محور فالديلفي ومعبر رفح، ثم قام لاحقا بالضغط على الطرف الأمريكي بان لا تكون قطر وسيطا في اطار هذا التبادل، حيث أعلنت قطر في الأسبوع الماضي، انها أوقفت وساطتها بين الطرفين نتيجة الضغوط الامريكية، وبطبيعة الحال الضغوط الإسرائيلية، أما الطرفُ المصري، فهو أيضا كان يقترح اقتراحات في فلك اقتراحات كانت تريدها إسرائيل، الامر الذي أدى إلى الفشل الكامل في هذه المفاوضات، وهناك إصرار من قبل حماس على ان عملية تقدم في تحقيق صفقة اطلاق سراح المحتجزين، يجب ان تؤدي إلى وقف اطلاق النار في قطاع غزة وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع، وهذا ما لا يريده نتنياهو حيث انه ما زال يحلم بأوهام الرجوع إلى غوش قطيف وإعادة الاستيطان اليهودي هناك، وهذا ما لا توافق عليه وبشكل كامل حركة حماس، خاصة بعد ان قام نتنياهو باغتيال وقتل كافة المفاوضين معه من اجل اجراء مثل هذه الصفقة، أما على جبهة لبنان، فقد دمر نتنياهو المنشآت والقرى هناك المحاذية للحدود الشمالية، دون تحقيق أي استسلام للطرف اللبناني، مما يجعله عالقاً في حرب استنزاف طويلة الأمد على الجبهتين.
وفي غزة، لا يملك نتنياهو رؤية واضحة لإنهاء الحرب أو سحب القوات، مما يشير إلى أن استمرار الحرب قد ينهك إسرائيل في حرب طويلة الأمد لا تعرف عواقبها، فيوميا نرى ازديادًا في عدد الجنود القتلى والجرحى في الجبهتين، قد تصل الى العشرات إضافة الى عدم قدرتها في التصدي للصواريخ التي تخترق أجواء السيادة الإسرائيلية من كل حد وصوب، الامر الذي يمكن ان يدفعها في النهاية إلى الانسحاب بدون اي شروط، ومع ذلك يبدو أن فشل إسرائيل في غزة سيؤدي إلى حتمية قبول دولي بإقامة دولة فلسطينية على أراضي القطاع والضفة الغربية، وهو ما قد يحدث في وقت قريب، الامر الذي يحاول نتنياهو أن يمنعه بدعم من الرئيس ترامب، لكن التحركات التاريخية وآمال الشعوب اقوى بالكثير من مثل هؤلاء.

مقالات متعلقة