كيف نصل لبناء تماسك مجتمعي؟

غزال أبو ريا
نُشر: 29/11/25 18:41

التماسك المجتمعي ليس حالة تُولد من تلقاء نفسها، بل هو مشروع حضاري يحتاج إلى وعي، وإرادة، وتخطيط، وعمل مشترك. فالمجتمع المتماسك يمتلك حصانة داخلية تحميه من الأزمات، وتساعده على توحيد أهدافه الجماعية، والسير بثقة نحو مستقبل أفضل. ومع ذلك يبقى السؤال المركزي: كيف نصل إلى تماسك مجتمعي حقيقي؟

1. بناء الثقة: الأساس الأول للتماسك

الثقة بين الناس، وبين المواطنين ومؤسساتهم، هي الحجر الذي تُبنى عليه كل عناصر التماسك. فحين يشعر الأفراد أن التعامل قائم على العدالة والشفافية والاحترام، يصبح التعاون طبيعيًا، ويكبر الاستعداد لبذل الجهد من أجل الصالح العام.

2. تعزيز ثقافة الحوار والاحترام

المجتمع الذي يُحسن إدارة خلافاته ويُتقن الحوار، هو مجتمع قادر على تجاوز الشدائد. ثقافة الكلام الإيجابي، واحترام التنوع، وتقبل الرأي الآخر، تشكّل بيئة صحية تمنع تفكك العلاقات وتُعزز روح التفاهم.

3. العدالة وتكافؤ الفرص

لا يمكن لأي مجتمع أن يتماسك إذا شعر بعض أفراده بأنهم خارج إطار الاهتمام. تكافؤ الفرص في التعليم، والعمل، والخدمات الأساسية، والتمثيل المجتمعي، هو الذي يضمن شعور الجميع بالانتماء. والانتماء هو الشرارة التي تُشعل الولاء، والولاء يخلق التماسك.

4. العمل المشترك وتوسيع دائرة الفاعلين

التماسك لا يبنيه فرد أو جهة واحدة. إنه مشروع تشترك فيه القيادة المجتمعية، المؤسسات، المدارس، لجان الصلح، الشباب، النساء، والفاعلون الاقتصاديون. عندما تتسع دائرة المسؤولية، يصبح المجتمع أقوى، ويصبح العمل الجماعي أسلوب حياة.

5. رواية مجتمعية إيجابية

كل مجتمع يحتاج إلى قصة موحّدة تُعطيه هوية. رواية تحكي قيمه ونجاحاته وتاريخه، وتعيد له الثقة بنفسه. الرواية الإيجابية ليست ترفًا؛ إنها أداة نفسية واجتماعية تُعمّق الانتماء وتجمع الناس حول هدف مشترك.

6. التربية المجتمعية المستمرة

القيم لا تُعلَّم في لحظة، بل تُزرع بالتكرار والممارسة. التربية في البيت، والمدرسة، والحارة، والنوادي، هي التي تشكل أنماط السلوك. التوعية على التسامح، احترام القانون، الالتزام، وحب الخير، تخلق مواطنًا قادرًا على المساهمة في التماسك.

7. الوصول إلى مجتمع متماسك من خلال تأطير أفراده في مجموعات مهنية

من أهم أدوات بناء التماسك المجتمعي تأطير الأفراد داخل مجموعات مهنية ومجتمعية منظَّمة، لأن الفرد حين يعمل داخل إطار واضح يشعر بالانتماء والمكانة والمسؤولية. وتشمل هذه الأطر:
 • لجان طبية وصحية.
 • لجان للمحامين والمستشارين القانونيين.
 • لجان لأصحاب المصالح والأعمال.
 • غرف تجارية تنظم الاقتصاد المحلي.
 • لجان سياحية وتنموية.
 • لجان للتربية والتعليم.
 • لجان تُعنى بالرياضة والشباب.

هذه المجموعات لا تجمع الناس فقط، بل تُشكّل شبكة تعاون وتكامل تُقوي اللحمة الداخلية للمجتمع.

8. المشاركة، وتعميق الانتماء

تأطير الأفراد لا يمكن أن ينجح دون دوافع حقيقية يجعل الناس يشعرون أنهم شركاء في التغيير. المشاركة تُترجم إلى انتماء، والانتماء هو الوقود الذي يدفع الأفراد للالتزام والمبادرة والعطاء. عندما نُشرك الطبيب،  والحرفي والمعلم، والمحامي، والرياضي، والمرأة، والشاب—كلٌ حسب دوره—نخلق مجتمعًا يُؤمن بأن قوته من أبنائه، وأن مستقبلَه مسؤولية مشتركة.

ولأجمل

التماسك المجتمعي مشروع طويل، لكنه الطريق الوحيد لبناء مجتمع قوي، واعٍ، وموحّد. وحين نتحرك من الداخل، وتتحرك إرادة الناس، وتُفعَّل الأطر المهنية، وتُعزز الثقة والحوار والانتماء—عندها فقط نستطيع القول إننا وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح نحو مجتمع متماسك يملك حصانة داخلية ويحقق أهدافه الجماعية.

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة