الأخبار العاجلة

Loading...

حين يصبح النجاح صراعًا: العقلية التنافسية والعنف في المجتمع الفلسطيني

سامي ميعاري
نُشر: 26/05/25 16:31,  حُتلن: 20:13

في المشهد الفلسطيني الراهن، تتجلى مفارقة مؤلمة: مجتمع يتمتع بطاقات هائلة من الإبداع والقدرة على التحدي، لكنه في الوقت ذاته يعاني من تصاعد في مظاهر العنف، ولا سيما في الأوساط الشبابية والتعليمية. هذه الظاهرة لا يمكن فصلها عن منظومة القيم السائدة، وعلى رأسها تلك النظرة المشوّهة لمفهوم النجاح، التي تختزل الإنجاز في التفوق على الآخرين، لا في تطوير الذات أو خدمة المجموع.
حين تُربّى الأجيال على أن النجاح يعني أن تكون "الأول" بأي وسيلة، وأن تسبق الآخرين لا أن تتعاون معهم، فإن النتيجة الحتمية هي بيئة يسودها التوتر، والتنافس العدائي، والشعور الدائم بالتهديد. في المدارس، يتحوّل التفوق الدراسي إلى عبء اجتماعي. في أماكن العمل، تصبح النجاحات الفردية مصدرًا للحسد بدل أن تكون دافعًا للإلهام. حتى في الأحياء والمجتمعات المحلية، يُقابل التميّز بالريبة لا بالاحتفاء.
هذه العقلية لا تصنع مجتمعًا ناجحًا، بل تُغذي ثقافة العنف. فحين يُقاس الإنسان بمكانته النسبية لا بمدى تطوره، يُفتح الباب أمام الإقصاء، والاحتقار، والسخرية، التي سرعان ما تتحول إلى عنف لفظي أو مادي. وهكذا نجد أن ما يبدأ كمنافسة على "التميز" ينتهي بصراع على "البقاء".
في المقابل، يُمكن للمجتمع الفلسطيني أن يعيد رسم ملامح النجاح، بعيدًا عن منطق الإقصاء والتفوق على الغير. المطلوب هو تعزيز ثقافة تُقدّر التنوّع في القدرات، وتُشجع على التعاون، وتُكرّم الإنجاز الفردي كجزء من بناء جماعي. النجاح الحقيقي ليس مسألة ترتيب في سباق، بل رحلة يخطوها الإنسان بثبات، ويتقاطع فيها مع غيره من الساعين، لا الخصوم.
إن إعادة تعريف النجاح في السياق الفلسطيني ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة اجتماعية. فهي المفتاح لكسر دوامة العنف، وبناء جيل يرى في الآخر شريكًا لا خصمًا، وفي الارتقاء الجماعي هدفًا لا تنازلًا. فبالثقة، والتشجيع، واحترام التعدد، فقط يمكن أن نصنع مجتمعًا نابضًا بالحياة، يستحق كل فرد فيه أن يكون ناجحًا بطريقته.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة