الأخبار العاجلة

Loading...

عن النفاق والزدواجية والشللية بين الأدباء

رانية فؤاد مرجية
نُشر: 27/05/25 08:56

في زحمة الألقاب، وتزاحم الحروف، وضجيج الجوائز، يعلو صوت النفاق في ساحات الأدب كما لم يعلُ من قبل. لا أكتب اليوم عن النقد، ولا عن الإبداع، ولا عن الكتابة التي تؤنسننا، بل عن تلك العلاقات الزائفة التي تشوّه الأدب قبل أن تسيء لأصحابه. أكتب عن الازدواجية في التعامل، عن تلك "الشللية" التي تضع معايير الانتماء فوق معايير الكتابة، وتجعل من الكلمة سلعة تُباع في سوق العلاقات والمصالح.

كم من كاتبة موهوبة حقيقية تُقصى لأنها لا تجامل، لأنها لا تُصفق، لأنها تكتب من القلب لا من جيب المسؤول؟ وكم من "كاتب" يتقدّم الصفوف فقط لأنه يجيد تملّق السلطة الثقافية، يشارك في كل ندوة، تُمدح كتبه قبل أن تُقرأ، وتُمنح له الجوائز كما تُمنح الهدايا في الأعياد؟

في هذه المشاهد، نرى بوضوح ازدواجية الأخلاق عند من يُفترض أنهم حاملو مشاعل الوعي. يكتبون عن الحرية، ويمنعون غيرهم من الكلام. يتغنّون بالعدالة، ويقصون كل من لا يشبههم. يكتبون عن المرأة، ويتعاملون معها بفوقيةٍ وعنصريةٍ ناعمة، ماكرة. يتشدّقون باسم فلسطين، ويُقصون أصوات اللاجئين، المهمّشين، وأبناء المخيمات، لأنهم لا يليقون بصالوناتهم "الراقية".

أنا لا أكتب اليوم كي أُرضي أحدًا. ولا أبحث عن تصفيق جمهور يصفّق لمن يدفع أكثر. بل أكتب لأقول: كفى. كفى لهذا التواطؤ الصامت، لهذا السكوت عن الظلم بيننا كأدباء ومثقفين. كفى لهذه التحالفات المقيتة التي تسجن الأدب في أقفاص المجاملة والشللية، وتترك الموهبة الحقيقية تموت في الظل.

صدقوني، الأدب لا يموت، لكن الأدباء الزائفين يموتون في ضمائرنا قبل أن يموتوا بأجسادهم.

في زمن كثُر فيه "المثقفون" وقلّ فيه المثقفون، حان الوقت لأن نعود إلى الكتابة الصادقة، إلى الكلمة التي تُشبهنا لا تُشبههم. أن نكتب بدمنا لا بحبرهم المزيف. أن نكسر هذه الشلل، ونبني جسورًا بين من يؤمنون بأن الأدب مقاومة، لا بطاقة دعوة لحفلات النخبة.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة