الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 11:02

التحولات الاقتصادية والاجتماعية في الوسط العربي في إسرائيل- بقلم: شلومو بوحبوط

كل العرب
نُشر: 04/03/10 12:54,  حُتلن: 14:54

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

*  رياح التغيير ، نحو الأفضل ، تضل متفاوتة من بلدة لأخرى

*  المدارس العربية تتصدر رأس القائمة للتحصيل في موضوعي الرياضيات واللغة الانجليزية

لا بد لمن يتابع التحولات الجارية في الوسط العربي أن تستوقفه الكثير من المعطيات الايجابية، ان كان ذلك في مجال ارتفاع مستوى المعيشة للمواطن العربي أو في تحسن البيئة الاجتماعية والاقتصادية في الوسط العربي ككل . وان كنت أدرك بأن رياح التغيير ، نحو الأفضل ، تضل متفاوتة من بلدة لأخرى، فان حقيقة التغيير الجاري منذ قيام الدولة ، وخاصة بعد الانتهاء من العمل بقوانين الحكم العسكري ، هي ثورة اجتماعية بكل المقاييس!
ليست صيغة المبالغة هي التي أقصدها في تسمية هذا التحول، بل إن هذا التحول بحجمه ومحاوره المتجهة إلى آفاق بعيدة ومرتفعة جدير بهذه التسمية. وليس أدل على هذا التحول إلا المعطيات التي تتوج الإحصائيات المتتالية عن زيادة نسبة الطلاب الجامعيين العرب في الجامعات والمعاهد الجامعية، إن كان ذلك في البلاد أو خارج البلاد. كما وأن تتصدر المدارس العربية رأس القائمة للتحصيل في موضوعي الرياضيات واللغة الانجليزية له دلالاته وهو مؤشر أساسي يعكس التحسن الاجتماعي والاقتصادي الذي طرأ على المجتمع العربي بنفس المقدار الذي يؤكد حجم ما استثمرته الدولة في جهاز التربية والتعليم على مدى العقود الماضية. ليس غريبا، إذا، أن تحتل بعض المدارس الثانوية العربية الأماكن الأولى في معدلات التحصيل في موضوعي الرياضيات واللغة الانجليزية ( صحيفة يديعوت أحرونوت- بتاريخ 4-03-2010 ). إن هذا المعطى مهم جدا، علما بأن الأبحاث تدل أنه كلما ما كان مستوى التحصيل العلمي في المدارس الثانوية مرتفعا كلما ما زادت نسبة الملتحقين بالجامعات من خريجي هذه الثانويات .

 تدني تحصيل الطلاب العرب
على الرغم من ذلك علينا أن نقر بأن متناولية التعليم العالي للطلاب العرب ما زالت أدنى من نسبة الشباب العربي كشريحة سكانية. فقد وصلت نسبة الطلاب العرب في منتصف الثمانينات إلى 7.4% في حين كانت نسبة العرب من الفئة العمرية 18 إلى 22.7% ، بالمقابل فان الأشكناز من الفئة العمرية 18 كانت نسبتهم 19.7% بينما وصلت نسبتهم في الجامعات الى 38.5% . ويكشف هذا الأمر بشكل واضح التباين بين الشرائح الاجتماعية المختلفة في الدولة حث يتموضع العرب في إسرائيل في أدناها من حيث متناولية التعليم. إن هذا التفاوت لا يرجع إلى تدني تحصيل الطلاب العرب بقد ما يرجع الأمر إلى معوقات افتعلتها المؤسسات من خلال أنظمة الإعاقة والتي حالت دون قبول الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية. إلى أن تيسر انتساب الطلاب العرب إلى العاهد الجامعية والتي لا تشترط قبول الطلاب مما مكن المئات من الطلاب العرب إلى الدراسة فيها مع تحسن الإمكانيات الاقتصادية لعائلاتهم.

