إلى متى سيزهق نتنياهو شعبه ويستعمل العرب وقودًا لحكمه؟

محمد دراوشة
نُشر: 14/09/25 19:56,  حُتلن: 19:57

منذ اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، بات واضحًا أن استراتيجية بنيامين نتنياهو لا تهدف إلى إنهاء الصراع، بل إلى إطالته وتوسيع رقعته. كلما لاحت فرصة للتهدئة، سارع إلى إشعال جبهة جديدة: مرة في الجنوب، ومرة في الشمال، وأخرى في الضفة الغربية، حتى باتت إسرائيل تخوض مواجهات متزامنة في غزة والضفة، لبنان، سوريا، اليمن، وايران، بل وتلوّح بتهديدات اخرى.

بل إن إسرائيل تجاوزت مرحلة التهديد، وهاجمت قطر في محاولة لاغتيال قادة من حركة حماس، في سابقة خطيرة تكشف عن استعدادها لتوسيع دائرة المواجهة إلى أراضٍ عربية بعيدة عن ساحة الحرب المباشرة. واليوم، تعود نغمة التهديد باستخدام القوة مجدداً ضد حماس على ارض قطر، في تصعيد غير مسبوق يكشف عن نزعة عدوانية تتجاوز حدود المعركة في غزة.

هذا التوسع والغرور العسكري أثار قلقًا إقليميًا واسعًا، حيث أطلقت مصر وتركيا تحذيرات شديدة اللهجة من مغبة قيام إسرائيل بمغامرات عسكرية على أراضيها أو المساس بسيادتها. فالقاهرة وأنقرة تدركان أن نتنياهو لا يتورع عن جرّ المنطقة إلى فوضى شاملة إذا كان ذلك يخدم مصالحه السياسية الضيقة.

الاقتصاد يدفع الثمن

الاقتصاد الإسرائيلي، الذي لطالما تباهى بمرونته، بدأ يترنح تحت وطأة الحرب المستمرة. التكاليف المباشرة للعمليات العسكرية تُقدّر بمليارات الشواكل شهريًا، ناهيك عن الخسائر غير المباشرة: مثل تراجع السياحة، هروب الاستثمارات، انخفاض الإنتاجية، وتزايد الإنفاق على الأمن والدفاع.

القطاع الخاص يعاني من اضطرابات في سلاسل التوريد، وقطاع التكنولوجيا بدأ يواجه صعوبات في جذب الكفاءات الأجنبية، واستقطاب المستثمرين الأجانب. أما المواطن الإسرائيلي، فيدفع الثمن من جيبه: ارتفاع الأسعار، تراجع الخدمات، وتآكل الثقة بمستقبل مستقر.

الجيش على حافة الإنهاك

المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي لطالما افتخرت بـ”طول أذرعها”، باتت تواجه تحديات غير مسبوقة. الجنود يُستدعون لجولات خدمة طويلة ومتكررة، ما أدى إلى إنهاك نفسي وجسدي واسع النطاق. تقارير داخلية تشير إلى تراجع الروح المعنوية، وازدياد حالات الانهيار النفسي والانتحار، وارتفاع نسب التسرب من الخدمة، وحتى رفضها او التهرب منها.

الذخيرة نفدت أكثر من مرة، واضطرت إسرائيل إلى طلب مساعدات عاجلة من الولايات المتحدة. حتى النقاش حول تجنيد الحريديم، الذي كان محرّمًا سياسيًا، عاد ليطفو على السطح، في محاولة يائسة لسد العجز البشري في صفوف الجيش.

شعب يُستنزف… ودولة تُستغل

في خضم هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيستمر نتنياهو في استنزاف شعبه؟ إلى متى سيستعمل الفلسطينيين والشعوب العربية وقودًا لاستمرار حكمه؟

نتنياهو لا يبحث عن نصر عسكري، بل عن نصر سياسي. كل يوم حرب هو يوم إضافي في كرسي الحكم. كل تصعيد هو وسيلة لتأجيل المحاسبة الداخلية، وكل جبهة مشتعلة هي ستار دخاني يخفي فشلًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

لكن التاريخ لا يرحم. والشعوب لا تُستغفل إلى الأبد. وما يُبنى على الدماء، لا يدوم طويلًا.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة