الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 07:02

ذكرى انتفاضة الأقصى وأدوات النضال

بقلم: المحامي علي
نُشر: 16/09/09 21:20,  حُتلن: 16:44

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

تحيي الجماهير العربية في البلاد في الفاتح من تشرين الأول الذكرى التاسعة لانتفاضة القدس والأقصى- 2000، والتي استشهد خلالها 13 شابًا عربيًا بنيران رجال الشرطة الإسرائيلية. وبالرغم من مرور العقد تقريبًا، ألا أنه لم تقدم أية لائحة اتهام ضد أي من رجال الشرطة الجناة، ولم يعاقبوا بل ما زالوا أحرارًا دون حساب. والأقسى من ذلك والأكثر خطورة هو قرار إغلاق ملف الشهداء من قبل المستشار القانوني للحكومة الذي يعتبر قرارًا جائرًا. وحتى أن توصيات لجنة التحقيق الرسمية برئاسة القاضي أور، سواء تلك المتعلقة بمسؤولية الشرطة وسواء تلك المتعلقة بسياسات الحكومة تجاه المجتمع الفلسطيني في الداخل، ضربت عرض الحائط ولم تنفّذ. بل ازداد الأمر سوءًا في المجالين، إذ قُتِل الكثير من الشباب العرب على يد الشرطة منذ انتفاضة الأقصى، إضافة إلى ان سياسات الحكومة أصبحت أكثر إجحافًا وتمييزًا.
لقد أعلنت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الإضراب العام والشامل هذه السنة إحياءً للذكرى. بالإضافة إلى تنظيم مسيرة مركزية في قرية عرابة في الجليل، كما دعت إلى تنظيم سلسلة من التظاهرات والفعاليات في القرى والمدن العربية. وقد اتخذت لجنة المتابعة هذه الخطوات النضالية الهامة احتجاجًا على إغلاق ملف شهداء انتفاضة الأقصى، وضد سياسة هدم المنازل العربية، وضد تزايد ظاهرة العنصرية والكراهية تجاه المجتمع العربي سواء من قبل المؤسسة الإسرائيلية وسواء من قبل مجتمع الأكثرية اليهودية.
ويهدف الإضراب أيضًا إلى الاحتجاج ورفض الخطوات والقرارات والتصريحات الأخيرة من قبل بعض الوزراء أمثال وزير المواصلات الذي يبغي محو اللغة العربية من على اللافتات، وتغييب التاريخ العربي الفلسطيني وخاصة ذكرى النكبة، من قبل وزير المعارف الذي يعمل أيضًا على عسكرة وتجييش المدارس وتشجيعها للانخراط في الخدمة المدنية والعسكرية، ويريد أن يفرض مناهج دراسية معبأة بالمفاهيم الصهيونية، ومغيِّبة للرواية الفلسطينية.
كما وأشارت لجنة المتابعة إلى أزمة الحكم المحلّي العربي، الذي يعاني من أزمة مزمنة تلقي بظلالها على واقع المجتمع العربي وعلى حقوقه الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية كدافع هام لإعلان الإضراب. ويشار إلى أن اعتقال العديد من الشبان والشابات العربيات وملاحقة ناشطين سياسيين من قبل الشرطة وتعزيز حملات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس، تقع في صلب الدوافع المركزية لإعلان الإضراب.
ما من شك بأن هذه المجموعة من الأسباب والدوافع لإعلان الإضراب هي أمثلة فقط لما جرى في العقد الأخير ضد المجتمع الفلسطيني في الداخل، الذي يعتبر باعتقادي أحد أكثر العقود توترًا منذ النكبة، خصوصًا على أثر حالة الضعف والخوف التي يعيشها المجتمع اليهودي، والذي بدوره يسقط إحباطاته وإخفاقاته على المجتمع الفلسطيني في الداخل.
من خلال هذا الإضراب يحاول المجتمع الفلسطيني إسماع صرخة تجاه المجتمع اليهودي والمسؤولين، كما يسعى إلى إيصال صوته وواقعه للمجتمع الدولي. إن المجتمع العربي يحاول تحدي الواقع الحالي الذي يعزز ويكرّس مكانته المتدنية والتراتبية، وإقصاءه من الحيز العام ومن عملية اتخاذ القرارات، ويمس بشرعية وجوده على أرضه كما يمس بحقوقه الأساسية كمجموعة أصلية أصلانية، وكمجموعة قومية صاحبة ثقافة وتاريخ وطموحات خاصة بها. إن الإضراب يهدف أيضًا إلى توجيه رسالة واضحة وجادة لكل من تسوّل له نفسه أن يبادر إلى مشاريع الطرد والتهجير، بأنه مخطئ وواهم، نحن من هنا، نحن هنا، وسنبقى هنا.
بالإضافة إلى الخطوات التي اتخذتها لجنة المتابعة، يترتب علينا كمجتمع أن ننتهز هذه الفرصة للتفكير مجددًا في استحداث وسائل وآليات نضال جديدة وناجعة، تضمن لنا تحقيق أهدافنا، وإحداث تغيير حقيقي، وتجند المجتمع العربي والتزامه كما وتكسب التضامن الدولي والمحلي. باعتقادي بالإضافة إلى النشاطات والفعاليات التي نقوم بها في بلداتنا العربية، يجب توسيع دائرة الاحتجاج والنضال لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة، فيجب ألا يكون الإضراب مقصورًا على عمال السلطات المحلية والناشطين في الأحزاب ومؤسسات العمل الأهلي بل يجب الوصول إلى العمال والموظفين الذين يعملون لدى مشغّلين يهود، لكي نؤثر على وعي المشغلين اليهود، ولكي نؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي، كما يجب أن نضمن الحماية القانونية للملتزمين بالإضراب، لكي لا يكونوا عرضة للفصل من أماكن عملهم أو حتى تهديدهم بالفصل من قبل مشغليهم.
يترتب على لجنة المتابعة ومركباتها المختلفة أن تبادر لتنظيم مواكب من السيارات والباصات التي تحمل شعارات باللغات الثلاث (العربية، العبرية والانكليزية)، تسير في شوارع البلاد، تبطئ حركة السير من أجل تعريف المجتمع اليهودي بماهية نضالنا ومطالبنا، كما يجب توزيع نص يوضح ويشرح أهداف الإضراب باللغة العربية والعبرية في مفترقات البلاد وخصوصًا في التجمعات السكانية اليهودية.
بالإضافة إلى المسيرة والمهرجان في قرية عرابة، والذي يهدف إلى بناء الأمة، والى إحياء وحفظ الذاكرة، وتقوية العمل الجماعي الوحدوي، حري بقيادات المجتمع العربي أن تعقد مؤتمرًا صحفيًا صبيحة يوم الإضراب في تل أبيب، كما يجب إعداد وثيقة تقدم للسفارات الأجنبية، كما يترتب على لجنة المتابعة إعداد طاقم إعلامي مهني ومجموعة من المتحدثين في وسائل الإعلام العربية والعبرية والعالمية، تحافظ على وحدة الرسائل التي نريد إيصالها، وخصوصًا وأن الإعلام العبري مُجنّد ضد قضايانا.
إن النضال هو مسيرة متواصلة تتطلب الصبر والمثابرة والإرادة، ووضوح الرؤيا، والقيادة المؤهلة والمخلصة، وهي ليست عملًا واحدًا، لذلك يترتب على لجنة المتابعة وضع خطة نضال تتضمن استمرارية تفعيل المجتمع وزيادة حيويته وثقته، ويجب إخراج النضال من حدود القرى والمدن العربية كما يجب العمل على زيادة المتضامنين من المجتمع اليهودي مع قضايانا العادلة، كما حدث في جنوب أفريقيا، والولايات المتحدة الأمريكية حيث تضامن البيض مع السود لإلغاء نظام الفصل العنصري.
المطلوب استثمار هذه الذكرى، مع دلالاتها العالية في خلق وإبداع آفاق وفضاءات نضال جديدة تتيح لنا أن نتقدم باستمرار، وتسمح لنا أن نتحدى حاضرنا الراهن ونغّيره، ونؤسس لواقع جديد.

مقالات متعلقة