صدمة وما بعد الصدمة (البوست تراوما)

غزال أبو ريا
نُشر: 16/09/25 22:30

ما هي الصدمة؟

في علم النفس، تُعرَّف الصدمة بأنها استجابة نفسية لحدث صادم أو مهدِّد للحياة يتجاوز قدرة الفرد على التكيف، مثل: الحروب، الكوارث، الاعتداءات، الحوادث، أو فقدان الأحبة.
بحسب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5، قد تؤدي الصدمة إلى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) الذي يتميز بأعراض مثل:
 •  استرجاع الذكريات المؤلمة والكوابيس.
 •  تجنّب المواقف التي تذكّر بالحادث.
 •  فرط اليقظة والتوتر الدائم.
 •  شعور مستمر بالخوف أو الذنب.

لكن أخطر من الصدمة نفسها هو ما يأتي بعدها، أي “ما بعد الصدمة” أو البوست تراوما، حيث لا يتوقف الألم عند لحظة الحدث، بل يستمر طويلًا في الذاكرة والسلوك والعلاقات.

ما بعد الصدمة… جرح مفتوح

الصدمة لا تترك أثرها في الحدث وحده، بل في ما بعده، الذي يعيش مع الإنسان أو المجتمع طويلًا. كبرنا في بيوت حملت الحزن والمخاوف من الماضي، ونقلت إلينا رواية الألم جيلاً بعد جيل، حتى لو لم نعش الحدث مباشرة.

أمثلة من حياة الأفراد
 •  رجل فقد زوجته في حادث طرق، يعيش كوابيس يومية، ويجد صعوبة في العودة إلى الطريق الذي وقع فيه الحادث.
 •  شاب تعرض لحادث سير خطير، فأصبح يتجنب ركوب السيارة ويعيش توترًا دائمًا في تفاصيل حياته اليومية.
 •  أم فقدت طفلها في حادث مأساوي، تشعر بالذنب المستمر، وتجد صعوبة في الحديث عن الحادث أو مواجهة ذكرياته.
 •  جندي عاد من الحرب، ويستيقظ ليلاً على أصوات الانفجارات، وكأن الحرب لم تنتهِ داخله.

على مستوى الشعوب

ما بعد الصدمة ليس شأنًا فرديًا فقط، بل جماعي أيضًا:
 •  الأمريكيون السود ما زالوا يحملون أثر العبودية.
 •  الهنود الحمر ما زالوا يعيشون آثار التهجير.
 •  السود في جنوب أفريقيا يحملون صدمة الأبارتهايد.
 •  الفلسطينيون بعد النكبة يعيشون ذاكرة التهجير وفقدان البيوت.

طريق الشفاء والمواجهة

الفرد والمجتمع والدولة يمكنهم مواجهة ما بعد الصدمة عبر الاعتراف ومواجهة الذاكرة. الصدمة واقع، لكن البوست تراوما خيار. امنح لنفسك فرصة الشفاء، وافتح قلبك للحوار، وشارك قصتك لتكون قوة لغيرك. الألم لا يُمحى، لكنه يمكن أن يتحول إلى نور يضيء طريقك وطريق من حولك.

خاتمة: نحو الشفاء

التعامل مع ما بعد الصدمة يحتاج إلى شجاعة، ووعي، وخطوات عملية مثل:
 •  طلب المساعدة من مختصين بالعلاج النفسي.
 •  مشاركة التجربة مع الأصدقاء أو مجموعات دعم.
 •  التعبير عن الألم بالكتابة أو الفن.
 •  ممارسة الرياضة وتقنيات الاسترخاء لتخفيف التوتر.
 •  بناء ذاكرة جماعية إيجابية تعزز الصمود والأمل.

الصدمة قد تجرحنا، لكنها لا تحدد مصيرنا. الطريق إلى الشفاء يبدأ بالاعتراف، ويستمر بالحب والدعم والإصرار على تحويل الألم إلى طاقة حياة.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة