الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 21:01

ما أعظمه من دين؛ فاظفر به!/بقلم: الشيخ نائل فواز

كل العرب
نُشر: 29/12/13 18:10,  حُتلن: 09:04

للإنضمام الى مجموعة الأخبار >> whatsapp.com/channel/0029VaPmmw0FMqrR6DDyOv0E تلجرام t.me/alarabemergency

الشيخ نائل فواز رئيس الحركة الاسلامية في أم الفحم:

ما اعظم تلك المشاهد التي ستبقى في الذاكرة يوم أن تشاهد طفلا لم يبلغ السابعة من عمره يقدِّم ما ادَّخر من أموال لأهله في بلاد الشام ويقدِّمهم على نفسه

أيُّها الغنيّ إن لم تكن من الذين يُسَخِّرون النعم لمنافع العباد فما أتعسك! وإن لم تبذل في حاجات المحتاجين فاحذر زوال النعم! واعلم أن في مالك حقًّا للسائل والمحروم إن لم تقم به قام به غيرك 


قبل أيام حدثت كارثة بيئية بسبب عاصفة ثلجية ضربت منطقة الشرق الاوسط، ممّا تسبّب بأضرار جسيمة لأهل هذه المنطقة، وبخاصة اللاجئين المشرّدين من أهل الشام، والمحاصرين من أهلنا في القطاع، وأهلنا الثابتين في أرضهم في النقب الصامد؛ وعلى أثر هذه الأحداث هبّ المسلمون في بيت المقدس لنصرة وإغاثة اخوانهم المستضعفين والمتضرِّرين والمنكوبين والمحاصرين ملبين نداء الواجب تجاه اخوانهم ومقتدين بقول الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}، وعملا وترجمة صادقة لمعنى الجسد الواحد الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى».

وما اعظم تلك المشاهد التي ستبقى في الذاكرة يوم أن تشاهد طفلا لم يبلغ السابعة من عمره يقدِّم ما ادَّخر من أموال لأهله في بلاد الشام ويقدِّمهم على نفسه، أو أن تشاهد تلك المرأة المسلمة العفيفة الشريفة تقدِّم ذهبها نصرة وفداء لحرائر الشام وأخواتها من أهل "غزة العزة"!  وما أروعه من موقف أن ترى الرجال يتنافسون في ميادين الخير ويقدِّمون ما ادَّخروا من أموال فيقدمونها عن طيب نفس فداء ومحبة لأهلنا في النقب الصامد؛ فقلت في نفسي ما أعظمه من دين وما أكبره من مجتمع!
وبهذه المناسبة الطيبة والمباركة أودُّ أن أهمس في آذان الأغنياء، وأقول: ( بالشكر تدوم النعم ).

عمل الخير
يقول عليّ بن أبي طالب: (ليس الخير أن يكثر مالك، ولكن الخير أن يكثر عملك، ويعظم حلمك، ولا خير في الدنيا إلا أحد رجلين: رجل أذنب ذنوبًا فهو يتدارك ذلك بتوبة، أو رجل يسارع في الخيرات، ولا يقل عمل في تقوى، وكيف يقل ما يتقبل)
ليس من الخير أن يكثر مالك دون أن تستعمله في الخير، بل الخير أن تسارع به في الخير، تضرب في كل فضل بسهم، وتعود من كل برٍّ بغنيمة، لا يفوتك مشهد من مشاهد العطاء، ولا تفتقدك مواطن البر والوفاء.
يقول النبي : «إن لله (عزّ وجلّ) خلقًا، خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله)؛ فهل أنت أيها الأخ الغني الذي أعطاك الله من فضله ممن خلقهم الله لحوائج الناس؟ وهل أنت ممن يفزع الناس إليهم، أم ممن يفزع الناس منهم؟ وهل أنت ممن يطمعون في الأمن من عذاب الله؟! أم أنّك من الآمنين من مكر الله؟!
وأُذكِّرك مرَّة أُخرى بما ورد عن النبيِّ الكريم: «إنّ لله قومًا يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرُّها فيهم ما بذلوها، فإن منعوها نزعها منهم، فحوّلها إلى غيرهم) .
فهل أنت ممن يبذل في ميادين البر حتى تكون من المحمودين الذين يزيدهم الله من فضله؟ {ولئن شكرتم لأزيدنكم} (إبراهيم:7)، ومن شكر النعمة بذلها في المستحقين من أهلها، وكما قيل: (بالشكر تدوم النعم)، وهل يَسُرُّك أن تتحول عنك النعم إلى غيرك؟!
أيُّها الغنيّ، إن لم تكن من الذين يُسَخِّرون النعم لمنافع العباد؛ فما أتعسك! وإن لم تبذل في حاجات المحتاجين؛ فاحذر زوال النعم! واعلم أن في مالك حقًّا للسائل والمحروم، إن لم تقم به قام به غيرك، وآلت أموالك إلى البوار، وتعامل مع المال وفق رؤية القرآن؛ فهو وإن كان باسمك ظاهرًا، فإن حقيقة ملكيته لله.
وتذكَّر فضل إدخال السرور على المسلم، ومن أحب الأعمال التي يُتقرَّب بها إلى الله إدخال السرور على القلوب بأيَّة وسيلة، وبأيَّة صورة، وبأيِّ لون من ألوان القربات؛ وهذا هو جوهر رسالة الإسلام.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كربًا، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا».
وفي الحديث عن أبي هريرة عن النبيِّ، قال: «من نَفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»
وقد نذر الصالحون أعمارهم لفعل الخير، وتمنوا على الله لو طالت بهم الآجال في قضاء حوائج الناس.
قال أحد الصالحين رحمه الله رحمة واسعة : (يا ليت لي نفسين: نفسًا تجاهد في سبيل الله، ونفسًا تسعى للمسلمين في حوائجهم).
هذا وأسأل الله عز َّوجلّ أن يبارك للمسلمين في أموالهم ، وأن يوسع عليهم من فضله ، وأن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يفرج كرب أهلنا المسلمين المستضعفين المبتلين في كل مكان؛ والله على كلِّ شيء قدير.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة