الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 07:02

القيادات العربية والمحاكمات السياسية في إسرائيل: هل نحن على شفا مرحلة جديدة؟

بقلم: البروفيسور محمد
نُشر: 19/01/10 14:11,  حُتلن: 14:14

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

* المحاكمات السياسية تهدف إلى تحويل خصوم سياسيين إلى متهمين جنائيين

* من الممكن أن تكون لظاهرة الملاحقة والمحاكمة السياسية تبعات وأبعاد صعبة على مكانة المجتمع العربي وعلاقته بالمجتمع اليهودي

* نأمل أن تلغي المحكمة المركزية قرار محكمة الصلح، وأن تعاد للشيخ رائد صلاح حريتُهُ بممارسة حقوقِهِ بالحركة والتنقّل والدفاع عن معتقداته 

المتابع لسياسات المؤسسة الإسرائيلية، وسلوكياتها تجاه قيادات المجتمع الفلسطيني في الداخل، يخلص إلى نتيجة مفادها أن هناك توجهًا عامًّا آخذًا بالازدياد يهدف إلى إلغاء الشرعية عن القيادات وملاحقتها سياسيًّا وقضائيًّا. والدليل على ذلك، هو التحقيقات المفرطة التي تفتح، ولوائح الاتهام المتزايدة، والمحاكمات التي تدار ضد القيادات السياسية للمجتمع العربي في الداخل. وقد وصل هذا النهج أوجه هذا الأسبوع حين قضت محكمة الصلح في القدس بعقوبة السجن الفعلي على الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية، بتهمة الاعتداء على شرطي.

إن قرار المحكمة، بالإضافة إلى الإجراءات القضائية ضد أعضاء الكنيست العرب على سبيل المثال لا الحصر النائب محمد بركة والنائب سعيد نفاع (وسابقا قضية عزمي بشارة)، وقيادات سياسية أخرى تبعث رسالة واضحة مفادها أن هنالك مساحة ضيقة (ان كانت موجودة أصلا) للاحتجاج وحرية التعبير بشكل عام وحرية التظاهر، بشكل خاص. كما أن هذا القرار يخلق انطباعًا لدى المجتمع العربي بأن المؤسسة "تستخدم" الشيخ رائد صلاح وغيره من القيادات العربية الفاعلة من أجل وصم المجتمع العربي "بالتجريم الجماعي"، وذلك من أجل ردع المواطنين العرب ومنعهم من الاحتجاج ضد سياسات الحكومة في الأراضي الفلسطينية التي احتُلت عام 1967، وعلى رأسها القدس الشريف، أو من النضال من أجل نيلهم حقوقهم المشروعة كمواطنين.

تهدف المحاكمات السياسية إلى تحويل خصوم سياسيين إلى متهمين جنائيين، وذلك من أجل إضفاء الشرعية على السلطة الحاكمة وأفعالها، وكون السلطة تحتكر وتسيطر على وسائل القوة، والموارد العامة، فهي تخضعها لرغباتها ومصالحها السياسية وتوظفها ضد من يتحدى سياساتها.

تختار الأنظمة غير الديمقراطية رموز المعارضة، وتعمل على إذلالها من أجل بعث رسالة تهديد لمؤيديها، وذلك لاعتقادها بأنها، وبواسطة هذا السلوك، تضعفهم وتعزلهم عن مجتمعهم. ولكن من يراجع التاريخ، يتيقن بأن جميع المحاكمات السياسية ضد قيادات لها شأنها تحظى بدعم وتأييد واسع، وقضية عادلة تقويها ولا تضعفها، وفي نهاية المطاف تزيد من حضورها وقيمها ومبادئها وأفكارها، التي تبقى منقوشة بالوعي التاريخي، وتصبح جزءًا من ذاكرة الشعوب.

في السنوات الأخيرة أُطلقت العديد من التصريحات العنصرية ضد المجتمع العربي وقيادته، ولم يحرك المستشار القانوني للحكومة ساكنا، ودائما يرفض فتح تحقيق أو تقديم لوائح اتهام ضدهم، أمثال الراب عوفاديا يوسف، الذي نعت العرب "بأنهم أفاعٍ"، وأفيغدور ليبرمان الذي حرّض على قتل أعضاء الكنيست العرب، وزئيف بويم، الذي قال إنَّ العرب يعانون من "خلل وراثي"، وإيفي ايتام الذي قال "أن العرب سرطان في جسم الدولة.". والقائمة طويلة جدًّا، والأمر ليس مقصورًا على الأقوال، بل انتقل إلى الأفعال أيضًا، بما في ذلك العنف. وإذا لم تكن التصريحات كافيةً، فهنالك مجموعة كبيرة من القوانين، والقرارات العنصرية، التي تُسن وتتخذ من قبل البرلمان والحكومة بالمواءمة، ضد المجتمع العربي.

من الممكن أن تكون لظاهرة الملاحقة والمحاكمة السياسية تبعات وأبعاد صعبة على مكانة المجتمع العربي وعلاقته بالمجتمع اليهودي، خصوصًا أن هذه العلاقة تشهد تأزمًا وتصعيدًا كبيرين في العقد الأخير منذ انتفاضة الأقصى، مرورًا بالعدوان على لبنان، وعلى غزة ومن ثم على أهالي عكا، والاستفزاز من قبل باروخ مارزل وأعوانه بالدخول إلى أم الفحم ورهط. ومؤخرًا الحملة المنظمة لهدم المنازل العربية.

إن الخطوات التي تهدف إلى تضييق حيّز الحراك السياسي، وتضع حدودًا، لا تُطاق، على الحقوق الديمقراطية، بما يتلاءم والإجماع الصهيوني، والعمل الدؤوب على التقليل من تأثير القيادات العربية، هي خطوات خطيرة للغاية، ولا تحقق هدف الحياة المشتركة المتساوية.

ما يثير الاستغراب أيضًا، أنه، ومنذ انتفاضة الأقصى، ورغم مرور السنوات لم تقدَّم لوائح اتهام ضد رجال الشرطة الذين قتلوا 13 شهيدًا، وفي المقابل تعمل الدولة، بسرعة وبجدّ، للتحقيق مع قيادات عربية وإدانتها حتى على أتفه الأمور والأسباب.
وقد رأينا أيضا كيف أن قرار الحكم على الشيخ رائد صلاح قد حرّك أعضاء الكنيست من الأحزاب اليهودية المتطرفة والعنصرية، لاتخاذ خطوات شعبوية والتفوه بتصريحات عنصرية بغيضة... ويبدو أن الحبل على الجرار فيما يتعلق باستهداف قيادات سياسية عربية.

نأمل أن تلغي المحكمة المركزية قرار محكمة الصلح، وأن تعاد للشيخ رائد صلاح حريتُهُ بممارسة حقوقِهِ بالحركة والتنقّل والدفاع عن معتقداته، وإلا فالثمن لتحقيق الحقوق وإرساء القيم الإنسانية بما فيها الحرية والعدل والديمقراطية والحياة المشتركة في هذه الديار ستكون فاتورتها عاليه جدًّا. فهل من سميع؟


 

مقالات متعلقة