للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
محمود صالح عودة في قملاه:
الزمن الذي كانت تضحك فيه إسرائيل على العالم قد ولّى
الرفض الإسرائيلي المتكرر للجان التحقيق الدولية، وفرضها على خدّامها الأعراب - وأولهم سلطة المقاطعة الفلسطينية
بعد انكشاف طبيعتها أمام العالم إثر الاعتداء الهمجي الذي قام به جيشها على أسطول الحرية، ونتيجة الضغوطات الدولية وبالأخص التركية عليها، قامت إسرائيل بإنشاء لجنة تحقيق خاصة بها حول الأحداث التي تمت منتصف العام الحالي. جاء ذلك بعد رفض المؤسسة الإسرائيلية اللجوء إلى لجنة تحقيق دولية بحسب طلب تركيا، التي ضحّت بـ9 شهداء قُتلوا على يد الجيش الصهيوني، إذ لا تعتبر تركيا لجنة التحقيق الإسرائيلية نزيهة، كونها منشأة من قبل الحكومة الإسرائيلية التي دافعت بشدّة عن مجزرة أسطول الحريّة.
"تيركل" مولود لعائلة نمساوية متديّنة محافظة
إختارت السلطة الإسرائيلية الحاكم السابق في المحكمة العليا ياعكوف تيركل رئيسًا للجنة بعد بضعة أيام من وقوع الاعتداء. "تيركل" مولود لعائلة نمساوية متديّنة محافظة، قدمت لفلسطين من خلال الهجرة اليهودية للبلاد في أوائل القرن الماضي، إذ يُعرف "تيركل" في الوسط القضائي على أنه "الحاكم الديني" في المحكمة العليا، ويعتبر نفسه "حريصًا" على حرية التعبير.
ذكر نائب رئيس "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" البروفيسور مورديخاي كرمنيتسر، أن "تيركل" ليس متخصصًا بالقضاء الدولي، الذي هو مجال التخصص المطلوب لإجراء تلك التحقيقات، وأنه لا يملك "السمعة" اللازمة لرئاسة لجنة التحقيق. من جانبه، ذكر أرييه أفنري رئيس حركة "أومتس" المختصة بـ"نزاهة القضاء الإسرائيلي"، أن بعض التصريحات التي قام بها "تيركل" قبل قيام التحقيق توحي بأن "اللعبة مبيوعة ونتائجها معروفة مسبقًا".
وممّا يدل على المذكور آنفًا، هو كون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أول من أدلى بشهادته أمام اللجنة، حيث قام بسرد موقف الحكومة الإسرائيلية بالكامل حول قطاع غزة وحكومة حماس، مشيّدًا بـ"الديمقراطية الإسرائيلية" ومحذّرًا من الأخطار التي تهدّد إسرائيل، ولم يقاطعه أحد من أعضاء اللجنة خلال إلقائه كلمته.
التنازل عن التحقيقات
أمّا حين جاء دور الشيخ حمّاد أبو دعابس رئيس الحركة الإسلامية (الفرع الجنوبي)، ورئيس لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل السيد محمد زيدان للإدلاء بشهادتهما، أصبحت أكثر الأسئلة استنكارية وليست استفهامية وكأنها أصبحت لجنة اتهام، فقد قام أحد أعضاء اللجنة بتوبيخ زيدان بعدما نفى رؤيته "بأم العين" أي مواد غذائية على متن السفينة، وهو أمر واضح كون الأغذية والأدوية تخزّن بأماكن مخصصة لها. جدير بالذكر أن أبو دعابس وزيدان اعتبرا لجنة التحقيق غير شرعية ورفضا المثول أمامها - ونشيّد بموقفهما - إلا أن المؤسسة الإسرائيلية ألزمتهما بذلك. إن الرفض الإسرائيلي المتكرر للجان التحقيق الدولية، وفرضها على خدّامها الأعراب - وأولهم سلطة المقاطعة الفلسطينية - التنازل عن تلك التحقيقات، مستقوية ببعض الأنظمة الغربية بقيادة الإدارة الأمريكية، يوضّح مدى العربدة الذي وصلت إليه المؤسسة الإسرائيلية.
مقارنة إسرائيل بمعظم الأنظمة العربية
من زاوية أخرى، من المؤسف مقارنة إسرائيل بمعظم الأنظمة العربية، إذ مع كل سيئات إسرائيل، فهي تقوم بالتحقيقات – وإن اختلفنا بمدى نزاهتها وحقيقة غايتها - عند الحاجة، بيد أن معظم الشعوب المقموعة تحت أنظمة الاستبداد العربي لا تحلم باليوم الذي تقوم فيه أنظمتهم بتحقيقات أدنى من تلك بكثير، نظرًا لغرق أنظمتها بالفساد المالي والسياسي والأخلاقي، وانبطاحها الانتحاري للأهواء الصهيو-أمريكية.
إن الزمن الذي كانت تضحك فيه إسرائيل على العالم قد ولّى، ولن تجديها تفعًا التحقيقات "المسرحيّة" التي تقوم بها، ولن تتحسّن صورتها أمام العالم ولو بذلت المليارات – وهي تبذل – من أجل ذلك، لأن طريقها يزداد سوادًا، وممارساتها على أرض الواقع لا تبشّر بخير ولا بسلام واهم، بل تنذر بخطوات مستقبلية أسوأ.