احياء ذكرى مثقف جدير

ناجي ظاهر
نُشر: 16/09/25 22:38

احياء ذكرى مثقف جدير

ناجي ظاهر
طالب المواطن الشفاعمري الغيور طربيه طربيه، بتاريخ 15 ايلول 2021، في رسالة بعثها إلى رئيس بلدية المدينة انذاك السيد عرسان ياسين، بأن يعمل على إطلاق اسم الكاتب الشاعر المرحوم ماجد عليان، مدير مدرسة العين المُخلص، في فترة ماضية، على مدرسة العين ذاتها، او على أحد شوارع المدينة، وقد سبق للصديق الكاتب المسرحي عفيف شليوط ان تقدم عبر مقالة كتبها قبل ست سنوات بمثل هذه المطالبة. بما انني عرفت المرحوم عن قرب وربطتني به علاقة صداقة ومودة، تواصلت خلال فترة مديدة من الزمن ولم يقطعها سوى موته المبكر، وبما انني اعرف جيدا العطاء الغني الثرّ الذي قدمه المرحوم في المجالين الثقافي والاجتماعي، فإنني اضم صوتي إلى صوت صاحب الرسالة وسابقه في دعوة مماثلة الاخ عفيف شليوط، علما انني لا اعرف الاخ طربيه حتى الآن.
ماجد مهنا عليان من مواليد مدينة شفاعرو عام 1965، تلقى دراسته العليا في دار المعلمين في حيفا وتابعها في جامعة حيفا ليحصل منها على اللقب الجامعي الثاني في علم الاجتماع والادب العربي. عمل اعوامًا طوالًا في سلك التدريس وشغل منصب مدير مدرسة "العين" في مسقط رأسه فترة ليست قصيرة. عُرف بعطائه الادبي الغزير كتب الشعر والبحث الادبي، وله في الشعر عدد من المجموعات هي: "أحلى الكلام في الحبّ والغرام" (صدر عام 1985). "ورد وعبير" (1986). "نفحة من الصّدر" (1991). "تأمّلات في حقيقة الذّات" (1995). "حوار مع الأنا الآخر"(2001(. وله كتاب هام عرض فيه العروض الشعرية العربية عنوانه"التّبيين والبيان في العروض والأوزان" (صدر عام 2007). اي قبل رحيله عن عالمنا بعام واحد، فقد توفي قبل سبعة عشر عاما وكانت وفاته مفاجئة في صبيحة 27 ايلول.
ذكرتني الرسالة المذكورة، وقد احسن يعض الاخوة حينما تناقلوها في صفحاتهم الفيسبوكية، بتلك اللحظات والسويعات الطيبات التي جمعت بيني وبين المرحوم ماجد عليان، فقد كان يتدفق حيوية ونشاطًا، وكان محبًا حقيقيًا للأدب وأهله، واذكر انني التقيت به في مدرسة العين التي تولى ادارتها حتى ايامه الاخيرة في الحياة، كما التقينا في مكاتب مجلة "الشرق" الشفاعمرية خلال رئاستي تحريرها، وكان المرحوم زائرًا شبه دائمٍ لمكاتب مجلة "المواكب" التي عملت في تحريرها إلى جانب مؤسسها ورئيس تحريرها الصديق الشاعر والباحث الراحل ايضًا فوزي جريس عبدالله. 
لقد اولع المرحوم ماجد عليان منذ بدايات وعيه الاولى بالقول الشعري، فراح يكتب القصيدة تلو القصيدة، كما راح يصدر المجموعة الشعرية بعد المجموعة، عائشًا الهمَّ القوليَّ حتى أعمق أعماق روحه ووجوده، وعندما أحس أنه توجد هناك ضرورة لتيسير العروض والاوزان الشعرية العربية الصعبة، وضع كتابه المذكور عنها، وفي خاطره أن يكون مدخلًا طلابيًا يتعلّم منه وعبره الابناء ما ارتآه مُهمًا وضروريًا للإبداع الشعري العربي الحقيقي، وهي الاسس التي قعّد لها الخليل ابن احمد عندما رأى ان الوقت حان لفعل ذلك محافظة على جانب مهم جدًا من تراثنا العربي.
مما اتذكره عن الصديق المرحوم، انه كتب العديد من الدراسات والابحاث الادبية، حينًا بغرض الدراسة الوظيفية الجامعية وآخر بدافع المحبة في نشر الثقافة الادبية الرصينة بين ابناء الاجيال الصاعدة، ويُهيأ لي أن عَملَهُ مُدرسًا ومديرًا لمدرسة، قد شدّد من عزيمته في هذا المجال، وقد نشر العديد من الدراسات والابحاث في المجلات والصحف التي كانت تصدر خلال فترة انتاجه الادبي، واعتقد ان ذكراه الحالية السابعة عشرة، فرصة مناسبة لأن يبادر أحد طلبته او زملائه او ابناء عائلته لجمع هذه الدراسات، واصدارها في كتاب او اكثر، فالرجل لم يكن عابرًا وبذل مجهودًا مصوّبًا وموجهًا وعاش الهموم الجماعية وكأنما هي همومه الشخصية.
لقد رحل ماجد عليان وهو في ذروة عطائه وتوقده الذهني، ورغم فترة وجوده بيننا وفي عالمنا كانت قصيرة نسبيا، اذ عاش ثلاثة وأربعين عاما فقط، فقد ادى دوره كاملًا، سواء كان في المجال الادبي الذي استحوذ على اهتمامه طوال سنوات وعيه وادراكه، او في المجال الاجتماعي الذي شغله طوال الوقت فلم يقصّر مع أحد من ابناء مدينته ومنطقتها، وكان شُعلة متوهجة من العطاء والمحبة.. لهذا كله اضم صوتي الى صوت المطالب بإطلاق اسمه على مدرسة العين او الشارع القريب منها.. اذ يحق لمن اعطانا الكثير ان يأخذ القليل.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة