الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / نوفمبر 02:02

لمى عبد الهادي تمضي اجمل ايامها في المانيا بين دراسة الطب وموهبة الكتابة

اجرت اللقاء :
نُشر: 14/05/13 21:05,  حُتلن: 08:36

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

لمى عبد الهادي:

الغربة تثري الفرد وتغنيه كثيرًا

كان لعمي فضل كبير في انصهاري في المجتمع الالماني سريعًا

خلفية الفرد مهمة في تعريفهم في أي مكان ولا سيما في هذا البلد

نشأت في جو سياسي بحت وكلا والديَّ يعشقان القراءة بل وأقول انهما قارئان عنيفان ومن هنا بدأ حب القراءة والأدب يتسلل الى قلبي

أحب أن أتفرغ بعدها لإستكمال كتابة رواية ونشر بعض من كتاباتي وبالتأكيد سوف أتابع تخصصي هنا في ألمانيا في موضوع الجراحة الجلدية

الشابة لمى سليمان عبد الهادي (25عامًا) من مدينة الناصرة، تدرس موضوع الطب في المانيا (سنة خامسة) برفقة خطيبها واختها يارا. التحقت بجامعة يوستيس ليبيج في مدينة جيسين الواقعة في محافظة هيسين اللألمانية عام 2008. إن طموحات لمى لا تقف عند التخرج من كلية الطب وممارسة عملها مستقبلاً كطبيبة، إنما في ثنايا ليلها ومن خلف ستارغربتها تكمن موهبة كبيرة تصاحبها منذ نعومة أظافرها. لمى ترتشف حلو الرحيق وعذبه عندما تخلو الى نفسها تكتب قصصها واشعارها.

 

ولكن في بدء محادثتي الهاتفية معها طلبت منها إخباري عن بداية مشوارها الذي آل بها الى دراسة موضوع الطب في المانيا، فقالت:
لمى: لقد أنهيت المرحلة الثانية في مدرسة مار يوسف في الناصرة عام 2006. ومن ثم إشتغلت مدة سبعة اشهر في ترويج برنامج الكتروني كان من إنتاج الشبيبة المحلية خصيصًا للمدراس في البلدة. ومن ثم تفرغت للتحضير لامتحان البسيخومتري وحصلت على علامة أهلتني لموضوع المحاماة في جامعة حيفا. غير أن أبي كان عنده فكرة أخرى، قام بعرضها علي، وهي السفر الى الخارج ودراسة الطب في المانيا، خصوصًا وانه كان لي عم يعيش فيها منذ 15 عامًا. فكان رايه نظرًا لان المحاماة بدت موضوعًا قلّت فرص العمل فيه. هذا من جانب، ومن جانب اخر، كان ولا يزال والدي يعتقد أن الغربة تثري الفرد وتغنيه كثيرًا، وتنمي فيه صفات وميزات جمة، ما كان ليتمتع بها إن لم يذق طعم الغربة المر العذب في آن. كما وانها تفتح عيني المرء على أفكار وآليات وتقنيات وأساليب حياة جديدة، قد يفيد وطنه وبلده من خلالها. فالعوامل الحياتية، منها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية قد تحصر المرء وتقيد فكره. بينما السفر الى محيط جديد قد يحرره من هذه القيود وينطلق حرًّا يعوم في سماء لا حدود لها.

ليدي: هل نفهم من قولك انك أجبرت على دراسة الطب؟
لمى: كلا، البتة. بعد قبولي لموضوع المحاماة في جامعة حيفا وعرض والدي بالسفر، وقفت حائرة أمام مفترق قد يحدد حياتي من بعد. إما الطب او المحاماة. ولكني اقتنعت بوجهة نظر والدي كثيرًا وزاد على ذلك تشجيع عمي الذي عمل في ميونيخ، ففي بضعة اسابيع وجدت نفسي في ميونيخ مع عمي أدرس اللغة الألمانية. كان لعمي فضل كبير في إنصهاري في المجتمع الألماني سريعًا. فقد علمني كيف تصير الأمور هنا إجتماعيًّا. على الرغم من ذلك، واجهت صعوبة، إذ لم أتعرف على طلاب عرب مثلي. إلا أن ذلك تغير بعد مرور ثلاثة اشهر، فقد تعرفت على صبايا وشباب من مختلف دول العالم العربي. وكان الأمر جديدًا للغاية. اذ اننا عرب ال-48 منعزلون عن هذا العالم بعض الشيء، فكان الأمر مثيرًا بأن أتعرف على ثقافات كالمغربية والليبية والسورية عن قرب.

ليدي: بعد دراسة اللغة قمت بالتسجيل للجامعات، صحيح؟
لمى: نعم. بعد إنهائي دراسة اللغة الألمانية أواخر عام 2007 قمت بالتسجيل للجامعات المختلفة، والتي تدرس الطب. إن بداية السنة في موضوع الطب تكون إما في نيسان عند بعض الجامعات، والبعض الاخر يبدأها في تشرين الاول من كل عام. غير أن عدد الجامعات التي تبدأ سنة الطب في نيسان كان 6 مقارنة ب25 التي تبدأ بتشرين. الأمر الذي زاد من حدة المنافسة بين الطلاب المتقدمين لدراسة الموضوع. وعلى الرغم من المنافسة الشديدة تم قبولي في جامعة يوستوس ليبيج في مدينة جيسين.



ليدي: لمى لقد كنت محظوظة أن كان لك عم في المانيا ساعدك في الإنصهار مع المجتمع الألماني وعلمك كيفية عمل المؤسسات وغيرها ولكن هل ثمة حركات طلابية او مؤسسات تقدم الدعم للطلاب الفلسطينيين الجدد الأقل حظًا والقادمين للدراسة في المانيا؟
لمى: لست على علم بحركات او جمعيات فلسطينية تقدم المساعدة والإرشاد للطلاب الفلسطينيين القادمين للدراسة في المانيا. في الأعوام التي درس فيها عمي هنا، كانت حركات طلابية تدعم الطلاب العرب وتقيم الحفلات الشعرية والأمسيات الموسيقية على خلاف الوضع الان. فقد تكون هذه الأمور شبه معدومة. حتى انني لا اسمع عن فعاليات للجالية الفلسطينية كأقلية في المجتمع الألماني بتاتًا.
إلا انه وبحسب النظام الجامعي في مختلف الجامعات الألمانية، تتواجد مؤسسة تدعى "الاستا" تعمل على تقديم المساعدة المادية والإجتماعية لجميع الطلاب، سواء كانوا ألمانيين او أجانب. ومن ضمن هيكل هذه المؤسسة، تعمل مؤسسة أخرى تدعى الASV والتي يكون تخصصها بتقديم الدعم والمعونة للطلاب الأجانب. يتم إنتخاب ممثلين يتركز جل عملهم في إقامة دورات إرشاد تعرف الطلاب الجدد على الجامعة، وإدارة جلسات سياسية نقاش وفعاليات أخرى مختلفة.

ليدي: أخبريني كيف كان وقع خبر وفاة طالبة الطب سعاد حمزة (في المانيا) في نفسك ونفس اهلك؟
لمى: حسنا، إن أثر مثل هذا الخبر كان عظيمًا جدًّا في نفوس الجميع. وخاصة الطلاب الذين يدرسون في المانيا واهليهم. فإن أبسط الأمور كالخروج للتمشي منفردة، صار أمرًا صعبًا ومخيفًا بعد أن كان أمرًا عاديًّا جدًّا. فمنذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها هذا البلد وانا اشعر بالأمان، لم اشعر أبدًا بأي أخطار محدقة او تنتابني أية مخاوف أبدًا. ولكن منذ وفاة سعاد، ونحن نحسب ألف حساب لضمان أماننا. خاصة وأن الأشخاص الذين نسكن معهم غرباء لا نعرف عنهم شيئًا، ولا نعرف عن خلفياتهم أو ثقافاتهم او تاريخهم شيئًا. كما وأن الأهل واجهوا صعوبة أكبر عند سماع هذا الخبر. فهم في نهاية الأمر بعيدون آلاف الأميال عن أبنائهم الذين يريدون أن يضمنوا أمنهم وأمانهم.