54% من عرب إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر
إذا ما تناولنا هذه المعطيات بدراسة وتحليلين عميقين، فإننا سنقف على حجم هذه القفزة النوعية للتعليم الأكاديمي لدى العرب في إسرائيل! فمع العلم بأن 54% من عرب إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر فان نسبة الطلاب العرب الدارسين في الجامعات قفزت إلى نسبة تزيد على 11% من مجموع عدد طلاب الجامعات في إسرائيل. وعلما بأن نسبة الطلاب العرب في الجامعات قد تضاعفت خلال العقدين الخيرين، فان الزيادة بنسبة الطالبات في هذه الجامعات سجلت ارتفاعا زاد عن نسبته لدى الطلاب .
هذه النسبة ترتفع فيما لو أخدنا بالحسبان عدد الطلاب الجامعيين الدارسين في جامعات الأردن والذي تخطى هذا العام 7000 (سبعة آلاف) طالب . ناهيك عن الطلاب الذين يدرسون في جامعات أوروبا الغربية والشرقية.

حقيقة وجود الطالب العربي إلى جانب ابن هرتسليا في نفس الحرم الجامعي هو انجاز اجتماعي وسياسي هام
فيما يتعدى ارتفاع نسبة الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية ، فان الإسرائيلية فان الظاهرة الأهم هي انتساب هؤلاء الطلاب للمعاهد الجامعية والتي كانت "حكرا" على أبناء العائلات الميسورة من اليهود ، وخاصة معاهد مركز البلاد، مثل معهد هرتسليا الجامعي ، معهد نتانيا وغيرها. كما أن تواجد هؤلاء الطلاب العرب على نفس المقعد الدراسي إلى جانب الطلاب اليهود ، أدى ،بطبيعة الحال ، إلى بناء علاقات صداقة ومودة بين أبناء الجيل الصاعد من كلا الشعبين، شأنها في النهاية تقريب وجهات النظر واحترام معتقدات الآخر حتى ولو كانت مخالفة لمعتقدات الطرف الثاني . بل إن علاقة التعارف هذه من شأنها أن تساهم في إيجاد فرص للعمل للطلاب العرب ، حيث ما يلبث الطالب اليهودي من تعريف زميله العربي بأماكن العمل المتاحة وقد يتكفل به أساس علاقة المعرفة القريبة بينهما . ما من شك بأن التحصيل العلمي وحيازة الشهادة الجامعية هي أولوية مهمة، لكن حقيقة وجود الطالب العربي إلى جانب ابن هرتسليا في نفس الحرم الجامعي هو انجاز اجتماعي وسياسي هام حتى لو اختلفت عقيدتهما ومعتقداتهما!
إن هذه العلاقات القريبة بين الأكاديميين من العرب واليهود تساهم في إرساء أسس التعاون والانفتاح نحو الآخر، وهذا أكثر ما نحن بحاجته في ظل التجاذبات التي نعيشها. أما على المدى الأبعد فان هذه العلاقات من شأنها أن تضاعف من فرص العمل للخريجين من الأكاديميين العرب ، كما سبق وأشرت .

 المجتمع العربي هو الوحيد القادر تغيير واقعه دون الحاجة لقيادات أو زعامات
إذا ما أخذنا بالحسبان أنه ومن بين 589 عضوا في مجالس إدارة الشركات الحكومية يوجد فقط 47 عضوا عربيا فان دمج الأكاديميين العرب في مجالس إدارة هذه الشركات بل وتعيينهم في وظائف مرموقة في هذه الشركات هو ضرورة يحتمها واقع الحال إذا كنا حقا نقصد ما نتغنى به من مساواة بين العرب واليهود في إسرائيل.
لقد سألني شاب عربي إسرائيلي ، مؤخرا، فيما إذا كنت أتوقع انقلابا في المجتمع العربي الإسرائيلي؟ وهل يستطيع الوسط العربي أن يتغير بقواه الذاتية ؟ أعتقد بأن المجتمع العربي هو الوحيد القادر تغيير واقعه دون الحاجة لقيادات أو زعامات لا يمكنها تحقيق التحولات المرجوة. فالشباب الجامعي هم الآلية لهذا التغيير. وهم قادرون ، إن أرادوا ذلك! 

مقالات متعلقة