الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 02:02

والله هرمنّا يا استاذ.. فشة خلق يكتبها سعيد بدران

كل العرب
نُشر: 10/05/11 17:48,  حُتلن: 19:05

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

سعيد بدران:

لقد هرمنّا يا استاذ وضاعت تلك الاعلام بين الايام وتلاشت تلك الاحتفالات القسّرية بين صفحات الماضي

قبل عدة ايام التقينا شلة من ذلك الزمن الغابر وعدنا بالذكريات الى تلك الايام فتذكر احدنا أن احد المدرسين كان يمر بين صفوف الطلاب الجالسين على الكراسي بالساحة متفقداً انضباطهم

 هناك في ذلك الزمن الغابر كنّا اطفالا صغارًا نطيع أمر الوالي ونمعن باظهار سيمات الانتماء لكلمة "الكبير" ونبجل حتى العبادة كل من علمنا حرفا حتى لو اثخن بالعصي على ظهورنا وايدينا ومؤخرتنا ضربا وايلاماً..
عشية كل مناسبة عيد استقلال نتذكر تلك الايام "السعيدة" وكيف كنّا نعمل فيها كخلية النحل دون تعب أو ملل أو كلل، ونتذكر كيف كنّا نحرص على تزيين الصفوف بسلاسل الاعلام الزرقاء البيضاء في الصفوف وفي ساحة المدرسة وكنّا ننتظر بفارغ الصبر بدء ساعة الاحتفال التقليدية التي كانت تشرف عليها ادارة المدرسة ..ونتذكر كيف كانت تتوافد كبار الشخصيات المدعوة من البلدة الصغيرة الوادعة الى ساحة المدرسة للمشاركة الضرورية والقسّرية ربما في هذا الاحتفال وليتبوؤا الصفوف الامامية أما نحن نحن الطلاب فكنّا نجلس في الصفوف الخلفية ونتمنى ان تصلنا قطعة حلوى أو كاس من العصير التي كانت من نصيب المدعوين الكبار..
كنّا نجلس ننتظر اللحظة التاريخية وعيوننا ترنو افقيا نحو السماء من الجهة الشرقية منتظرين بفارغ الصبر ظهور الاستاذ ليطل علينا متقدماً ببطئ شديد وهو يحمل العلم الكبير ليغرسه في قعر البرميل المثبت بشكل دائم على سقف المدرسة وليعلن بهذا استقلال الدولة وبدء الاحتفال رسمياً وكنّا نرافق هذه اللحظة التاريخية وقوفاً على الارجل وبالتصفيق الحاد ..
وكانت تبدء الفعاليات المختلفة ومنها المسرحيات والغناء من قبل جوقة المدرسة التي كانت تنشد بشكل سنوي دائم هذه الاغنية التي مطلعها :
بعيد استقلال بلادي غرّد الطير الشادي
وعمت الفرحة البلدان حتى السهل والوادي
بينما يردد الكورس الفقرة والفقرة كلمات هههههه ههههه هههههه مرفق بالتصفيق.
وبما انني لم أحظ بصوت جميل كسائر ابناء الحمولة المليئة بمطربي الحفلات ورغم ذلك حدث ما لم يكن متوقعا اذ ضمّني الاستاذ لجوقة الاستقلال مكرهاً واذكر ذات مرة واثناء التحضيرات ومراجعة الاناشيد ضبطت نائما على مقعد الدراسة ولم اكترث حتى بصورة هرتسل التي كانت معلقة في صدر حائط الصف ، فعوقبت بتثبيتي بالجوقة ووقع علي ّ الاختيار ان اردد اللازمة بين كل فقرة واخرى هههههه ثلاثة مرات ومع التصفيق انا وزميل آخر..
قبل عدة ايام التقينا شلة من ذلك الزمن الغابر وعدنا بالذكريات الى تلك الايام فتذكر احدنا أن احد المدرسين كان يمر بين صفوف الطلاب الجالسين على الكراسي بالساحة متفقداً انضباطهم ومدى جديتهم وتفاعلهم عند التصفيق ومن لم يعجبه اداءه كان ينهره بالقول آمراً " صفّق يا كلب" ..
لقد كبرنّا يا استاذ..
لقد هرمنّا يا استاذ وضاعت تلك الاعلام بين الايام وتلاشت تلك الاحتفالات القسّرية بين صفحات الماضي ..
رحم الله تلك الايام ورحم الله البرميل ..
 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:
alarab@alarab.co.il
 

مقالات متعلقة