الأخبار العاجلة
مطب المصالحة -ابراهيم حسين
لعل المصالحة بين القادة العرب بالرغم من اعتبارها أهم ما تمخض عنه مارثون القمم العربية المتتالية التي عقدت على وقع أزيز الطائرات وهدير الدبابات الإسرائيلية التي دمرت قطاع غزة على مرأى ومسمع القادة العرب تشكل مطبا للفلسطينيين الذين لا يزالون متخاصمين لان هذه المصالحة التي جاءت متأخرة جدا عن وقتها الحقيقي حيث كان يفترض أن تتم حين حوصر أبو عمار في المقاطعة حتى الموت أو حين فرض الحصار على قطاع غزة أو قبل شن إسرائيل الحرب على غزة لان بعض القادة المتصالحين كانوا على علم بنية إسرائيل في شن هذه الحرب مما يؤكد أن الظروف هي التي فرضت هذه المصالحة وليس حب المصالحة نفسها أو حب الفلسطينيين حيث جاءت لحفظ ماء الوجه بعد أن أثبتت المقاومة الفلسطينية جدارتها وبهذا لم تدع لهؤلاء القادة مفرا إلا أن يتخذوا هذا الموقف لا سيما وان إسرائيل قد خيبت أمالهم فلا هي قضت على المقاومة ولا هي استجابت لدعواتهم المتكررة بوقف إطلاق النار وان كانت تعلل وقف إطلاق النار أحادي الجانب بأنه استجابة لطلب مصر زد على ذلك أن المظاهرات التي عمت الشوارع في الدول العربية والإسلامية وحتى الغربية قد ساهمت إلى حد بعيد في فرض هذه المصالحة أي أنها جاءت قسرا أو انتزعت انتزاعا مما يجعلها لا تختلف في خطورتها على الفلسطينيين خاصة عن فرقة المتصالحين التي سبقتها أن لم يوفر الفلسطينيون الظروف لاستمرارها وديمومتها.
وكيف لا تكون هذه المصالحة الممزوجة بملايين الدولارات التي تبرع بها قادة العرب وليدة الظروف وخلافات هؤلاء القادة أنفسهم كانت بالأمس القريب تبدو عميقة جدا إلى درجة تجعل هذه المصالحة المفاجئة تستدعي الاستغراب والعجب أليس هم هؤلاء القادة أنفسهم الذين كانوا غارقين بالأمس القريب في التصارع على إبراز أنانيتهم وعلى تعميق الفرقة بينهم وعلى زيادة ضعفهم وقلة هيبتهم من خلال مارثون القمم المسعورة حيث عقدت السعودية قمة خاصة بها ثم عقبتها قطر وعقدت قمة خاصة بها وتبعتها مصر بعقد قمة خاصة بها ومن ثم الكويت ولم يكن رئيس اليمن "خياب" فدعا إلى عقد قمة إسلامية لبحث ما يجري في غزة وفي خضم هذا البحر المتلاطم من القمم إن صح التعبير الذي لولا لطف الله سبحانه وتعالى لدعا باقي زعماء الدول العربية كل بدوره إلى عقد قمة خاصة به ولو من باب رفع العتب وحتى لا يكون زعيم أحسن من زعيم.
وكيف لا تكون ووليدة الظروف وهؤلاء القادة أنفسهم هم الذين كانوا يتفرجون بالأمس على الفلسطينيين في غزة وهم يموتون من قلة الدواء جراء الحصار المفروض عليهم دون أن يحركوا ساكنا ولكن بالرغم من كل ذلك وبالرغم من المهر الباهظ جدا الذي دفعه الفلسطينيين ثمنا لهذه المصالحة حيث فاق الألف شهيد والخمسة الآف جريح ناهيك عن الخراب والدمار الذي لحق بقطاع غزة تبقى بادرة المصالحة عزيزة على نفوس الجماهير العربية لان هذه النفوس لطالما تاقت إلى هذه المصالحة التي لربما تعيد للعرب بعض من اعتبارهم وهيبتهم ولكنها في الحين ذاته تبقى بمثابة مطب تخشاه هذه الجماهير لأن المتصالحين من قادة العرب لا زالوا حديثي عهد بالتشرذم والفرقة يمكنهم التراجع عنها إذا ما سنحت لهم الظروف.
لا شك أن هذه المصالحة قد وضعت الكرة في ملعب الفلسطينيين كما لم تضعها من قبل لذا عليهم خلق الظروف التي تضمن استمرارية وديمومة هذه المصالحة بواسطة المصالحة بينهم أنفسهم والتعالي على خلافاتهم وإعادة اللحمة بينهم اليوم قبل غد وإلا ستذهب دماء الشهداء هدرا وتخيب أمال الجماهير العربية التي خرجت إلى الشوارع لأجل قضيتهم وتأيدا لحقهم، وتخلق ظروف تمكن من أراد التنصل من بين المتصالحين العرب من المصالحة وحتى من الدعم المادي الذي رصدوه لأعمار قطاع غزة متذرعا بقصور الفلسطينيين لأنهم لم يتجاوزوا مطب المصالحة.
تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency
مقالات متعلقة
المدينة | البلد | درجة °c | الوصف | الشعور كأنه (°C) | الأدنى / الأقصى | الرطوبة (%) | الرياح (كم/س) | الشروق | الغروب |
---|