للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E
تلجرام t.me/alarabemergency
هل نستحق خبرا على شاشة التلفزيون تحت عنوان عاجل عاجل عاجل! وهل كل قتيل يستحق مثل هذا الترف! وهل تلفت نظر المشاهد الكريم جثة بالضبط مثلما تلفته جثة أخرى !أم أن هناك جثثا لا تستحق التوقف عندها، وهناك أخرى عليها القيمة وتستحق التأمل وحتى الصبابة عليها من كل الجهات!
دماء العراق وفلسطين جارية بلا انقطاع و لهذا فقد الخبر العاجل فيهما قيمته، ولكن لو تعطل القتل والانفجارات واكتشاف المقابر الجماعية لمدة يوم كامل، حينئذ لا بأس من عاجل عاجل عاجل..ذكرت مصادر أمنية عراقية أن أربعا وعشرين ساعة مرت على العراق بدون قتلى أو جرحى أو تفجيرات أو أعمال عدائية من أي طرف كان...أو عاجل عاجل عاجل...ذكرت مصادر موثوقة أن أربعاً وعشرين ساعة مضت لم يبلغ فيها عن مقتل أو جرح أو اعتقال أي فلسطيني! الحكم بالسجن على يمني لمدة خمسة عشر عاما بتهمة اغتصاب طفلة ادعى أنه تزوجها ودفع مهرها لوالدها، خبر كهذا يستحق وقفة ومحاورة ومواجهات بين مفكرين ومحللين عسكريين وسياسيين لتوضيح سبب ما حدث في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة!
فقدت عبارة عاجل عاجل عاجل إثارتها في العراق وفلسطين، ولهذا لا بأس من إعادة النظر بالأمر، وبدلا من عاجل عاجل عاجل من المفروض أن نرى.... بائت بائت بائت...عندما يتعلق الأمر بمقتل عراقيين أو فلسطينيين! بل ممكن استنباط خبر مثل.... ثلاثة قتلى وعشرة جرحى على الأقل في غارة إسرائيلية من المتوقع أن تقع قبيل ظهر يوم الغد...
أما عندما يقتل جندي أو مستوطن إسرائيلي فهذا بالفعل يستحق عاجل عاجل عاجل، وحتى الإصابات الطفيفة في الجانب الإسرائيلي لها قيمة وتستحق تصنيفها ضمن مجموعة عاجل..
يوم الثلاثاء الأخير نشرت صحيفة يديعوت الإسرائيلية على صفحتها الأولى صورة طفل يهودي في الثالثة من عمره جرح بسبب صاروخ قسام، ظهر الطفل في الصورة معافى فاتحا عينيه الخضراوين وفي فمه لهاية،بدا عاديا مثل أي طفل عاتب على أمه لأنها منعته من غرس أصابعه في شعرها! طبعا سررنا لنجاته فلا أحد يتمنى سوءاً لطفل حتى لو كان من ظهر زعيم فاشي! فالطفل طفل ولو بين الفاشيين ربى!
الصحيفة وبّخت الرئيس الأمريكي الأسبق ذا الفضل العظيم على اسرائيل والذي طوّع لها مصر وحيّدها...كارتر.. أنظر الى عيني هذا الطفل...موبخة إياه بسبب لقائه بقادة حماس.
مهم جدا عدم اعتياد مشهد طفل جريح، ولكن كل طفل وليس الإسرائيلي فقط، هذا الإعلام نفسه يمر بعشرات الجثث الممزقة من أطفال الآخرين دون أن يرمش له جفن!
أما المصابون بجراح خفيفة من الأطفال العرب في مثل حالة هذا الطفل اليهودي فهم لا يُحسبون أصلا،وكأن جرح عشرات الأطفال العرب هو أمر عادي وطبيعي ومحتمل ومقبول ولا أحد يطلب من أحد النظر الى عيونهم التي انطفأ منها الكثير، نعم لا يستحق الضحايا العرب عبارة..عاجل عاجل عاجل إلا بعد حدوث مجزرة حقيقية!
ولكن ما هو موقفنا نحن العرب! ألم نسهم في تحويل جرحانا وقتلانا الى أرقام!عندما يكون الإنسان رخيصا على أهله فلا يمكن أن يكون غاليا عند الآخرين.
قيمة الإنسان العربي متدنية جدا داخلياً أي بين أبناء قومه، ولهذا تكون قيمته كذلك خارجياً، حوادث القطارات المتكررة وغرق العبارات وانهيارالمنازل كما في مصر والتي تحصد المئات تمر مرور الكرام، الموت المجاني الذي استمر لسنوات طويلة في الجزائر، في العراق هبطت قيمة الإنسان الى الحضيض مثل الدينار العراقي وهذا يحدث في معظمه باسم الدين والولاء لمذهب أو لشخص، وفي فلسطين يقتل العشرات وترتكب المجازر بينما المفاوضات مستمرة كأن شيئاً لم يحدث،الأمر الذي لا يعني سوى رخص البضاعة وتحول الإنسان جسدا وروحا إلى رقم!
سوف نستحق خبرا عاجلا فقط عندما نعطي الإنسان قيمته التي يستحق، نحترم خلق الله، ونرفض الاعتياد على القتل والموت في القطارات والعبارات وبسبب تأخر سيارات الإسعاف والإهمال الطبي أو النقص في الدواء، نستحق عاجل عندما يحمي القانون الضعفاء قبل أن يحمي الأقوياء وأصحاب النفوذ، عندما نقلب طاولة المفاوضات مع أي عدو يقتل عربياً فلا مفاوضات مع القتل،عندما يحفظ حق العامل بالإضراب للمطالبة بحقوقه دون أن يُضرب ويهان ويقطع رزقه أو يدعى الى التحقيق كما حدث للشابة المصرية إسراء! نستحق خبرا عاجلا عندما نحمي بقوة القانون طفلة مثل نجود محمد علي اليمنية ابنة الثامنة من والدها ويُسجن المجرم الذي يصر على أنه زوجها بتهمة الإغتصاب،ونمنع وسائل الإعلام من نشرصورة طفلة اغتصبت على الملأ،أما في حالتنا الراهنة فما نراه ليس سوى كوابيس من أخبار بائتة...بل وخالص تاريخها كمان!