ليدي: كيف يتعامل الألمان مع الأقليات وخصوصًا الفلسطينية؟
لمى: إن خلفية الفرد مهمة في تعريفهم في أي مكان ولا سيما في هذا البلد. فبمجرد أن يلمح الألمانيون الشعر الاسود ينهالون عليك بالسؤال من اين انت؟ انا أعرف نفسي على انني فلسطينية، خلافًا لتعريف البعض على انهم اسرائيليون فحسب. ولا شك بأن الشباب ألماني المطلع على تاريخ منطقتنا، يعلم أن ثمة فلسطينيين داخل حدود دولة اسرائيل. وبدون شك نحس بتعاطفهم نوعًا ما معنا. غير أن غالبية الشباب الألماني غير مثقف سياسيًّا وحتى انه لا يتابع الإنتخابات المحلية في بلده.



ليدي: حدثيني عن خططك للمستقبل؟
لمى: في آب من هذا العام، سوف أبدأ سنتي الأخيرة وهي السنة التطبيقية او الستاج. ولكنني أحب أن أتفرغ بعدها لإستكمال كتابة رواية ونشر بعض من كتاباتي. وبالتأكيد سوف أتابع تخصصي هنا في ألمانيا في موضوع الجراحة الجلدية.

ليدي: حدثيني أكثر عن كتاباتك.
لمى: لقد نشأت في جو سياسي بحت وكلا والديَّ يعشقان القراءة، بل وأقول انهما قارئان عنيفان. ومن هنا بدأ حب القراءة والأدب يتسلل الى قلبي. فصرت، منذ كنت صغيرة، أكتب الأشعار وألقيها في حفلات التخرج وما إلى ذلك. وقد تنوعت كتاباتي بعد ذلك ما بين القصص والنصوص المنفردة والأشعار. غير أني منذ عام 2008 أعمل على كتابة رواية تتحدث عن حقبة زمنية، تجمع ذاكرة ثلاثة أجيال. تروي فيها شابة مشاهد تعتقد انها من سرد خيالها، لتكتشف بعد حين انها تسرد صورًا من ذاكرة أمها التي فقدتها اعوامًا طويلة قبل ذلك. يتطلب الامر وقتا طويلاً، خصوصًا انني لا اتفرغ للكتابة الا قليلاً في هذه الايام.
 

ليدي: هل لديك نصيحة تقدمينها للطلاب المغتربين في المانيا او غيرها؟
لمى: هي ليست نصيحة بل عتب. انني اعتب على شبابنا المغترب من عرب ال48 الذي ما عاد يعرف هويته. فقد التبس الأمر على كثير من طلابنا الذين يعرفون أنفسهم على انهم اسرائيليون. فكثيرًا ما اقول في نفسي، البداية سيئة ولكن قد تأتي التتمة وتصلح الأمر، ولكنها للأسف في غالبية الأحيان لا تأتي أبدًا. فلا ذكر للهوية الفلسطينية عند هؤلاء البتة. وان هذا امر محزن كثيرًا. ولا ادري ما هو الدافع وراء ذلك حقيقة. هل هو جهل بهويتنا، ام يعتقد هؤلاء ان تعريفهم بانهم اسرائيليون قد يجعلهم اكثر حضارة في نظر الاخر، او انهم يتشاركون مع الغرب قواسم كثيرة؟!
ليدي: شكرا لك وبالتوفيق.

مقالات متعلقة