دعا د غزال أبو ريا مدير مركز الوساطة القطري إلى ضرورة إقامة مراكز وساطة داخل المؤسسات وأكد أن مؤسساتنا
سواء كانت مدارس، جامعات، سلطات محلية، شركات اقتصادية أو جمعيات تعيش حراكًا دائمًا في علاقاتها الداخلية. فحيثما يوجد عمل جماعي هناك بطبيعة الحال اختلافات في الرأي، وتوترات مهنية، وصراعات يمكن أن تتطور إذا لم يتم التعامل معها بالطرق السليمة. ومن هنا، تأتي دعوة مدير المركز القطري للوساطة د غزال أبو ريا الملحّة إلى إقامة وحدات أو مراكز للوساطة داخل مؤسساتنا، تكون وظيفتها حلّ النزاعات بطريقة حضارية، بنّاءة، وفعّالة.
لماذا نحتاج إلى وحدات للوساطة في مؤسساتنا؟
تشير التجربة العملية إلى أنّ العديد من النزاعات داخل المؤسسات تبدأ صغيرة، ثم تتسع وتكبر بسبب غياب آلية مهنية لاحتوائها. فقد ينشب خلاف بين موظفين، أو بين موظف والإدارة، أو بين قسمين داخل نفس المؤسسة. هذه الخلافات، إذا تُركت دون معالجة، قد تؤدي إلى:
- تعكير أجواء العمل.
- فقدان الثقة بين الأطراف.
- انخفاض الإنتاجية.
- تدهور العلاقة بين العامل والمؤسسة.
- ازدياد حالات التوجه إلى المحاكم.
هنا يأتي دور مركز الوساطة كجسر للحوار، ومساحة آمنة للاستماع المتبادل، وبوصلة لإعادة الأطراف إلى دائرة الفهم والاحترام.
لماذا نفضّل الوساطة على الذهاب إلى المحاكم؟
1. الحفاظ على العلاقة المهنية
الذهاب إلى المحاكم غالبًا ما يؤدي إلى تصدّع العلاقة بين العامل ومكان عمله. حتى إذا فاز أحد الأطراف في القضية، تبقى العلاقة مهددة بالتوتر والشك والتباعد.
2. تجنّب التكلفة المادية والنفسية
القضايا القضائية مكلفة ماليًا، وتأخذ وقتًا طويلًا، وتحمل ضغطًا نفسيًا على جميع الأطراف.
3. السرية والاحترام
الوساطة تمنح الأطراف خصوصية عالية، بعيدًا عن الانكشاف العلني الذي قد يرافق القضايا القضائية.
4. حلول إبداعية ومرنة
المحكمة تفرض حكمًا؛ أما الوساطة فتتيح للأطراف صناعة الحل بأنفسهم، مما يعزز الالتزام ويزيد الرضا.
5. سرعة في معالجة النزاع
جلسات الوساطة تختصر الوقت، وتتيح العودة السريعة للأجواء المهنية الطبيعية.
مثال واقعي: موظف يطالب بعلاوة مستحقّة
لنتخيّل حالة موظف يعمل منذ سنوات بإخلاص وكفاءة، ويحق له حسب القانون أو الاتفاقية الجماعية الحصول على علاوة في معاشه.
تقدّم الموظف بطلبه إلى المشغّل، لكن الإدارة لم تستجب لطلبه، ما أشعره بالظلم ودفعه إلى تقديم شكوى ورفع قضية للمحكمة.
بعد أشهر من المداولات، أقرّت المحكمة حقّه في العلاوة وألزمَت المؤسسة بدفعها. عاد الموظف إلى عمله وهو “منتصر قانونيًا”، لكن:
- العلاقة بينه وبين الإدارة أصبحت مشحونة.
- زملاؤه نظروا إليه كمن “واجه المؤسسة”.
- الإدارة بدورها شعرت بأن الموظف تجاوز الأطر الداخلية.
- المناخ الداخلي أصبح أقل انسجامًا.
ولو وُجدت وحدة وساطة داخل المؤسسة، لكان بالإمكان:
- فتح حوار هادئ ومنصف.
- الاستماع لموقف الموظف وموقف الإدارة.
- فحص المستندات والحقوق بموضوعية.
- التوصل لاتفاق يضمن حق الموظف دون أي ضرر للعلاقة المهنية.
النتيجة: يحصل الموظف على حقّه، وتحافظ المؤسسة على مناخ عمل إيجابي، ويستمر الجميع في بيئة يسودها الاحترام والثقة.
رسالة ختامية
إنّ إقامة وحدة للوساطة داخل كل مؤسسة ليست ترفًا تنظيميًا، بل حاجة أساسية لتعزيز السلم الأهلي المهني، وبناء بيئة عمل صحية، وزرع ثقافة الإصغاء والحوار، وحماية العلاقات الإنسانية التي تُعتبر العمود الفقري لأي نجاح إداري أو تربوي أو اقتصادي.
الوساطة ليست حلًا للنزاعات فقط، بل هي أسلوب حياة وممارسة حضارية تعكس رؤيتنا لمجتمع يحترم الإنسان، يحلّ خلافاته بالحوار، ويفضّل الإصلاح على الخصومات.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency