للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
أ.أنصار توفيق وتد:
لماذا لا نملّ من زرع الشُكوك ورسم مَلامح السُخرية والريبة في رموز أمتنا العربيّة الفكريّة والعلميّة؟
لماذا نلجأ دوماً إلى نعتِ أنفسنا بالعجز وقلّة الحيلة ذاك الشعور السلبيّ الذي يتنامى عند الفرد فيبدأ بالتفكير في الخطأ والتركيز عليه؟
لوحة 1
جلسَ سعيد مع أفراد أسرته لمشاهدة التلفاز. في أحد البرامج الوثائقيّة تم عرض سلسلة من الاختراعات العلميّة الحديثة. نظر سعيد إلى والده قائلاً بسخريته المعهودة :" شوف شو بعملو الأجانب! أمّا إحنا عبث... بس للأكل!! عود كبريت أو رباط بوت مش عارفين نعمل!!".
لوحة 2
كان أبو سعيد مع ولدِه في المَشرى القريب في المدينة المُجاورة. مرّت من أمامهما امرأة يهودية تُلاطف ابنها، وإذا بسعيد يقولُ لوالده ساخراً (يضحك): "شوف يابا الجمال واللُطف... هيك الإميات والزوجات ولاّ بلا!! ولا شو بتفرِق عن أمي... إحنا عنّا العربيّات غير شكل!!".
--------
--
يُؤسِفني ما أسمعه من مقولات السخرية من الشخصيّة العربيّة بشكل خاصّ ومن الأمّة العربيّة بشكل عامّ. إنّ السخرية تُنافي ما يوجبه الحقّ، وهي ظلم قبيح؛ يقول الله تعالى:"يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرُ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ "[ الحجرات:11]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ"؛ فهذه مِن المنكرات الاجتماعيّة التي لها أثر كبير في تمزيق الروابط الأسريّة بخاصّة، والاجتماعيّة بعامّة، وتشقيق جسدها ، وبذر بذور الحقد والضغينة فيها، وهو ما لا يرضاه المولى عزَّ وجلَّ، وهو ما لا يجب أن يظهر في المجتمع الاسلاميّ والعربيّ.
إنّ ما يجري عند الشعوب العربيّة لا يستحق تلك النظرة التفاؤلّية التّامّة، لكنّ ذلك لا يعني أن نجرّد ثقافتنا وأمتنا العربيّة مِن أيّ نقاط ضوء مُشرِقة؛ لنتقوقع في بوتقة جَلْد ذواتنا بسياط السخرية والعِتاب، وكأنّنا لا ننتمي إلى دين أو ثقافة أو تراث؛ يشهد لها التاريخ بومضات وإشراقات تستحق مناّ شعور فخر وانتماء! لماذا نلجأ دوماً إلى نعتِ أنفسنا بالعجز وقلّة الحيلة؛ ذاك الشعور السلبيّ الذي يتنامى عند الفرد؛ فيبدأ بالتفكير في الخطأ والتركيز عليه؟
لماذا لا نبحث عن التفكير الناقد الإيجابيّ البنّاء؛ فنلتمس فيه مواطنَ ضعفنا بموضوعيّة ونعمل على مواجهتها وتحسينها؛ لنرتقي بأنفسنا وسلوكياتنا وأمتنا العربيّة كَكُلّ إلى ذؤابة النجاح؟
لماذا نتغنّى بشخصيات؛ مثل: توماس أديسون، وأينشتاين، ووليام هارفي، والأخوين رايت، ونحفظ سيرهم وقصصهم ونفخر بإنجازاتهم ولا نذكُر أبا الهيثم، وابن النفيس والفارابي، وابن سينا، وعباس بن فرناس وغيرهم مِمّن شهدَ لهم التاريخ وأعطاهُم كثيراً من التقدير؛ بينما لم نمنحهم، نحن؛ أيّ تقدير؟! لماذا لا نملّ من زرع الشُكوك ورسم مَلامح السُخرية والريبة في رموز أمتنا العربيّة الفكريّة والعلميّة؟
لماذا نسخر من أمهاتنا ونسائنا مِمّن يُزَيّن العفافُ والوقارُ ملامحَهن، ويسهرن الليالي في الدعاء والابتهال إلى الله؛ ليتغيّر الحال إلى أفضله. لماذا نرى في نساء العالم الأخريات تحضّرًا ورُقيًّا؟
قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "؛ لا بدّ لنا من صحوة إسلاميّة؛ من تغيير جذريّ؛ من وعي تامّ، وكأنّي بقول الشاعر:
قلت الحياة هى التحرّك لا السكون ولا الجمود
وهى الشعور بالانتصار ولا انتصار بلا جهـود
هى أن تذود عن الحياض وأيّ حرّ لا يــذود
نعم هذا هو الحلّ؛ حلّ عقدة النقص التي أصابت بعضنا...الصحوة المصحوبة بوعي تربويّ، والعمل في سبيل التقدّم المُشْرِق...
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net