للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
التكرار يعلم ليس الحمير فقط، بل ما هو أرقى منها أيضا على الأقل حسب قانون التطور والارتقاء!وبسبب الفشل المتكرر لمؤتمرات سابقة كثيرة رغم الإعلان عن نجاحها ومصافحات المشتركين فيها أمام الكاميرات وظهور أسنانهم الصناعية بعد فركها جيدا، تعلمت ضرورة الإعداد الجيد للمؤتمر الذي حلمت وأحلم وأبشر بعقده منذ سنوات!وكي لا أخدع المساكين المتعجّلين الغارقين في السياسة وكي لا أحمل إثم إضاعة وقتهم الذي يعتقدونه ثميناً!وكي لا يشتمني بعضهم فيخسر حسنات كسبها من صيامه، أصارحهم القول بأن الحديث يدور عن مؤتمرلا شأن ولا علاقة له بالسياسة، فهو مؤتمر للحكي الفاضي لا أكثر ولا أقل!
استشرت مختصين واخترت عشرات الكتب والتسجيلات التي تحكي عن المؤتمرات وكيفية إدارتها وضمان نجاحها،وعلى رأسها توجيه الدعوات بواسطة فتيات صاحبات أصوات مثيرة يلححن بغنج على المدعويين تأكيد الحضور كرمى لعيونهن، كذلك اختيار الأيام الملائمة التي ليس فيها أعراس ومناسبات أو مباريات كرة قدم دولية وساعات الاستراحة ونوع الطعام والشراب الذي قد يرفع أو يخفض المعنويات أو يسبب نعاساً أو نرفزة، وكيفية تنفيس الأجواء كلما شُحنت وذلك بإطلاق نكتة أو تقديم وصلة غنائية أو فطيرة قطائف، واللحظة المناسبة لفض المؤتمر وطريقة تخريبه إذا تحول في غير صالحي مثل إلقاء منفضة أو زجاجة ماء وحتى مكبر الصوت على رئيس أحد الوفود المشاركة، كذلك درست المناورة مع الخصوم وكيفية معانقتهم وتقبيلهم دون التراجع قيد أنملة عن التمني لهم ولشعوبهم حروبا أهلية أو إنفلونزا الطيور وحمى النيل على أقل تقدير!
ليالي كثيرة لم أنم،وكثيرا ما أخبرت زوجتي وهاتفت الأصدقاء أنني بدءا من فجر الغد سأحدد موعد المؤتمر وسأدعو إليه، فتقول زوجتي ..الصباح رباح وتبتسم بسخرية لأنها تعرف أن شجاعتي الليلية تتلاشى مع خيوط الفجر الأولى، أما الأصدقاء وهم بطبيعة الحال أعداء فينصحونني بمحو فكرة المؤتمر من رأسي تماما بحجة النُصح!وأنا أعذرهم لأنهم أبعد ما يكون عن الإبداع، فما بالك بالمبادرة لعقد مؤتمر للحكي الفاضي الأول من نوعه في التاريخ له ما قبله وسيكون له ما بعده! تمضي الأيام ويضيق الوقت ويوحى إليّ فأسأل نفسي متى يصحو الناس من غفلتهم وينظرون الى المرايا فيبصقون على صورهم! متى يأتون إليّ أفرادا وجماعات ليعترفوا بجهلهم وخطئهم إذ رفضوا أو عجز وعيهم عن فهم دعوتي وأهمية عقد المؤتمر! وأعجب لِم لا يقوم علماء وفقهاء الأمة قومة رجل واحد ويعترفون بأنه لن يحل مشاكلنا الإجتماعية والإقتصادية والجنسية وقضية اللاجئين والمستوطنات والإضطهاد والتمييز والجدار العنصري والحروب الأهلية والجوع والأمية وراوتب المستخدمين وما تبقى من القدس والطائفية وأسلحة الدمار الشامل ومزارع الجامعة العربية التجريبية سوى مؤتمر الحكي الفاضي الذي أحلم به منذ سنوات!
رباني والداي سامحهما الله على كلام ذي معنى وثقل واحترام يجب التعامل به مع الناس، وهذا سبب حقدي عليهما وقولي لهما أفٍ على الطالع والنازل! فقط بعد تجاوزي الأربعين تحررت من السلطة الأبوية والأموية(من أم) وأفقت كأنما من غيبوبة لأكتشف أهمية الكلام الفارغ في حياة البشر والذي لو اتبعناه جميعا لأنقذنا أنفسنا والآخرين من كوارث فظيعة حدثت فقط بسبب الكلام الجدي والمتزن، وبالتأكيد ستحدث فظائع أكبر ما لم نحوّل كل جهودنا وطاقاتنا الى الثرثرة وطحن الحكي!
بعد يأسي من الأصدقاء بُحت بفكرة عقد المؤتمر لأشرس أعدائي والذي أثق به أكثر من ثقتي برفاق الدرب!
فقال لي دون أن ينظر الى وجهي لشدة كراهيته وحقده..أيها الحشرة أمهلني أسبوعا وسآتيك بالخبر اليقين!
قبل نهاية الأسبوع التقيته على مزبلة المدينة توفيرا لمصاريف المقهى والأرجيلة، وبعد أن تبادلنا البغضاء والشحناء وتنخّعنا وتففنا عشرات المرات تجاه بعضنا قال مبتهجا ...أبارك لك بالفكرة..لن ينقذ الأجيال القادمة من الكوارث التي نعيشها وسوف نعيشها سوى الحكي الفاضي، يسرني أن أكون شريكك في المؤتمر، شرط الإعداد الجيد لضمان نجاحه وإلا سيشمت أصدقاؤنا بنا، وأنت تعرف أن شماتة صديق واحد أقسى على القلب من شماتة ألف عدو! فقلت وقد غمرتني مشاعر الرضى ..نطقت صدقاً يا ابن الزانية..أيها الوغد الحقير..فعلا لا نجاح للمؤتمر بدون عدو خبيث حقود وخنزير مثلك!
تفّ على وجهي فرددت بالمثل ومضينا مستبشرين!
بدأت وعدوي العزيز تنظيم ورشات تدريب تحت شعار- أنا تافه إذاً أنا موجود- وكان علينا بذل جهد كبيرلإقناع المشاركين بتفاهتهم وتفاهة أهاليهم ومعلميهم الذين أوهموهم بأن لهم قيمة تذكر علما أن لا أحد منهم يسوى مِلء أذنه بصاقا! وأثبتنا لهم بالأدلة العلمية والعملية القاطعة أن الكلاب الجعارية أفضل وأرقى منهم ومن أمهاتهم!
بعد الكربلة والغربلة اخترنا أكثرهم خسة وانحطاطا وثرثرة للمشاركة في المؤتمر!
هكذا تفاءلنا جدا بنجاحه واتفقنا على موعده وأسميناه.. "مؤتمر الخريف لطق الحنك" ولكن ما فتئت الغيرة كالعادة أن فتكت بقلوب بعض الأصدقاء فبدأوا بالتشويش والتخريب،وقد نجحوا بتفجير الخلاف بيني وبين عدوي العزيز على الموقف من الكشرة، ففي حين رأيت أنها أمر طبيعي بحكم إنسانيتنا وبشريتنا وقد تنتج عن ألم وخذلان ووجع، فقد اعتبرها وسيلة مقاومة تخفي تحتها نوايا سيئة وتحريضا على العنف واللاسامية ورفضا للسلام!
واصلنا اجتماعاتنا أنا وعدوي الحبيب على مزبلة المدينة بحضور عقيلتينا اللتين كانتا تتدخلان لتطرية الأجواء بشتائم مستوحاة من الكتب المقدسة ترافقها ابتسامات ألكترونية عريضة وتبادل للصفع بالصرامي ، ودارت نقاشات ماراتونية وتدخلت جاهات من أتفه خلق الله ومحترفي اللماظة الى أن اتفقنا بأن الكشرة غير مستحبة ويجب الإلتزام بالإبتسامات والقبلات أمام الكاميرات حتى لو تفحمت قلوبنا حقدا،ولكن بما أنه من الجائز حدوث الكشرة بشكل فجائي نتيجة غضب أو ألم مفاجئ وخوفا من الإلتباس قررنا تأجيل البت في قضية الكشرة ومن ثم تأجيل المؤتمر الى الشتاء ضمانا لنجاحه!
واصلت الجهود حتى تتطابق وجهات النظر تماما مع قرارات المؤتمر لأن الفشل إذا حصل لا سمح الله قد يكون محبطا للجماهير المتعطشة للكلام الفارغ، وخصوصا أنه سيكون مؤتمر"الحكي الفاضي"الأول من نوعه في التاريخ،والذي سينبثق عنه مؤتمر"طقع الكلام الأفضى من الفاضي"الذي سيعقد بعد خريفين، وكل هذا إعداداً لمهرجان الترّهات والهراء الدولي الكبير الذي سيقام بعد خمس سنوات تحت رعاية نخبة من أشرف المومسات المتفيهقات والمتشدقات والمتفوقات بطق الحنك على الساحة الدولية!