لا تشته ما لغيرِكَ

زهير دعيم
نُشر: 07/09/25 16:22

كم تمنّى رئيف أن يكون لديه حاسوب يُعينه في دراسته ، ويملأ
من خلاله أوقات فراغه ، فهو كما كلّ طلاب المدرسة الابتدائية
في هذه الأيام يُحبّ أن يسافر في دنيا القصص ورياض الشِّعر
والالعاب والأغاني والمراسلات والمواد العلميّة والأدبيّة. وكلّ
هذه الامور متوفرة في الحاسوب ، هذا السّاحر العجيب!!!.
ولكن كما يقول المثل الشّعبيّ  العين بصيرة ، واليد قصيرة 
فالفقر يسكن في بيتهم ولا يريد أن يفارق ، فيُضطرّ رئيف أن
يستعين في بعض الحالات بحاسوب جاره وتِرب صباه ماهر ،
الذي يسكن في البيت الكبير والجميل ، والقائم قبالة بيتهم ، فيذهب
اليهم خَجِلا ويطلب منهم أن يجلس الى حاسوبهم بعض الدّقائق
لحلّ وظيفة ما.
والجيران طيّبون ، ظرفاء ، يقابلونه بالابتسامات وبكأس من
العصير المُثلَّج والكعك الّلذيذ والفواكه الشّهيّة.
ورئيف يحبّ العصير والكعك والفواكه ، ومع هذا فكثيرًا ما كان
يرفض ويتمنّع ، رغم الحاح الجيران.
كان رئيف يجيل ببصره في الصّالة الواسعة ، وفي اللوحات
الجميلة المُعلَّقة على الحائط ، وفي الأثاث الفاخر الآتي من

اوروبا، وتبهره الثُّريّا الجميلة المُدلاة من السّقف، فيتأوه بصمت
 يا الهي ما أجمل هذه المشاهد!!! ثُمّ يروح يسأل بصمت لماذا
لا يكون عندنا مثلها ؟
لماذا هم يعيشون في نعيم ونحن في ........
ولكن سريعا ما يسمع صوتًا من داخله يقول : " على رِسلِكَ ،
فالشّريعة الإلهيّة تقول : لا تشتهِ 
ويهزّ رئيف رأسه قائلا: حقًّا ، علينا ألا نشتهي ما لغيرِنا .

في أحد الأيام ، وبينما كان رئيف عائدًا لوحده من المدرسة ،
رأى على الرّصيف القريب من بيتهم محفظة نقود ، فارتعش وهو
يتناولها ويفحص ما فيها.
إنّها مملوءة بالأوراق النقدية من كلّ الالوان والأنواع ، اوراق
يعرفها واوراق لا يعرفها .
دسّها رئيف في حقيبته وتابع سيره.
دارت الأفكار في رأسه ...إنّه أضحى غنيًّا ، وبمقدوره أن
يشتريَ حاسوبًا ودرّاجة حمراء ، وأن يُحسّن ظروف عائلته.
ويعود إليه الصّوت الداخليّ الهامس يُؤنّبه : تمهَّل ، فالمحفظة
ليست لكَ. ويشدّ رئيف الحقيبة الى صدره ويعود الى البيت
مُسرعًا.

وفي مساء اليوم ، وبينما كانت العائلة مُلتفّة حول مائدة الطعام ،
قُرع جرس الباب ، فقام رئيف ليفتح ، فإذا به أمام جاره أبو ماهر
وصديقه ماهر .
عانق أبو ماهر رئيف بحرارة قائلا : ما أروعكَ يا ولدي ...ما
أروعك !!.
هبّ أبو رئيف عن مائدة الطعام لاستقبال الجار الضيف ؛ هذا
الجار الذي لا يزوره الا نادرا ، فصافحة أبو ماهر بحرارة وهو
يقول : أهنئك يا جارنا على ابنكم رئيف ؛ هذا الصّبيّ المُهذَّب
والأمين ، أهنئكم وأرجوكم أن تقبلوا منّا هذه الهدية المتواضعة .
وما أن أكمل ابو ماهر حديثه ، حتّى دخل شابٌّ يحمل حاسوبًا
جديدا ، فيما راح ابو رئيف وزوجته ينظران الى رئيف تارة
والى ماهر وأبيه أخرى والحيْرة تملأ الكيان.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة